تُعد رؤية السعودية 2030 خارطة طريق نحو المستقبل المشرق، تسعى من خلاله المملكة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة عبر بناء اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، ولعل أهم ركائز هذه الرؤية هي تعزيز العمل والإنتاجية، وتشجيع روح المبادرة والابتكار، لتُمكِّن كل فرد من الإسهام في بناء مستقبل واعد لوطنه الكريم. تُشجع رؤية السعودية على تنويع مصادر الدخل الوطني، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس، مما يتطلب من الشباب استكشاف فرص عمل في القطاعات الواعدة، مثل التقنية والابتكار والسياحة، مع التركيز على تطوير مهاراتهم وقدراتهم لتلبية متطلبات سوق العمل، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وزيادة الإنتاجية في جميع القطاعات، بالإضافة إلى دور القطاع العام والخاص والقطاع الثالث في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتسهم في خلق فرص عمل جديدة مع توفير بيئة عمل مناسبة لتحقيق تنمية بشرية شاملة، مع بذل الأفراد قصارى جهدهم في سبيل تطوير مهاراتهم "فلا يُنال المجد بالراحة". العمل والاجتهاد هما المحركان الأساسيان لبناء الحضارات وتوفير حياة كريمة للفرد والمجتمع، فالعمل ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق وتلبية الحاجات المادية، بل هو أسلوب حياة يعزز الاستقلال المادي والتنمية الشخصية وفرصة لاكتساب مهارات جديدة، كما يمنح الشعور بالإنجاز والرضا والسعادة وبالتالي يعزز ثقة الفرد بنفسه، أيضا يساعد على الاندماج في المجتمع والتفاعل مع الآخرين بما يسهم في بناء العلاقات الاجتماعية وتكوين شبكة من المعارف. وقد شجع الدين الحنيف على العمل بوصفه وسيلة لتحقيق الذات وخدمة الآخرين، وفي توجيه رسولنا الكريم عليه أتم الصلوات التسليم بقوله لرجل أتاه يطلب المال: اذهب فاحتطب وبع، وفي حديث آخر (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه). ولا يمكن تحقيق النجاح دون اجتهاد مستمر وعمل دؤوب، إضافة إلى تخطيط وتنظيم للوقت والموارد، فعلى الفرد تطوير ذاته وتوسيع معارفه عبر الضرب في الأرض والبحث عن كل ما يمكن به تطور نفسه، فالشخص المجتهد يواجه التحديات بروح إيجابية ويستفيد من الفرص التي تظهر أمامه، مما يجعل حياته أكثر إنتاجية وإبداعًا. كما يجب على الأفراد تشجيع روح الابتكار والإبداع في مجال عملهم، والبحث عن حلول مبتكرة للتحديات التي تواجههم والالتزام الجاد والمثابرة لتحقيق أهدافهم، بالإضافة إلى المشاركة في البرامج التطوعية التي تسهم في خدمة المجتمع، مما يعزز روح التعاون والتكاتف، فكما قال العالم إسحاق نيوتن: النجاح يحتاج منا ثلاثة أمور: العمل ثم العمل ثم العمل، والعمل يبدأ بالعلم والعلم يبدأ بالقراءة، وأمة لا تقرأ لن تنال المجد ولن ترتقي. طلب الرزق الحلال وتطوير المهارات هما مسؤولية كل شباب الوطن، فالأنبياء والرسل كانوا يقومون بمهن وأعمال بالإضافة إلى وظيفتهم الأساسية الدعوة إلى الله وهداية الناس، فسيدنا موسى عليه السلام كان راعياً، وسيدنا نوح كان نجاراً، وسيدنا إدريس خياطاً، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عمل في التجارة قبل البعثة، لذلك العمل الشريف والكسب الحلال يعكسان القيم الإنسانية التي حرص الأنبياء على ترسيخها، وكما يقال: الحركة بركة والعمل عبادة.