في عالمنا العربي اليوم، أصبحت الأخطاء الإملائية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وكأنها سمة من سمات العصر. من الرسائل النصية على الهاتف إلى التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، نلاحظ أن الأخطاء الإملائية تتساقط كما تتساقط أوراق الشجر في الخريف، ولكنها لا تختفي بل تبقى معلقة في السماء الرقمية. لنكن صرحاء، يبدو أن بعض الناس قد قرروا أن القواعد الإملائية مجرد "زخرفة" لا فائدة منها، وأن الكتابة الجيدة تحتاج إلى مجهود كبير، بينما يكفيهم أن يضغطوا على أزرار الكيبورد ببعض العشوائية. هل تعلم أن البعض يكتب "إن شاء الله" هكذا؟ نعم، كأنها عبارة تتنقل بين مخلوقات فضائية، بينما الصحيح هو "إن شاء الله"، فهل هو تكاسل أم استهانة بقواعد اللغة؟ وفي ميدان الحروف المتناثرة، يتبارى البعض في اختراع كلمات جديدة لا وجود لها في قاموس اللغة العربية، مثل "مبروك عليك" بدلاً من "مبروك لك"، أو "فيما يخص" بدلاً من "فيما يخصّ". ومن يُنبههم؟ "آه، ما في داعي" كما يقولون، لأن الأخطاء الإملائية أصبحت شائعة بحيث يكاد الجميع يراها على أنها "موضة". لا عجب أن تكون اللغة العربية اليوم في حالة شبه إغماء، إذ تتصارع الحروف والكلمات في الفضاء الإلكتروني في معركة غير متكافئة، يقتل فيها التشكيل، وتضيع فيها النقاط. وفي النهاية، يبدو أن القاعدة التي يحكم بها الكثيرون هي: "اكتب كما تشاء، والمهم أن يصل المعنى، فالأخطاء الإملائية مجرد زينة لا تعني شيئاً". لكننا، كعرب نحب لغتنا ونقدسها، نعتقد أن العودة إلى الأساسيات، ومراجعة القواعد الإملائية، ربما يكون الحل قبل أن نرى هذه اللغة العريقة تُدفن تحت كومة من الحروف المفقودة. أكرم خوجة