تحرك وزارة الثقافة فينا مشاعر حقيقية لا تذبل، وتحيي فينا عواطف صادقة تبقى طول المدى، وخلجات قلوبنا تستذكر الماضي تستحضره ليعود، نصنع من نقاط القوة والفرص، ومن الصعوبات والتحديات التي كانت قصة طويلة فصولها مازالت تكتب وتبقى معنا، وتفاصيلها تحيي فينا أشياء من الفرح الذي يذيب شعور المرارة عن صعوبة الأيام الماضية للأجداد ليكبر ويزيد وننتشي معه عذوبة الأيام التي تبقى ولا تزول، وهذه اللحظات التي لا تتلاشى ولا تتبدل ولا تصغر بل تكبر مع عمق الانتماء إلى هذه الأرض بجذورها الصلبة والممتدة عبر التاريخ والجغرافيا وهي تكمل كتابة ما كان وما تحقق وما سيأتي في صفحات تضيء للعالم دروب الخير والنماء والازدهار، ولتخبرهم أن الأوطان تبنى بالوحدة الوطنية والمصير الواحد في ظل قيادة رشيدة تعمل من أجل إنسان هذا الوطن العظيم. وزارة الثقافة في المملكة وهيئاتها هي المعنية بالمشهد الثقافي على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وتحرص على الحفاظ على التراث التاريخي للمملكة مع السعي لبناء مستقبل ثقافي غنيّ تزدهر فيه، وتعمل الوزارة على محاكاة كل مناطق المملكة في الشأن الثقافي وتسافر طواقم العمل بها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وتعود للوسط وهي تجلب معها كل ما جمع، التركيز على الموروث الشعبي والوطني في الأزياء والمائدة السعودية العامرة بكل ما لذ وطاب، الفنون البصرية والموسيقى وفنون العمارة، والأفلام والمسرح، والأدب والمتاحف والكثير الكثير الذي يساهم في تعزيز صورة المملكة. منذ تأسيس وزارة الثقافة عملت الوزارة على العدد من المشاريع والمبادرات والفعاليات، وتُعد الأعوام الثقافية في المملكة من المبادرات المهمة التي تعكس التزام الوزارة بتعزيز الثقافة والفنون والعلوم، في إطار رؤية السعودية 2030، هذه الأعوام ليست مجرد احتفالات بل تمثل فرصًا حقيقية للاحتفاء بالتراث الثقافي الغني، وتعزيز الإبداع في مختلف المجالات. إن أهداف الأعوام الثقافية تعزيز الهوية الثقافية الذي يعمق الشعور بالانتماء والفخر الوطني، كما أنها تشجع المواطنين والمقيمين على التعرف على أشكال الفنون والثقافة السعودية، ويساهم ذلك في نشر الوعي، وإثراء التجارب الثقافية، كما أن هذه الأعوام توفر للفنانين والمبدعين والمهتمين المنصات التى تساهم في إظهار مواهبهم وتعزز من الابتكار والإنتاج الفني وإثراء المخزون الوطني. بدأت الأعوام الثقافية عام 2021 بعام الخط العربي ويعد من أبرز الفنون التقليدية في العالم الإسلامي وكان عاماً حافلاً بالمعارض وورش العمل والفعاليات والمبادرات من عدد من القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية وتحت مظلة وزارة الثقافة، وقد كان عاماً مميزاً للخط العربي. جاء بعد ذلك عام 2022م وهو عام القهوة السعودية فالقهوة مرتبطة بالإرث الثقافي للمملكة وهي غنية بالعادات والتقاليد، وإضافة إلى مكان الزراعة والمذاق وطريقة الصنع هي ترتبط بالحضور الإنساني وما يرافقه من جماليات وفنون وأغان وقصائد ولوحات، وتعبر عن قيم الكرم والضيافة وحسن الاستقبال، وهي علامة ثقافية تتميز بها المملكة سواء كانت من خلال أنواعها أو طرق تحضيرها وإعدادها لذا كان من المهم أن يكون عاماً لها من الأعوام الثقافية التي تفعلها الوزارة. جاء بعد ذلك عام 2023 وهو عام الشعر العربي، وشهد العام فعاليات وأمسيات وندوات تناولت الشعر العربي وتاريخه وأبرز شعرائه. عندما جاء عام 2024 تقررت تسميته عام الإبل وقد كان ذلك اعتزازاً بالقيمة الثقافية والحضارية للإبل، وللتعريف بمكانة الإبل عند المجتمع السعودي، وأن هناك علاقة بين الإبل وإنسان الجزيرة العربية عبر التاريخ فكان عاماً مهماً من الأعوام الثقافية في المملكة. أحدثت الأعوام الثقافية تأثيراً إيجابياً على المجتمع السعودي فقد حفزت السياحة الثقافية فزاد عدد السياح والزوار تفاعلاً من الأعوام الثقافية المختلفة، إنها فرصة للموهوبين والفنانين والمبدعين والمهتمين من أجل تعزيز ثقافتهم وإبراز مواهبهم. التعاون الثقافي الدولي في الداخل والخارج شهد نهضة قوية مع هذه الأعوام المتميزة فكانت من خلال تبادل الأفكار والابتكارات والزيارات. تمثل الأعوام الثقافية في السعودية خطوة مهامة نحو تعزيز الفنون والعلوم والتراث، وهي تجسيد لرؤية المملكة في بناء مجتمع ثقافي مزدهر من خلال هذه المبادرات تُواصل السعودية إبراز هويتها الثقافية الفريدة وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية، مما يساهم في تنمية المجتمع وتطويره. إننا جميعاً على أعتاب العام 2025 ننتظر عاماً ثقافياً جديداً يرفع شعار الحرف اليدوية السعودية، ولا نشك بأنه سيكون عاماً حافلاً ومميزاً وقوياً في كل مناطق المملكة المترامية الأطراف، وسيكون هناك سباق محمود من أجل إبراز هذه الحرف اليدوية السعودية.