حقق دوري الأبطال 4 مرات وبطولة أمم أوروبا مرتين ولعب لثلاثة أندية قاد البرشا ل«السداسية التاريخية» وحقق 32 لقباً وثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية احتفى الاتحاد الدولي لكرة القدم بأندريس إنييستا أسطورة المنتخب الإسباني ونادي برشلونة والذي أعلن اعتزال منافسات اللعبة الثلاثاء بعد مسيرة ملهمة. وأنهى إنييستا، الذي سجل هدف الفوز لبلاده بنهائي كأس العالم 2010، مسيرته مع الساحرة المستديرة بصورة نهائية. وأعلن إنييستا (40 عاما) الفائز بلقبين في كأس الأمم الأوروبية مع منتخب إسبانيا، والحاصل على 4 ألقاب ببطولة دوري أبطال أوروبا برفقة فريقه السابق برشلونة الإسباني، اعتزاله في حفل أقيم بالعاصمة الكتالونية، أول من أمس الثلاثاء. وقال إنييستا، الذي بدأ عليه التأثر البالغ «لم أتوقع أبدًا أن يأتي هذا اليوم، لم أكن لأتخيله على الإطلاق». أضاف إنييستا «لكن كل دموع الأيام القليلة الماضية كانت دموع العاطفة أو الفخر، وليست دموع الحزن، إنها دموع هذا الصبي الذي كان لديه حلم بأن يصبح لاعب كرة قدم وحقق ذلك بعد الكثير من العمل الجاد والجهد والتضحية». وأمضى إنييستا 16 عاما في الفريق الأول لبرشلونة قبل أن ينتقل إلى فيسيل كوبي الياباني عام 2018 ثم لنادي الإمارات بالإمارات العربية المتحدة الموسم الماضي. وأنهى إنييستا مشواره الدولي مع منتخب إسبانيا عام 2018 بعد أن كان عنصرا ضمن أحد أنجح خطوط الوسط التي شهدتها كرة القدم على الإطلاق. وكتب الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي، زميل إنييستا السابق في برشلونة، على حسابه بتطبيق (إنستجرام) «الكرة ستفتقدك». وتحدث الموقع الرسمي لفيفا عن بدايات إنييستا، الذي رحل عن فوينتيالبيلا في سن 12 عامًا وانتقل إلى برشلونة، حيث لم تستقر الأمور بالنسبة له في لا ماسيا، إذ كان خجولًا بالفطرة، لدرجة أن وجهه يبدو شاحبًا طوال الوقت. وعن تلك الفترة في حياته قال: «كنت أبكي حتى أنام كل ليلة، أردت العودة إلى المنزل، لكن والدي استمر في دعمي، وأقنعني بالبقاء». وعلق إنييستا ملصقات لممثلة هوليوود كاثرين زيتا جون، وقائد برشلونة بيب جوارديولا، بجانب سريره. وعندما شاهده الأخير يلعب، بناء على طلب من شقيقه بيري، قال: «لقد رأيت مراهقًا يبلغ من العمر 14 عامًا يقرأ اللعبة أفضل مني»، وأرسل بيب إلى إنييستا صورة موقعة، مكتوب عليها: إلى «أفضل لاعب رأيته في حياتي». في تلك اللحظة، الطفل الموهوب بدأ يخرج من قوقعته، ويتفاعل أكثر مع زملائه». وبشكل مفاجئ تم استدعاء إنييستا للتدريب مع الفريق الأول لبرشلونة في فبراير 2001، لقد أصيب بالذعر عندما ضل طريقه إلى مقر التدريبات، ولكن لويس إنريكي تولى مهمة البحث على اللاعب البالغ من العمر 16 عامًا آنذاك، وبمجرد أن لمست أقدامه أرض الملعب تحدث جوارديولا إلى تشافي هيرنانديز الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 21 عامًا، وقال له: «تذكر هذا اليوم، اليوم الذي لعبت فيه لأول مرة مع أندريس، أنت ستجعلني أعتزل، وهذا الفتى سوف يجعلنا نعتزل جميعًا». وتألق إنييستا، إلى جانب فيرناندو توريس، في كأس العالم تحت 17 عامًا في 2001، ورغم الخسارة بنتيجة 2-4 أمام منتخب الأرجنتين الذي كان يضم بابلو زاباليتا، وخافيير ماسكيرانو وكارلوس تيفيز، وخروج إسبانيا من دور المجموعات، عاد الرسام إنييستا ليصبح من بين أبرز اللاعبين في نهائيات كأس العالم تحت 20 عامًا بعد ذلك بعامين، حيث ساعد لاروخا على الظفر بالوصافة خلف البرازيل. لقد حاول ريال مدريد التعاقد مع إنييستا في عام 2007، وقال مديره الرياضي السابق بريدراج مياتوفيتش: «لقد كان ظاهرة، وامتلك شرطًا جزائيًا مرتفعًا للغاية، لكننا أردناه بشدة، وعقدنا العزم على دفع الشرط الجزائي». ولحسن الحظ بالنسبة للنادي