بتنظيم من وزارة النقل والخدمات اللوجستية، احتضنت الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، فعاليات المنتدى اللوجستي العالمي 2024 في نسخته الأولى التي عُقدت خلال الفترة 12-14 أكتوبر الجاري. هَدفت النسخة الأولى من المنتدى الذي يُعد الأول من نوعه، إلى إيضاح الدور المحوري المهم الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في مجال الخدمات اللوجستية استناداً إلى موقعها الجغرافي المهم جداً على الخارطة اللوجستية العالمية عبر موقعها الجغرافي المميز الذي يربط بين ثلاث قارات رئيسة (أوروبا وآسيا وأفريقيا). كما وهدف المنتدى من خلال مشاركة 13000 بين زائر ومشارك من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين في مجال الخدمات اللوجستية عبر جلسات حوارية ونقاشية متخصصة، للبحث والمساهمة في تعزيز التعاون الدولي في مجال قطاع الخدمات اللوجستية، بما في ذلك رسم ملامح مستقبل القطاع، سيما وأن القطاع على المستوى العالمي قد عانى الأمرين خلال جائحة فيروس كورونا المستجد التي حَلت بالعام في عام 2020، وما نتج عنه من ارتباك شديد غير مسبوق في سلاسل الإمداد، رغم ما يشهده القطاع من نمو متواصل وتمكين مستمر، إذ تشير المعلومات إلى أن القطاع على المستوى العالمي من المتوقع أن تتراوح احتياجات الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية العالمية ما بين 40 إلى 90 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2040 من تحديث للموانئ وللمطارات وتوسيع لشبكات السكك الحديدية ورقمنة المستودعات وإلى غير ذلك من الاحتياجات. من هذا المنطلق ركزت الجلسات النقاشية والحوارية، التي تجاوز عددها الأربعين جلسة بمشاركة أكثر من مائة متحدث محلي ودولي على المتطلبات والاحتياجات الأساسية الكفيلة لبناء عمود فقري قوي للقطاع اللوجستي العالمي الذي يُمكن من تسهيل حركة التجارة العالمية. جميع الجلسات الحوارية أكدت على أهمية بناء خارطة طريق عالمية للخدمات اللوجستية، بحيث أن تكون كفيلة بتوفير الموارد المالية، بما في ذلك التعاون الدولي اللازم لإدخال الخدمات اللوجستية العالمية إلى العصر القادم، طموحاً لأن يصل العالم إلى بناء قطاع لوجستي عالمي يعتمد على نماذج استثمار شراكة بين القطاعين العام والخاص وصولاً إلى تعزيز وتطوير مشهد البنية التحتية اللوجستية العالمية. وقد استعرضت النسخة الأولى من المنتدى أبرز جهود المملكة العربية السعودية في تطوير إجراءات وتشريعات القطاع اللوجستي، والتي أثمرت عن تقدّم المملكة 17 مرتبة عالميًا في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، إلى جانب تسليط الضوء على النقلة النوعية في القطاع التي تجلت في إعلان سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في منتصف عام 2023 عن إطلاق المخطط العام للمراكز اللوجستية، الذي يضم إجمالي مساحات تتجاوز (100) مليون متر مربع، بهدف تطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي في المملكة، وتنويع الاقتصاد المحلي وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومركزٍ لوجستيٍ عالمي. وقد تَشرفت بإدارة جلسة حوارية بالمنتدى بعنوان "الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية: تمكين لمستقبل تجارة الغد" شارك فيها سعادة الدكتور علي الدبيخي – مساعد وزير الاستثمار. ألقت الجلسة الضوء على حجم الاستثمارات السعودية الموجهة لتطوير البنية التحتية والفوقية لقطاع الخدمات اللوجستية في المملكة لتمكين حركة التجارة السلسة، وتعزيز التعاون الدولي للدفع بالابتكار في تطوير الخدمات اللوجستية والصناعية. كما ركزت الجلسة على نوعية الاستثمارات في القطاع اللوجستي التي تستهدفها المملكة، والتي من بين أدوارها تحقيق القطاع لاقتصاد المملكة قيمة مضافة، وأيضاً الارتقاء بأداء القطاع نوعياً ليشمل ذلك مجال التقنية النوعية المتقدمة، وتأهيل الكوادر الوطنية، والبحث والتطوير، إضافة إلى توطين التقنية، مؤكداً الدكتور الدبيخي على الدور الريادي الذي تقوم به وزارة الاستثمار لتسهيل رحلة المستثمر المحلي والأجنبي الاستثمارية، بدءًا من تسجيل المشروع الاستثماري انتقالاً إلى مرحلة التنفيذ وما يحتاج إليه المستثمر بعد ذلك من دعم وتسهيل خلال حياة المشروع. أخلص القول؛ إن المنتدى اللوجستي العالمي في نسخته الأولى قد حقق نجاحاً مبهراً في تحقيقه لعديد من الأهداف، التي لعل من بين أهمها، إبراز الدور الريادي والحيوي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية للتعزيز من كفاءة القطاع اللوجستي في المملكة، باعتباره يلعب دوراً مهماً في النمو الاقتصاد الوطني وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، إضافةً إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وزيادة الفرص الوظيفية وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي؛ تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.