نتيجة للتطورات الاقتصادية الهائلة التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030 كان لا بد من وجود مؤشرات اقتصادية لمتابعة هذه التطورات والتغيرات، لذا قامت الهيئة العامة للإحصاء بتأسيس مؤشر لقياس الإنتاج الصناعي والذي يعرف بالرقم القياسي للإنتاج الصناعي (IPI)، وهو مؤشر اقتصادي يعكس التغيرات النسبية في حجم كميات الإنتاج الصناعي اعتماداً على بيانات مسح الإنتاج الصناعي، الذي يتم تنفيذه على عينة من المنشآت الصناعية التي تعمل في الأنشطة الصناعية المستهدفة والمتمثلة في نشاط التعدين واستغلال المحاجر، ونشاط الصناعة التحويلية، ونشاط إمدادات الكهرباء والغاز، وأنشطة إمدادات المياه والصرف الصحي وإدارة النفايات ومعالجتها، ويتم تصنيف بيانات هذا المؤشر التي تنشر على أساس شهري وفقاً للتصنيف الصناعي الدولي للأنشطة الاقتصادية (4 ISIC) وتم اعتماد عام 2021 سنة أساس لقياس التغيرات، وقد نما المؤشر العام حتى نهاية شهر أغسطس الماضي بنسبة 5 % إلا أن المؤشرات الصناعية الفرعية حققت معدلات نمو جيدة وخصوصا الصناعات التحويلية، الأنشطة النفطية والتعدين تأثرت خلال السنتين الماضيتين نظرا للتباطؤ الاقتصادي الذي يشهده العالم، ولكن مع عودة النمو الاقتصادي سوف تحقق هذه الأنشطة معدلات نمو عالية بالإضافة إلى معدلات النمو العالية التي تحققها أنشطة الصناعات التحويلية وخصوصا الصناعات التي لها ارتباط بالنشاط الاقتصادي المحلي والذي يشهد معدلات نمو عالية مع دعم المحتوى المحلي والإنفاق الرأسمالي الكبير من خلال ميزانية الدولة وصندوق الاستثمارات العامة والشركات الكبرى التي دخلت ضمن برنامج شريك الذي يهدف إلى تعزيز القطاع الخاص لتحقيق نمو مستدام للاقتصاد الوطني، وتحقيق استثمارات طويلة الأمد، كما أن تحسين البيئة الاستثمارية وتعديل نظام الاستثمار الأجنبي كفيلة بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والتي سوف تكون إضافة قوية للصناعات السعودية، وقد أظهرت بيانات تدفقات الاستثمار الأجنبي للعام 2023 أن الصناعات التحويلة استحوذت على حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية تجاوزت 34 مليار ريال، ومتوقع أن تتضاعف هذه الأرقام خلال السنوات القادمة، أيضا برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الذي تم إطلاقه في العام 2019 سوف يحول المملكة إلى لاعب رئيس على مستوى العالم في قطاعات الطاقة والتعدين والصناعة والخدمات اللوجستية، وخلال السنوات الماضية عملت المملكة على تأمين سلاسل التوريد العالمية، وتصدير منتجات عالية التقنية إلى العالم، من خلال برامج مثل "صنع في السعودية" الذي يعمل على تعزيز المحتوى المحلي في القطاعات النفطية وغير النفطية، وكذلك تم العمل على إنشاء مناطق خاصة وإعادة تأهيل المدن الاقتصادية وتعتبر منطقة جازان إحدى المناطق الاقتصادية التي سيكون لها دور كبير في جذب الصناعات والمصانع العالمية لما تتمتع به من موقع استراتيجي مهم يربط بين القارات الثلاث، ولتحقيق ميزة تنافسية للمدينة الاقتصادية في جيزان فقد وقع تحالف مستثمرين سعوديين، عقد المدينة اللوجستية السعودية بالمنطقة الحرة في ميناء جيبوتي، التي تقع على مساحة 120 ألف متر مربع بعقد لمدة 92 عاماً، تشتمل على معرض دائم ومنصة للصناعات السعودية، ومنطقة تبادل تجاري، تحوي عدداً من المرافق والمستودعات، كل هذا الحراك والطاقات التي فجرتها رؤية 2030 سوف تجعل من المملكة دولة صناعية ولوجستية تضاهي أفضل الدول المتقدمة في هذا المجال بالإضافة إلى توفر الطاقة بشقيها التقليدية والمتجددة، التعدين وهو الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية يشهد تطورات نوعية كبيرة وخصوصا بعد إصدار نظام الاستثمار التعديني الجديد وتطويره، والذي يراعي تحفيز تطوير القطاع وتعزيز دور الاستثمار الأجنبي من خلال تخفيض نسبة الضريبة إلى 20 ٪ والذي نقل المملكة الى أكثر مناطق التعدين تنافسية على مستوى العالم، وقد أظهرت آخر بيانات المسح الجيولوجي أن حجم الثروة المعدنية في باطن أرض المملكة تتجاوز 9 تريليونات ريال، وخلال الأسبوع الماضي أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية أول طائرة لأعمال مشروع المسح الجيوفيزيائي بهدف الحصول على البيانات الجيولوجية المتنوعة عالية الدقة للدرع العربي، والكشف عن المخزونات المعدنية التي تزخر بها المملكة وتعد هذه الخطوة أولى مشاريع مبادرة البرنامج العام للمسح الجيولوجي التي تعمل عليها هيئة المساحة الجيولوجية بتكلفة قدرها 2 مليار ريال، والتي تغطي مساحة تصل إلى 600 ألف كم2 من مساحة المملكة.