اليوم، تقف خمس عشرة امرأة سعودية مبدعة وأحلامهن على أعتاب النجاح في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، حيث يشاركن في ورشات العمل والحلقات النقاشية وأنشطتها المتنوعة، بعد رحلة شغوفة باتجاه الطموح في عالم السينما على متن "برنامج صانعات أفلام المستقبل في السعودية"، الذي وصل محطته الأخيرة بعد "13" أسبوعًا. لأول مرة، تخطو نخبة من النساء السعوديات المبدعات على السجادة الحمراء، في أحد مواقع التراث العالمي بجدة المصنّفة من قبل "اليونسكو"، بثقة وشغف، يحتفين بصناعة الأفلام وسط حضور عالمي من صانعي الأفلام والمبدعين. الأضواء مسلّطة على المواهب السعودية والعربية، في مشهد قد يشكّل بداية طريق النجاح المهني للمرأة السعودية التي تسعى لكسر قيود الطموحات التقليدية. هذا الحدث يعكس رؤية "صندوق نتفليكس لدعم المواهب الإبداعية" ورسالة شراكاته في العالم العربي، بالتعاون مع قطاع الصناعات الإعلامية في نيوم وسرد. ومن أبرز تجليات هذه الشراكة، إطلاق برنامج "صانعات أفلام المستقبل في السعودية" في أغسطس الماضي، الذي يمثّل منصة حقيقية لدعم وتمكين المواهب النسائية الشابة في صناعة الأفلام. لم يُقدم هذا البرنامج فرصة للتعلم والتطور في بيئة ملهمة جمعت الإبداع والدعم التقني، أو مكّن المشاركات من اكتساب خبرات جديدة لتطوير أفكارهن إلى صناعة الأفلام، فحسب؛ بل زوّد قطاع السينما حديث العهد في المملكة بإمكانات ذهنية وإبداعية حيوية جديدة، من شأنها توسيع دائرة الضوء المسلّطة على المجتمع السعودي، ومعالجة هواجسه وطموحاته بعين المرأة السعودية السينمائية وأفكارها ومواقفها وإبداعها، لتكن حاضرة بقوة لقول كلمتها، بمنظور نسائي مميز، فتسهم بشكل فعّال في تشكيل الثقافة السعودية، وسط التطورات الملحوظة في هذا السياق، والتي تظهر إحدى صورها في "رؤية المملكة 2030" حيال الاهتمام بمجال صناعة الأفلام وتمكين المرأة. شرّع برنامج صانعات أفلام المستقبل في السعودية أبواب الطموح والشغف على مصراعيه أمام النساء السعوديات الطامحات إلى طرق أبواب العمل في مجالات جديدة، جريئة، مثل السينما، للتعبير عن مواقفهن وعرض رؤاهن حيال المجتمع السعودي بشكل خاص، والإقليمي والعربي وحتى العالمي عمومًا، كما قدّم البرنامج فرصًا كبيرة للنجومية والانتقال بصانعات أفلام المستقبل من السعودية إلى العالمية، ممهدًا الطريق أمام كل امرأة سعودية لحمل طموحها على محمل الجدّ فإمكانية تحقيقه عالية جدًا، بوجود مبادرات نتفليكس وشراكاتها في الشرق الأوسط كما مع نيوم وسرد، إيمانًا منهم بأن صناعة الأفلام ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة فعّالة للتعبير عن القيم الثقافية والاجتماعية وتوثيق تجارب الشعوب، وتقديم الدعم اللازم للنساء السعوديات، ليصبح لهن دور فاعل في مجتمعهن، بحيث يُسهمن في إعادة تعريف صناعة الأفلام السعودية برؤى نسائية ملهمة. هذا وقالت أماني الجميل، إحدى المشاركات في البرنامج: "البرنامج كان تجربة مهمه للغاية بالنسبة لي وفرصة عظيمة أتيحت لسيدة في عمري، تعلمت منها أشياء كثيرة، كانت خارج تصوراتي في صناعة السينما وأخرجتني من دائره التفكير المحدود في مجال يعتبر نقلة نوعية في حياتي المهنية، بالإضافة إلى فتح آفاق كبيرة في لقاء قامات وعلاقات مهمة في الصناعة هذا على الصعيد المهني أما على الصعيد الشخصى، فأنا استمتعت بهذه التجربة لاقصى درجة وأصبح لي أصدقاء وصديقات وبنات وأخوات أضافوا حيوية وطاقة وشغف، ماجعلني أغتنمتها فرصة وخطوة مهمة في حياتي". بينما يتعزز طموح المرأة السعودية في المساهمة في صياغة مستقبل صناعة الأفلام في المملكة من خلال رؤية 2030، التي تعتبر هذه الصناعة من أكثر الفنون تأثيرًا في المجتمع الحديث، وعنصرًا أساسيًا في الترفيه. وعلى الرغم من حداثتها، فقد حققت خلال الأعوام القليلة الماضية قفزات نوعية في مجالي التسويق والإنتاج السينمائي، مما يعزز تطلعها لتحقيق عائدات تصل إلى مليار دولار من شبابيك التذاكر بحلول عام 2030، حيث إن دعم الوجود النسائي المؤثر في صناعة الأفلام لا يشكل مرحلة آنية أو طارئة لنتفليكس وشركائها الإقليميين، إذ أطلقت مؤخرًا بالشراكة مع الصندوق العربي للثقافة والفنون - آفاق، مبادرة "مختبر الفيلم القصير لصانعات أفلام صاعدات"، وهي مبادرة جديدة ترمي إلى تقديم التدريب والتطوير المستمرين لأكثر من 25 صانعة أفلام عربية واعدة من المقيمات في المملكة والإمارات ومصر والأردن والكويت، وذلك في سياق عمل "صندوق نتفليكس لدعم المواهب الإبداعية" الذي استهدف عام 2021 استثمار 100 مليون دولار على مدار خمس سنوات لدعم المواهب الإبداعية، وهو جهد مخصص لتحديد فرص العمل وتوفيرها للجيل القادم من المواهب من المجتمعات غير الممثلة بالقدر الكافي حول العالم. يذكر: أن "برنامج صانعات أفلام المستقبل في السعودية" نفّذ على مرحلتين، إذ بدأت المرحلة الأولى بدورة تمهيدية افتراضية في سبتمبر وامتدت لعشرة أيام، خصص نصفها الأول للمهارات الكتابية، فيما خصص الثاني للإخراج والإنتاج. وتم في المرحلة الثانية تقسيم المشاركات إلى مجموعات بحيث يمكنهن المشاركة في برنامج الكتابة المتقدمة عبر الإنترنت، ومنحت المشاركات بعد ذلك فرصة عرض السيناريوهات على لجنة من الخبراء في تمرين محاكاة لتقديم العروض في مهرجان "البحر الأحمر السينمائي الدولي، حيث لا يقتصر على تمكين المرأة السعودية من تطوير مهاراتها التقنية والإبداعية، بل يسهم أيضًا في إدماجها ضمن شبكات مهنية تمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا لصناعة الأفلام في المملكة".