وحده، كان حالماً بمشاريع تغير وجه مدينة الرياض، تنقلها من مدينة عادية تعيش رويتنها اليومي، إلى مدينة نموذجية عالمية، وهو الطموح الذي يرفض أن يبقى الوضع كما هو عليه، رجل يعشق التغيير والتطوير والقراءة والثقافة والتراث، إنه "سلمان بن عبد العزيز" العاشق ل الرياض منذ خمسين عاماً، والذي قال في أحد حواراته التلفزيونية عام 1973: "واثق تمامًا من مستقبل الرياض، وضعت كل الأساسات التي تجعلها في المستقبل مدينة نموذجية"، ومن هذه الكلمات تكونت رؤية استراتيجية، بعد أن رأى أن مدينة الرياض تشهد نمواً سكانياً بشكل متسارع بسبب الازدهار الاقتصادي الذي تشهده المدينة وهذا النمو بدأ يسبب ازدحاماً شديداً في الطرق المرورية. ومن هذا المشهد رفع الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، عندما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيسًا للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، طلباً، للملك عبد الله بن عبد العزيز في 20-10-2009 في ذلك الوقت، يلتمس فيه الموافقة السامية على شبكة نقل تغطي كامل مدينة الرياض وتكون خدماتها متكاملة مع خدمة القطار الكهربائي لتغطي شبكة الطرق بطول 708 كلم مع الطرق المحلية. وقبل رفع هذا الطلب وجه الأمير سلمان بن عبد العزيز عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، الهيئة العامة لتطوير المدينة بإعداد خطة شاملة بعيدة المدى لتطوير نظام النقل العام بالمدينة، وقد أكد -حفظه الله- في خطابه أن هذا المشروع هو العمود الفقري لنظام النقل العام. ولقد تابع -حفظه الله-، مشروع النقل العام عندما كان ولياً للعهد إلى أن أصبح ملكاً للبلاد، ليبارك في يده الكريمة تدشين الحلم الذي أصبح واقعاً، في انطلاق مشروع النقل العام بمدينة الرياض بشقيه "القطار والحافلات". وتجدر الإشارة إلى أن "مشروع النقل العام بمدينة الرياض" قد انطلق من الدراسات المختلفة التي أعدتها (الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض - الهيئة الملكية لمدينة الرياض حاليًا) حول الوضع الراهن للمدينة واحتياجاتها الحالية والمستقبلية من قطاع النقل العام، وتحديد أفضل الحلول والخيارات لتأسيس نظام نقل عام مستديم يتلاءم مع واقع المدينة وخصائصها العمرانية والسكانية والمرورية. وقد خلصت هذه الدراسات إلى وضع (الخطة الشاملة للنقل العام في مدينة الرياض)، التي اشتملت على تأسيس شبكة للنقل بالقطارات وشبكة موازية للنقل بالحافلات، تعمل على احتواء متطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة، وتوجت هذه الخطة بصدور قرار مجلس الوزراء القاضي "بالموافقة على تنفيذ (مشروع النقل العام في مدينة الرياض - القطار والحافلات)" . وإطلاق الهيئة عملية كبرى لتأهيل الائتلافات العالمية للمنافسة على تنفيذ المشروع، وصدور الموافقة السامية الكريمة على ترسية عقود تنفيذ مشروع "قطار الرياض" على (ثلاثة ائتلافات) تضم أكثر من 19 شركة عالمية كبرى تنتمي ل 13 دولة. وبمتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإشراف من سمو ولي العهد -حفظه الله- أنجز هذا المشروع الذي يُعد أحد أضخم مشروعات النقل العام في العالم، كونه يغطي كامل مساحة مدينة الرياض ضمن مرحلة واحدة، فضلاً عن طبيعته الدقيقة ومواصفاته التصميمية والتقنية العالية، وانسجامه مع الخصائص الاجتماعية والبيئية والعمرانية لمدينة الرياض وسكانها، إلى جانب ما يسهم به المشروع من عوائد على مدينة الرياض تتجاوز توفير خدمة النقل العام، ورفع مستوى جودة الحياة فيها بشكل عام، بما ينسجم مع مستهدفات "رؤية المملكة 2030".