الأمم المتحدة تدعو لمساءلة مرتكبي الانتهاكات السابقة تهافت سوريون مبتهجون صباح الاثنين إلى ساحة الأمويين في دمشق للاحتفال بسقوط بشار الأسد، بعد رفع حظر التجول الليلي الذي فرضته فصائل المعارضة، وفق ما ذكر صحافيون في وكالة "فرانس برس". وأعلنت فصائل المعارضة المسلحة الأحد إسقاط بشار الأسد بعد "هروبه" و"بدء عهد جديد" لسورية، إثر دخول قواتها دمشق فجر الأحد عقب هجوم سريع أنهى حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود. تجمّع عدد من مقاتلي المعارضة في ساحة الأمويين، انضمّ إليهم في الصباح سوريون جاؤوا بسياراتهم ليعبروا عن فرحتهم. وقالت ريم رمضان (49 عاما) التي تعمل في وزارة المالية من ساحة الأمويين "شعورنا لا يوصف لأننا لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن نتخلص من هذا الكابوس". وأضافت المرأة "منذ 55 عاما، نخشى أن نقول أي كلمة، حتى في البيت نخفّض أصواتنا، نقول إن الجدران لها أذنان". لا يزال الدخان يتصاعد من حيّ مجاور يضمّ مباني المقرّات الأمنية التي اندلعت فيها حرائق الأحد. وقال عبدالمنعم نقلي (40 عاما) "لا يوجد خوف الحمد لله، كل الأمور بخير في البلد، لكن نتمنى أن تمشي عجلة الاقتصاد ونحن بألف خير". وأغلقت المؤسسات العامة من بينها المدارس، بينما انتشر مقاتلون من هيئة تحرير الشام حول البنك المركزي السوري في وسط العاصمة. وبدأت الحياة تعود تدريجيا إلى شوارع العاصمة، وفتحت بعض المتاجر أبوابها. وقال عامر الدباس (61 عاما) "حاليا الحمد لله، أمورنا بخير، غادرنا الهم والاكتئاب (...). ننتظر الآن أن تتحسّن الأمور تدريجيا". إلى ذلك قال مصدر في مصرف سورية المركزي ومصدران من مصرفين تجاريين لرويترز أمس الاثنين إن المصرف المركزي والمصارف التجارية في سورية ستستأنف العمل اليوم الثلاثاء وإن الموظفين مطلوب منهم الذهاب إلى العمل. ويأتي ذلك بعد أن أطاحت قوات المعارضة السورية بالرئيس بشار الأسد. وقال المصرف المركزي في منشور على فيسبوك في وقت سابق أمس الاثنين إن ودائع المواطنين السوريين في جميع المصارف العاملة آمنة. وأضاف "نؤكد للأخوة المواطنين المتعاملين مع جميع المصارف العاملة بأن ودائعهم وأموالهم الموضوعة لدى تلك المصارف آمنة ولم ولن تتعرض لأي أذى". "المساءلة" عن جرائم الماضي قال مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الاثنين إن عملية الانتقال السياسي في سورية بعد سقوط بشار الأسد يجب أن تشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة حكمه، ودعا إلى حماية الأقليات. وأوضح تورك في مؤتمر صحافي في جنيف "لقد شهدنا الإطاحة بنظام بعد عقود من القمع الوحشي وبعد ما يقرب من 14 عاما من النزاع المستمر". وقال إن "عملية الانتقال السياسي يجب أن تضمن مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة ومحاسبة المسؤولين عنها". وشدد على أنه "علينا أن نحرص على محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، سواء كانوا الحكومة السابقة أو الرئيس أو غيرهم، ولكن أيضًا جميع المسؤولين الآخرين عن الانتهاكات، وسيكون هذا عنصرا أساسيًا في العملية الانتقالية". وفي هذا الصدد، قال إنه "من الضروري الحفاظ على جميع الأدلة بدقة لاستخدامها في المستقبل". ورأى أنه من "الضروري" إصلاح "الجهاز الأمني" وشدد على أهمية "الاستجابة لمأساة المفقودين". وسقط نظام بشار الأسد الأحد بعد هجوم خاطف شنته فصائل المعارضة المسلحة وأنهى حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود اتسمت بالقمع، وبعد نزاع طويل خلف أكثر من 500 ألف قتيل. وقال تورك "يجب اتخاذ كل التدابير لضمان حماية جميع الأقليات وتجنب ردود الفعل العنيفة والأعمال الانتقامية". وأضاف أن "السبيل الوحيد للمضي قدما هو أن تكون هناك عملية سياسية وطنية تنهي سلسلة المعاناة وتلبي تطلعات جميع السوريين وتضمن الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وتضميد الجراح والمصالحة". وأشار المفوض السامي إلى أنه "من الضروري أن يكون احترام حقوق الإنسان لجميع السوريين في صلب هذه العملية، من خلال المشاركة الهادفة والشاملة، لا سيما للنساء والشباب"، مؤكداً أن مكتبه جاهز لدعم المرحلة الانتقالية. البحث عن المعتقلين تتواصل في سورية عمليات بحث مكثّفة عن معتقلين في زنزانات تحت الأرض في سجن صيدنايا، أكبر السجون السورية الذي تفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب، بينما تستمرّ الاحتفالات في دمشق بسقوط حكم بشار الأسد في أعقاب هجوم خاطف نفّذته فصائل المعارضة. وغداة نقطة تحوّل تاريخية مع انتهاء حكم عائلة الأسد الذي امتدّ أكثر من نصف قرن في سورية، أرسلت منظمة "الخوذ البيضاء" فرق طوارئ إلى سجن صيدنايا الواقع على بعد ثلاثين كيلومترا من دمشق، "للبحث عن أقبية سرية داخله