أهل الاختصاص يرجعون طلاق السعوديين إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها: ارتفاع تكاليف المعيشة ومصاريف الزيجات، والإدمان على السوشال ميديا ومتابعة المؤثرين، وإجراء المقارنات بزيجاتهم، وهم في الواقع أبعد ما يكونون عن المثالية، بالنظر لفضائحهم العائلية المستمرة، والمنشورة على حساباتهم بدون تحفظ، ولهذا نجد أن 90 % من حالات الطلاق في المملكة تتحمل مسؤوليتها المرأة المتأثرة بهم، والتي تطلب إنهاء العلاقة ما لم يستجب لطلباتها.. في 2021 عرضت منصة نتفليكس، المسلسل البريطاني (ذا وان) أو الشخص المناسب، وهو في سرده الدرامي يفترض وجود طريقة لقياس الحب، ومعرفة التوءم الروحي لكل شخص، عن طريق استخدام فيرمونات الحمض النووي، والاستعانة بقاعدة معلومات جينية مليونية للأشخاص، والاعتماد على الهيدروكربونات الجلدية، التي تؤثر في سلوك الناس وردات أفعالهم، وذلك عندما يتماثلون في طفراتهم الجينية، والفكرة المطروحة تحيل إلى تجربة أجريت على (النمل الناري)، والمتطابقون جينيا مثلما عرض في المسلسل، متوافقون تماماً في أفكارهم، ولا توجد بينهم مشكلات، ويستسلم كلاهما للآخر طوعاً، ومن أول مقابلة، وهذا النوع من الشطحات الدرامية، بافتراض تحويله إلى حقيقة، سيسهم في حل منغصات، من أهمها: معدلات الطلاق المرتفعة، وسيحول دون زواج الأشخاص المتنافرين أو المختلفين في السلوكيات والطباع، وأجد أنه يستحق البحث والدراسة الفعلية لأهميته، وتحقيقه غير مستبعد في رأيي.. خصوصاً وأن العالمين جون غوتمان وروبرت ليفنسون ابتكرا في 1986 أسلوبا يمكن بواسطته تحديد مصير الزواج في تسعة من كل عشرة زيجات، وذلك عن طريق دراسة الروتين اليومي العفوي للأشخاص المتزوجين، بجانب وضع حساسات على أجسادهم، وقياس رسم القلب وضغط الدم، والارتفاع والانخفاض في الهرمونات، ومعها دراسة أجريت في عام 2016، وتمت فيها متابعة 135 حالة زواج، طوال أربعة أعوام وانتهت إلى أن أصحاب التوقعات المرتفعة مهددون بالزيجات الفاشلة والمشكلات، وبنسبة 69 %، بينما من تكون توقعاتهم منخفضة ينجحون ويعمرون في زيجاتهم. زيادة الزيجات وضمان استقرارها وزيادة الولادات أو ما يعرف برفع معدلات الخصوبة في المملكة، ليست ترفا على الإطلاق، فالدولة تحتاجها لأغراض تنموية واقتصادية، وبالأخص مع وجود الطلاق السريع الذي يستمر لفترة زمنية قصيرة، ويبدأ وينتهي بلا ولادات، وفشل مؤسسة الزوجية لن يؤثر على الزوجين وحدهما وإنما على الاقتصاد الوطني، وستتراجع أرقام المواطنين الشباب في سوق العمل مستقبلا، وترتفع أعداد كبار السن، ومعها العمالة الأجنبية، والمشهد لن يختلف كثيراً عما يحدث في معظم دول أوروبا الغربية، وأعود مجدداً إلى ما نشرته هيئة الإحصاء السعودية في 2022، وتناولت فيه حالات الطلاق بين المواطنين، والتي وصلت إلى حالة واحدة كل عشر دقائق، و7 حالات في الساعة الواحدة، و168 حالة يوميا، وبزيادة تصل إلى 12 % مقارنة بعام 2019، والطلاق إجمالا زاد ستة أضعاف، ما بين عامي 2012 و2022، أو خلال عشرة أعوام. في اليابان وبموجب التقاليد اليابانية، في الاحتفال ببداية ونهاية كل شيء، يقيم اليابانيون في المتوسط 250 ألف حفلة طلاق سنويا، وفيها يقوم الزوجان بكسر خاتمي الزواج بما يشبه المطرقة، ويضعونهما في فم ضفدع كبير، والضفدع يعني التغيير في اللغة اليابانية.. وفي مدينة شنغهاي الصينية وبموجب نظام السكن الصيني المعروف باسم (الهوكو) لا تستطيع المرأة امتلاك سكن ما لم تكن متزوجة، وفي الحضارات القديمة لم يكن مفهوم الرومانسية والعواطف حاضراً بين الزوجين، والاهتمام بهما بدأه العرب بالموشحات الأندلسية والشعر العربي، وكلاهما أدخل إلى أدب العصور الوسطى الأوروبي، وكرس الغزل العفيف أو الحب العذري فيه، وكان يتغنى به شعراء (التروبادور) الجوالون في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها، وحولوه إلى ظاهرة عالمية، ومن ثم ربط بمسألة الزواج الأحادي الذي بدأ عام 2100 قبل الميلاد، في بلاد ما بين النهرين أو العراق القديم. أهل الاختصاص يرجعون طلاق السعوديين إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها: ارتفاع تكاليف المعيشة ومصاريف الزيجات، والإدمان على السوشال ميديا ومتابعة المؤثرين، وإجراء المقارنات بزيجاتهم، وهم في الواقع أبعد ما يكونون عن المثالية، بالنظر لفضائحهم العائلية المستمرة، والمنشورة على حساباتهم بدون تحفظ، ولهذا نجد أن 90 % من حالات الطلاق في المملكة تتحمل مسؤوليتها المرأة المتأثرة بهم، والتي تطلب إنهاء العلاقة ما لم يستجب لطلباتها، ومع تقديري الشخصي لإعادة تفعيل برنامج تمويل الزواج من قبل بنك التنمية الاجتماعية، في أكتوبر الجاري، بعد إيقاف مؤقت، وتقديمه لقروض في فترة سابقة، وصلت لمليار وست مئة مليون ريال، أو ما يساوي 427 مليون دولار، وصرفها على 36 ألف شاب وشابة.. بالإضافة إلى المبادرة النبيلة للمستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، بإقامة أول زواج جماعي في موسم الرياض الحالي، في إطار مسؤولية الموسم الاجتماعية، وأنه سيكون لقرابة 600 شاب وشابة، إلا أن الأهم، في اعتقادي، هو ضمان استمرار هذه الزيجات، حتى لا تكبر المشكلة، فآخر الإحصاءات تشير إلى أن 65 % من حالات الطلاق في الدول العربية بما فيها المملكة، تكون في العام الأول من الزواج، وأبسط الحلول إقرار مبلغ مالي محترم في عقد الزواج، بالإضافة إلى عقوبة مقيدة للحرية، إذا لم تستمر مؤسسة الزوجية لمدة لا تقل عن خمسة أعوام، وتؤدي لإنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، ولا يدخل في السابق الظروف القاهرة أو الخارجة عن إرادة الزوجين.