الكتالوني، رغم تعثر المفاوضات لاحقًا، أن إنييستا قال: «عندما أقول إنني أريد الاعتزال في برشلونة، أقول ذلك من كل قلبي، هذه الرغبة أقوى من أي شيء آخر». وافق إنييستا في نهاية المطاف على تجديد عقده عام 2008، مع رفع الشرط الجزائي الخاص به من 60 مليون يورو، إلى 150 مليون يورو، لكن ذلك لم يوقف ريال مدريد، الذي حاول التعاقد معه في العام التالي، ليرد إنييستا: «أنا مندهش جدًا من هذه المحاولات، لأنني كنت دائمًا واضحًا للغاية؛ أريد أن أقضي بقية مسيرتي في برشلونة». لعب إنييستا دورًا محوريًا في فوز إسبانيا بأول لقب لها في كأس الأمم الأوروبية منذ 44 عامًا في عام 2008، وكان الوحيد في تشكيلة المدرب لويس أراجونيس الذي شارك أساسيًا في كل المباريات، وحصد جائزة رجل المباراة في مواجهة روسيا بالدور نصف النهائي، وقدم أداء كبيرًا في المباراة النهائية، حيث فازت لاروخا على ألمانيا في ملعب إرنست هابل في فيينا. وفي الوقت الذي كانت فيه مساهمة إنييستا هامشية في فوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا موسم 2005 / 2006، فإن مساهمته في تحقيق السداسية التاريخية بعد ثلاثة مواسم كانت أكثر وضوحًا، إذ أن تسديدته الساحرة من خارج منطقة الجزاء في الوقت المحتسب بدل الضائع منحتهم فوزًا تاريخيًا على تشيلسي في الدور نصف النهائي. «أنا لست مهووسًا بميسي». هذا ما قاله مدرب مانشستر يونايتد السير أليكس فيرجسون قبل المباراة النهائية، مضيفًا: «إنييستا هو الشخص الذي يجب أن نوقفه، لسوء الحظ بالنسبة للأسكتلندي، لم يتمكن فريقه من ذلك، حيث صنع أندريس الهدف الأول لصامويل إيتو، وتألق خلال الفوز 2 -صفر في نهائي روما الشهير». الموت المفاجئ لداني خاركي، صديقه المقرب وزميله السابق في منتخب إسبانيا للشباب، في أغسطس 2009، كسر قلب إنييستا، وعبر عن تلك الفترة قائلًا: «لقد وقعت في اكتئاب عميق، كنت في أسوأ حال لي حقًا». وتفاقمت مشاكل إنييستا داخل الملعب، وعانى من الإصابات طوال الموسم، وتعرض لتمزق كامل في العضلة ذات الرأسين لفخذه الأيمن في منتصف أبريل، وغادر الملعب وهو يبكي، حيث اعتبر كل من فيسنتي ديل بوسكي، وبيب جوارديولا، أنه من غير المرجح سفره مع منتخب إسبانيا إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في كأس العالم. ولكن إنييستا تعافى سريعًا، إلا أنه لم يتمكن من اللعب مع برشلونة سوى نصف ساعة قبل انتهاء الموسم، الذي سجل فيه هدفًا واحدًا فقط في 40 مباراة، ورغم ذلك، ضمه ديل بوسكي إلى فريقه، معترفًا بأن قراره كان بمثابة «مخاطرة كبيرة» وأنه لم يقبلها إلا لأنه إنييستا، واعترف اللاعب لاحقًا بالسفر إلى كأس العالم وهو ليس في كامل استعداده. كان منتخب إسبانيا المرشح الأوفر حظاً قبل البطولة، ولكن الشك تسرّب سريعًا، بعد الهزيمة بهدف أمام سويسرا، واكتمل الشك بعدما سقط إنييستا صاحب القميص رقم 6 فوق عشب ملعب موزيس مابيدا وهو يتألم، بعد اصطدام شرس مع ستيفان ليختشتاينر. وقال إنييستا: «اعتقدت أن كل شيء انتهى، ولم أرغب في إجراء أي فحوصات في اليوم التالي؛ لأنني كنت متأكدًا من صعودي على متن الطائرة العائدة إلى برشلونة». وغاب إنييستا عن الفوز بهدفين دون رد على هندوراس، وكان متصالحًا مع كون البطولة قد انتهت بالنسبة له، حتى منح أخصائي العلاج الطبيعي راؤول مارتينيز إسبانيا هدية في رحلتهم نحو المجد العالمي. وأوضح مارتينيز: «في مرحلة ما كنت أحاول علاج مكان الإصابة، وبينما كنت أفعل ذلك، شعر بالتحسن» ، فيما قال إنييستا «لقد كان الأمر أشبه بالضغط على الزر، وجسدي منح الاستجابة الفورية، إذ شعرت أن العضلات قد ارتاحت، ثم تحركت وركضت بحرية، وهو ما لم أفعله منذ فترة طويلة، وبفضله عدت للعب كما حلمت». واحتاجت إسبانيا للفوز على منتخب تشيلي في مباراتها الأخيرة