يُتوقع وجود معتقلين فيها". وقالت المنظمة إنّ الوحدات التي أرسلتها "تضم فريق بحث وإنقاذ وفريقاً لنقب الجدران وفريقاً لفتح الأبواب الحديدية وفريق كلاب مدربة، وفريق إسعاف". الأسد يفر ذكرت وكالات أنباء روسية أن الأسد الذي حكم سورية بيد من حديد طيلة 24 عاما، اتجه إلى موسكو مع عائلته بعد فراره من البلاد في مواجهة الهجوم الخاطف الذي بدأته فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام في 27 نوفمبر. غير أنّ الكرملين رفض تأكيد وجوده على الأراضي الروسية. من تركيا المجاورة أيضا تدفّق الكثير من السوريين العائدين إلى بلدهم عبر بوابة جيلفي غوزو الحدودية. وقال حمد محمود (34 عاما) الذي جاء من إسطنبول حيث عمل في مطعم، "أنتظر هذه اللحظة منذ 14 عاما، كنت أريد أصبح طيارا، اضطُررت للتخلّي عن كلّ شيء. كنّا نواجه كلّ المجرمين، الأسد والروس والإيرانيين". حماية جميع الأقليات يعدّ الهجوم الذي شهدته سورية غير مسبوق باتساع نطاقه منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد في العام 2011 والتي قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول إلى نزاع دامٍ أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتسبب بدمار واسع. وخلال تقدم الفصائل من معقلها في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، أعلنت إطلاق سراح عدد من السجناء "المحتجزين ظلما" في عدد من السجون الحكومية. وبعد ساعات من الإطاحة بحكم الأسد، وصل قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى الجامع الأموي في دمشق، حيث أشاد بالنصر "التاريخي". وقال الجولاني الذي بدأ باستخدام اسمه الحقيقي أحمد الشرع "هذا النصر يا أخواني تليد للأمة الإسلامية بأكملها، هذا النصر يا أخواني تاريخي للمنطقة". وأضاف "اليوم تتطهّر سورية"، مشددا على أنّ "هذا النصر بعذابات الناس الذين قبعوا في السجون وقام المجاهدون بتحريرهم بكسر القيد رغما عن أنف الطاغية". وفي وقت سابق، طلب أحمد الشرع من مقاتليه الابتعاد عن المؤسسات العامة التي ظلت تحت إدارة رئيس الوزراء حتى "التسليم الرسمي" للمقار الحكومية. في دمشق، اقتحم متظاهرون مواقع رمزية لحكم الأسد، كما تعرّض مقر إقامته للنهب وأُتى حريق على جزء من القصر الرئاسي. وفي مختلف أنحاء البلاد، أسقط متظاهرون تماثيل للرئيس المخلوع ووالده حافظ الأسد الذي حكم سورية من العام 1971 حتى وفاته في العام 2000. وجاء ذلك بعدما انهارت القوات الحكومية في مواجهة هجوم استمرّ عشرة أيام، وتنازلت خلاله لفصائل المعارضة عن مناطق واسعة ومدن كبرى، في حلب (شمال) وحماة (وسط) ودرعا (جنوب) وحمص، قبل التنازل عن العاصمة. ووسط التقدّم السريع الذي أحرزته فصائل المعارضة، قُتل 910 شخصا على الأقل، بينهم 138 مدنيا، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد الاثنين إلى مقتل "11 مدنيا بينهم ستة أطفال، جميعهم أفراد عائلة واحدة، جراء استهداف طائرة مسيّرة تركية لمنزل في قرية المستريحة في ريف عين عيسى شمال الرقة ضمن مناطق الإدارة الذاتية" الكردية. خطوة محدودة ومؤقتة ينقل الهجوم الذي نفّذته فصائل المعارضة سورية إلى مرحلة جديدة من عدم اليقين. وفيما رحّبت العديد من الدول بسقوط الأسد، حذّرت من الانجراف نحو التطرّف. وبموازاة حالة عدم اليقين هذه، بدا واضحا تخلّي روسيا عن الأسد بعد سنوات من الدعم الذي قدّمته له. ووفقا لخبراء، فإنّ مردّ ذلك تركيز موسكو على أوكرانيا الذي ترافق مع ضعف إيران و"حزب الله" نتيجة المواجهة مع إسرائيل. من جانبها، دعت تركيا التي تدعم فصائل معارِضة وتستضيف ملايين اللاجئين السوريين على أراضيها، إلى "تشكيل حكومة تضم الجميع". كذلك، أعلنت فرنسا أنّها ستربط دعمها للانتقال السياسي ب"احترام" حقوق النساء والأقليات والقانون الدولي. على الجانب الإسرائيلي، أعلن وزير الخارجية جدعون ساعر أن السيطرة على المنطقة العازلة على طول الحدود مع سورية هي "خطوة محدودة ومؤقتة اتخذناها لأسباب أمنية". وبعد سقوط حكم الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد انهيار اتفاق "فض الاشتباك" للعام 1974 مع سورية بشأن الجولان، وأمر الجيش ب"الاستيلاء" على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوة الأممالمتحدة. احتلت إسرائيل القسم الأكبر من مرتفعات الجولان خلال حرب العام 1967 ثم ضمتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ومنذ العام 1974، كانت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم "يوندوف"، تنظم دوريات في المنطقة العازلة. السوريون يعودون لممارسة حياتهم اليومية (رويترز) الصفحات الأولى لبعض الصحف الصربية التي تهيمن عليها قصص عن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد (أ ف ب) البنك المركزي السوري يعاود العمل اليوم (أ ف ب)