من منظور تسويقي بحت، يمكننا أن نتصور أن المرشح الجمهوري دونالد ترمب، ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس يمتلكان 45 % من حصة السوق الانتخابية، أما النسبة المتبقية 10 % فتشمل الناخبين غير الحاسمين والأشخاص غير الراغبين في التصويت، ومن المهم أن ننظر هنا إلى الطرفين باعتبارهما علامات تجارية عريقة، وهذا يعني أن هناك ولاء لا يتزعزع للعلامة التجارية الخاصة بكلا الطرفين، ومع ذلك، فإن النجاح الذي حققته العلامة التجارية يتأثر بالحملة التسويقية الراهنة والتي أنفقت كلا الحملتان المزيد من الأموال على الإعلانات السياسية في ولاية بنسلفانيا أكثر من أي ولاية أخرى متأرجحة في هذه الدورة. من الواضح أن الناخبين لا يُطلب منهم أن يصدقوا الحزب الديمقراطي، أو الحزب الجمهوري، بل يُطلب منهم أن يصدقوا مرشحهم الرئاسي، دون أن يتعدى ذلك إلى الإيمان بمبادئ الحزب السياسية، ومن منظور التسويق، يمكننا أن نراقب الجهود الترويجية التي تشمل وسائل الإعلام التقليدية، ووسائل الإعلام الاجتماعية، والمناظرات، والمقابلات، والتجمعات، ونتلقى تحديثات عن جهود جمع التبرعات، وهي في الأساس ميزانية ترويجية، وسوف نرى نتائج هذه الجهود في الخامس من نوفمبر المقبل. سبع ولايات متأرجحة لا يتم تحديد الرئاسة الأميركية من خلال التصويت الشعبي، بل يتم التنافس على أساس كل ولاية على حدة، حيث يتم تخصيص أصوات لكل ولاية في المجمع الانتخابي، ويبلغ عدد أصوات المجمع الانتخابي 538 صوتًا، لذا يلزم الحصول على 270 صوتًا للفوز، وواقعياً، فإن أغلب الولايات قابلة للتنبؤ، حيث من المؤكد أن تصوت كاليفورنيا للديمقراطيين (54 صوتًا)، ومن المرجح أن تصوت تكساس للجمهوريين (40 صوتًا)، وبالتالي فإن الانتخابات تنحصر بين سبع ولايات متأرجحة: نيفادا، وأريزونا، وجورجيا، وكارولينا الشمالية، وويسكونسن، وميتشجان، وبنسلفانيا. عقبة بنسلفانيا الديمقراطيون، مع 226 صوتًا آمنًا في المجمع الانتخابي، لديهم 20 طريقًا محتملًا إلى 270 صوتًا، 19 منها تتطلب الفوز في ولاية بنسلفانيا، أما الجمهوريون، فمع 219 صوتًا آمنًا في المجمع الانتخابي، لديهم 21 طريقًا محتملًا إلى 270 صوتًا، 19 منها تتطلب أيضًا الفوز في بنسلفانيا، ولهذا السبب قررت الحملتان التركيز على الناخبين في بنسلفانيا، ومنذ مدة طويلة، وهذه الولاية منقسمة سياسياً، والمزاج الحزبي فيها مختلفاً للغاية، ولكن يمكن القول، بأن القضية الأكبر التي ستؤثر على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم هي الاقتصاد، يليه عن كثب قضية استهلاكية أكثر ضيقاً وهي التضخم، وإذا كانت بعض السيدات تدعم هاريس بسبب حقوق الإنجاب، فإن الجميع، وفقاً للاستطلاعات والتقارير الإعلامية، يؤيدون ترمب بسبب سياساته الاقتصادية وضبط الحدود وإنهاء الحروب الدولية والجريمة. يمنح الفوز بولاية بنسلفانيا، بالإضافة إلى ولاية أخرى قريبة منها، وغنية بالناخبين، مثل جورجيا، ترمب الرئاسة، ولكن السؤال لماذا بنسلفانيا؟، ولكي نفهم ذلك، فإن سيناريو فوز ترمب هو الانتصار في الولايات التي فاز بها في عام 2020، بالإضافة إلى فوزه بولاية بنسلفانيا، وهذا السيناريو يعطيه 254 صوتاً: 235 + 19 = 254، لكن هذا ليس كافيًا للفوز بالرئاسة، فإذا استطاع ترمب أيضاً أن يقلب الأمور لصالحه في جورجيا، الولاية التي حسمت الانتخابات بأصغر هامش في عام 2020، فإنه يحصل على 270 صوتاً انتخابياً ويفوز بمنصب الرئيس. يُنظر إلى ولايتي بنسلفانيا وجورجيا على أنهما قابلتان للفوز من قِبَل ترمب وهاريس، لأن كلا الحزبين فازا بهاتين الولايتين، بفارق ضئيل، في الدورتين الانتخابيتين الماضيتين، حيث فاز ترمب بولايتي جورجيا وبنسلفانيا في عام 2016، وهو يعتقد بوضوح أنه قادر على فعل ذلك مرة أخرى، على الرغم من خسارته الضيقة في كلتا الولايتين في عام 2020، بينما فاز تحالف بايدن- هاريس بكلتا الولايتين عام 2020، وتعتقد هاريس بوضوح أيضًا أنها قادرة على فعل ذلك في 2024، لهذا تركز الحملتان في تلك الأثناء على الحملات التسويقية المركزة على ناخبي الولاية. عندما تشاهد تقارير وسائل الإعلام الأميركية، حول آراء ناخبي الولاية، فسوف تكتشف للوهلة الأولى أن بنسلفانيا تضم كل الأطياف السياسية، ومن السهل أن تجد زوجان يعيشان تحت سقف بيت واحد، يجسدان هذا المزاج السائد في الولاية، فالزوجة من الممكن أن تكون جمهورية، والزوج ديمقراطي، أما القضايا التي تسيطر على عقل ناخبي الولاية فتتضمن التضخم، والأعاصير، وإضراب عمال الموانئ، والصلب، والتكسير الهيدروليكي، والهجرة غير الشرعية، ومن الواضح أن البعض منهم محبط، ومتلهف ليوم الانتخابات. استنتاجات حول الفائز إذا أجريت الانتخابات اليوم فسيفوز الجمهوريين بولاية بنسلفانيا، بفعل حالة الغضب الراهنة جراء فشل الديمقراطيين في التصدي لبعض الملفات الشائكة، وخاصة الاقتصاد، ومعاناة الطبقة المتوسطة، وارتفاع الإيجارات، وتراجع شراء المنازل بفعل زيادة الأسعار بشكل جنوني، ولكن استنتاجنا بفوز الجمهوريين، قد يتغير إذا حدث تغيير مماثل في أحد الموضوعات الرئيسية، وهذا التغيير قد يكون عبارة عن أخبار اقتصادية إيجابية قوية أو غير متوقعة، أو إذا ظهرت قضية أو قصة جديدة لم تؤثر بعد على السباق، بالإضافة إلى ذلك، هناك عدم قناعة بين بعض الناخبين في بنسلفانيا بالزعماء الحاليين للحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهذا الأمر قد يؤثر دون شك على نسب الإقبال على التصويت في هذه الولاية المتأرجحة بامتياز.