واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، ارتكاب المجازر بحق النازحين في قطاع غزة، وذلك مع دخول الحرب على غزة يومها ال424 على التوالي، وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي لمنازل المدنيين والمناطق المأهولة والمدارس ومراكز الإيواء، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى. وشن الطيران الإسرائيلي، سلسلة غارات على دير البلح ورفح، ومدينة غزة وعلى خانيونس جنوب القطاع، كما قصفت المدفعية وأطلقت النار بمنطقة الصفطاوي شمال غرب مدينة غزة، ومشروع بيت لاهيا، ومخيم النصيرات. وأقدم الجيش الإسرائيلي على نسف مبانٍ سكنية في حي الجنينة شرقي مدينة رفح جنوب القطاع، وقصف مربعات سكنية ومحيط مراكز الإيواء في جباليا وحي الصبرة ودير البلح. ومع استمرار ارتكاب المجازر بحق المدنيين والعلميات العسكرية للجيش الإسرائيلي، تتفاقم معاناة المرضى والجرحى في القطاع، في ظل انعدام الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية لتطبيب جراحهم وآلامهم. وأكد مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، أن «200 شهيد ما زالوا تحت أنقاض منازل دمرها الاحتلال شمال قطاع غزة خلال ال 48 ساعة الماضية». إلى ذلك توافق وفدا حركتي «فتح» وحماس»، على مقترح مصري لتشكيل لجنة تتولى إدارة قطاع غزة تحمل اسم «لجنة الإسناد المجتمعي»، في نهاية سلسلة لقاءات عقدت بالعاصمة المصرية القاهرة. وقال مسؤول في حركة «فتح» إن وفد الحركة سيعود إلى رام الله لبحث المقترح مع الرئيس محمود عباس، مشيراً إلى أن هناك توافقاً مبدئياً على قبول المقترح. وأشار مسؤولون في حركة «حماس» إلى أن الحركة وافقت على المقترح لأنه «يشكل دعماً إنسانياً لأهالي قطاع غزة». وبحسب مسؤولين في الوفدين، فإن اللجنة المقترحة تتشكل بموجب مرسوم صادر عن الرئيس، وتكون الحكومة الفلسطينية مرجعاً لها في الشؤون الإدارية والمالية والرقابية والقانونية. وقال المسؤولون إن اللجنة تتولى توفير وتوزيع المساعدات الإنسانية، وإدارة الشؤون المدنية، وإدارة معبر رفح الحدودي مع مصر، كما كان معمولاً به في العام 2005، والإشراف على عملية إعادة الإعمار. وقال عضو في وفد حركة «فتح»: «نحن نسير في الاتجاه الصحيح». وتتكون اللجنة من 10 إلى 15 عضوًا من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءة والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية، وتمتلك الخبرات والقدرات والتخصصات المتنوعة لإدارة العمل العام في كافة المجالات. بدوره، قال القيادي بحماس محمود مرداوي والمتواجد بالقاهرة، إن «عمل اللجنة المقترحة سيتطرق لموضوع المعابر وتسهيل الإغاثة»، مؤكدًا أن «الحديث عن تشغيل معبر رفح في صلب المناقشات، ولكن لا يمكن أن يحدد تاريخ بشأن تلك الخطوة، والأمر متعلق بمجمل شؤون قطاع غزة، والأمور تسير بشكل إيجابي، وستنضم كل الفصائل إلى الحوار». وتابع قائلاً: «سنزيل كل عقبة إن وجدت لتحقيق تطلعات شعبنا، ولا يوجد أي شيء يجعل الفلسطينيين سببًا في عدم وقف الحرب»، مضيفًا أن «كل الفصائل ترفعت، وتقف كتفا بكتف وعلى قدميها، وبمسؤولية عالية تجاه متطلبات اللحظة الراهنة، ولن تقبل لأي عقبة أن تقف في وجه إزالة كافة ذرائع الاحتلال للتنصل من إنهاء الحرب». وفيما يتعلق بمستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار، لفت مرداوي إلى أن هناك حراك كبير من طرف الاحتلال في هذا الشأن، لأن مبررات استمرار الحرب سقطت، وسط حالة غضب دولية، جراء عمليات الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة. وأفاد بأن «حماس لم تتلقَ حتى اللحظة عروض جديدة، لكنها مستعدة للذهاب في اتجاه اتفاق 2 يوليو، الذي أقره مجلس الأمن الدولي، وبُني على أساس مقترح إسرائيلي وقتها، ووافقت عليها المنظومة الدولية، قبل أن يفشله