وجود صاحب الضمير الحيّ في هذا العالم الذي يصفه الكثيرون بالموحش من ضروب الخير الباقي على الأرض ما بقيت البشرية، لكن هذه الشخصيات دفعت وستدفع ثمناً باهظاً مؤخراً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها، والانفتاح على العالم وسهولة انتقال الحكايات والقصص والتجارب خاصة البشع منها؛ حيث ارتفعت نوبات الهلع غير المبررة لدى شريحة كبرى من المراهقين والناضجين على حد سواء، وإن كان ارتفاع الوعي ومرور الإنسان بالتجارب مع تقدم العمر يمنحه القدرة على التحكم بهذه النوبات إلى حد ما، إلا أن الموجع تعرض صغار السن وحديثي العهد بالحياة وتقلباتها إلى هذه النوبات وعدم قدرتهم على السيطرة عليها أو حصولهم على التدريبات الأساسية لتخفيفها. إن التعرض لنوبات الهلع بسبب واضح ومباشر للخوف كحدوث مشكلة للإنسان أو صدمة ما؛ يخفف عليه النوبة لعلمه بأسبابها، لكن ذلك لا يعني الاستسلام لها أو تصديقها، خاصة وأن النوبة تحدث بعد تفكير مستمر في الحدث السيئ الذي تعرض له الإنسان مما يولد القلق والخوف وتأنيب الضمير وجلد الذات وبالتالي نوبة الهلع التي تصل بعض الأحيان إلى حد فقدان الوعي، وشخصياً.. ذكرت لي إحدى الصديقات التي تعمل في قطاع التعليم تعرض عدد لا بأس به من الطالبات المراهقات لمثل هذه النوبات وارتباك الطاقم الإداري في التعامل مع الموقف. وتعتبر هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً نتيجة التحولات الضخمة في حياة الجميع على هذه الأرض، والرتم المتسارع في كل شيء، ظاهرة تستحق الاهتمام والتوعية المتواصلة بالتدريبات الأساسية لتخفيفها أو تجاوزها، حيث يعتقد البعض - للأسف - أن ضحايا هذه النوبات لا بد وأن يتجهوا للأطباء النفسيين فقط لحلها، بينما تعتبر مشكلة بسيطة يستحق جميع أفراد المجتمع استيعابها وإدراك سبل السيطرة عليها وهزيمتها في كل مكان وزمان من خلال عقد دورات تدريبية في كل القطاعات ولجميع الفئات من الطلاب حتى الموظفين، تماماً كتقديم دورات الأمن والسلامة والإسعافات الأولية وغيرها من الممارسات التوعوية التي تهدف في مجملها إلى رفع وعي المجتمع للتحكم بكل ما يمكن أن يهدده جسدياً ونفسياً.