قادة الاحتلال لاعتبارات خاصة». وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة عن استشهاد وفقدان أكثر من 3700 فلسطيني فضلا عن 10 آلاف جريح و1750 معتقلا، خلال 60 يوما من التطهير العرقي الإسرائيلي المستمر بمحافظة شمال غزة. وقال المكتب الحكومي في بيان الثلاثاء: «على مدار 60 يوماً يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا بريا وجويا وبحريا وبشكل مُركَّب ومكثف على محافظة شمال قطاع غزة». وأوضح أن العدوان الإسرائيلي بشمال القطاع طال «جباليا المخيم وجباليا البلد وجباليا النزلة ومدينة بيت حانون وبيت لاهيا ومشروع بيت لاهيا ومحيط هذه المناطق». وذكر البيان أن «العدوان الإسرائيلي المتواصل راح ضحيته أكثر من 3700 شهيد ومفقود، دُفنَ منهم 2400 شهيد، إضافة إلى سقوط 10 آلاف جريح، و1750 معتقلا». وأضاف أن «الاحتلال استهدف منع عمل طواقم الدفاع المدني في المحافظة، إضافة إلى تدميره للقطاعات الحيوية وعلى رأسها تدمير القطاع الصحي والمستشفيات، وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي والبنية التحية وشبكات الطرق والشوارع، ما فاقم من الأزمة الإنسانية بالمحافظة». وقال المكتب الحكومي إن شمال غزة «محافظة منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى». ونقل المكتب عن شهود عيان قولهم إن «500 إلى 650 جثمانا من جثامين الشهداء ما زالت ملقاة في الشوارع والطرقات على مدار شهرين متواصلين، بسبب منع جيش الاحتلال الإسرائيلي الطواقم الطبية وفرق الإغاثة والطوارئ والدفاع المدني من الوصول إليها». وأوضح أن ذلك «جعل الكلاب الضالة تنهش جثامين الشهداء في الشوارع، حيث تحولت جثامينهم إلى عظام متناثرة غير معروفة الأسماء في الشوارع والطرقات». ووصف المكتب الحكومي «تعمد مواصلة العدوان بشكل هجمي وبشكل مخطط له على المدنيين والأحياء السكنية ومراكز النزوح وتشريد الآلاف منهم وإجبارهم على التهجير القسري، جريمة ضد الإنسانية وفق تصنيف القانون الدولي»، مدينا هذه الجرائم. في سياق متصل أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأن الجيش الإسرائيلي وسّع محور «صلاح الدين» (فيلادلفيا) الحدودي بين مصر وقطاع غزة من خلال تسوية مئات المباني الفلسطينية بالأرض، ليصبح بعرض يتراوح بين 2-3 كيلومترات، «دافعًا خط التهديد إلى ما وراء مدى القناصة، والصواريخ المضادة للدروع، والأسلحة الخفيفة». ولفتت الصحيفة إلى أن «محور نيتساريم» الذي يعزل شمالي القطاع عن جنوبه، تم توسيعه ليشمل مساحة أكبر من مدينة تل أبيب؛ فيما أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يقترب من إكمال «المنطقة العازلة» التي يقيمها على طول الشريط الحدودي شمالي وشرقي القطاع بمتوسط عرض يتراوح بين كيلومتر إلى كيلومترين اقتطعها من مساحة القطاع، وقد تم تنفيذ نحو 95 % من «المنطقة العازلة» المقررة. من جانبه قال المرصد «الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان، إن «نحو 70 ألف فلسطيني ما يزالون محاصرين منذ شهرين كاملين دون طعام أو دواء، وتستمر القوات الإسرائيلية بملاحقتهم من مكان إلى آخر في شمال غزة». وأوضح المرصد في بيان، أن قوات الاحتلال تلاحقهم «لتقتلهم وتهجرهم قسرا، في واحدة من أبشع حملات الإبادة الجماعية في العصر الحديث». وأكد أنه «تلقى معطيات صادمة عن الوضع الكارثي الذي يعيشه قرابة 70 ألف فلسطيني بقوا محاصرين في شمال قطاع غزة، بعد أن هجرت قوات الاحتلال أكثر من 150 ألفا آخرين منذ مطلع أكتوبر الماضي». وأضاف المرصد، أنه يشعر ب»الأسف العميق كون هذه الجرائم المروعة تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم بأسره، دون أي تحرك جاد لوقف ما تُعد واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في العصر الحديث». الحرب على غزة تدخل يومها ال424