بالمجموعة الثامنة، من أجل العبور للأدوار الإقصائية. هنا حصل إنييستا على الثقة، ثم أبدع بحركات «التيكي تاكا» في طريق لاروخا إلى النهائي على ملعب سوكر سيتي. لقد مرت مئة وست عشرة دقيقة بدون أهداف من المباراة النهائية، إنييستا؛ صانع ألعاب يميل إلى اليسار، ولكنه ظهر بشكل غير معهود في الناحية اليمنى، وفي مكان عادة ما يشغله المهاجم، عن تلك اللحظة قال تشافي ضاحكًا: «لقد تساءلت: ماذا يفعل هنا؟» وأوضح إنييستا: «كنت أعرف بالتحديد كيف يجب علي التسديد، وفي الوقت نفسه، كنت أعلم أنه يجب عليّ فعل ذلك بسرعة»... القدر جعل تلك الكرة تذهب إلى حيث يجب أن تذهب، وكان هذا هو الهدف الذي توج إسبانيا بطلة للعالم . لم يكن إنييستا يخطط لتكريم صديقه الراحل، والذي توفي قبل أشهر من المونديال. وأكد «عندما نزلت للإحماء قبل المباراة النهائية، خطرت في ذهني الفكرة، لقد طلبت من أحد أعضاء البعثة أن يكتب رسالة لداني على القميص، شعرت أنني أردت الإشادة به، وتحيته». عندما سكنت كرته الزاوية اليسرى السفلية للمرمى، خلع إنييستا قميصه، وأظهر قميصًا مكتوبًا عليه «داني خاركي معنا دائمًا»، وصرخ بشكل هستيري. وقال أندريس بينما يمسح دموعه: «كانت تلك اللحظة سحرية، لقد كان شيئًا أردت حقًا أن أفعله من أجل داني وعائلته، وكانت الليلة المثالية لذلك، واللحظة الأفضل لتكريمه». وتلقى إنييستا تصفيقًا حارًا من مشجعي المنافسين لبرشلونة، في الموسم الذي أعقب مونديال جنوب أفريقيا 2010. ومن أبرز هذه التصفيقات، كان ماحدث في ديربي كتالونيا، حيث شعر مشجعو إسبانيول أنهم مدينون له، لأنه منح إسبانيا كأس العالم، وقام بتكريم قائدهم المحبوب داني خاركي. يمكن القول إن إنييستا كان في ذروة عطائه خلال بطولة أمم أوروبا 2012. وقد اختير رجل المباراة في ثلاث من أصل ست مباريات خاضتها أسبانيا، وتألق في الفوز الساحق على إيطاليا 4 -صفر في المباراة النهائية، وتوج بجائزة أفضل لاعب في البطولة. بعد التألق في الكلاسيكو الذي انتهى بفوز برشلونة 4 -صفر على ريال مدريد في 2015، أصبح إنييستا ثالث لاعب يحظى بحفاوة بالغة من جماهير البرنابيو، بعد دييجو مارادونا، ورونالدينيو في عامي 1983 و2005 على التوالي. غادر إنييستا كامب نو في عام 2018 - بعد 22 عامًا من انضمامه للنادي في سن المراهقة، كأحد أعظم لاعبيه على الإطلاق. وإجمالًا، فاز إنييستا ب 32 لقبًا، بما في ذلك أربع بطولات دوري أبطال أوروبا، وثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية. يُعرف إنييستا باسم دون أندريس و»المخادع»، كما أنشأت مهارته وأناقته مقارنات مع أسطورة الباليه السوفييتي رودولف نورييف. تم اختياره ضمن تشكيلة أسبانيا المشاركة في كأس العالم 2006 قبل أن يلعب أي مباراة مع المنتخب الأول. ظلت إسبانيا أربع ساعات و16 دقيقة دون أن تسجل أي هدف في الوقت الإضافي في كأس العالم، قبل أن يكسر إنييستا اللعنة في ملعب سوكر سيتي، المنتخب الإسباني فشل في التسجيل في الوقت الإضافي أمام إيطاليا عام 1934، وبلجيكا عام 1986، ويوغسلافيا عام 1990، وأيرلندا وكوريا الجنوبية عام 2002. أتم إنييستا 26 مراوغة في مونديال جنوب أفريقيا 2010. متفوقًا في عدد المراوغات على ليونيل ميسي (25) وآرين روبن (24). بينما جاء خلف لوكاس بودولسكي (27) وكان سيرخيو راموس (31) هو الأكثر مراوغة. إنييستا هو اللاعب الوحيد في التاريخ الذي حصد جائزة أفضل لاعب في المباراة النهائية لكل من؛ كأس العالم، وكأس أمم أوروبا ودوري أبطال أوروبا. من الغريب أن إنييستا ارتدى الرقم 6 مع إسبانيا، ورقم 8 مع برشلونة، بينما ارتدى تشافي الرقم 6 مع برشلونة ورقم 8 في إسبانيا. يمتلك إنييستا، ووالده خوسيه أنطونيو مزرعة عنب مساحتها 300 هكتار في الباسيتي. تضم 14 نوعًا مختلفًا من الأعناب وتقوم بإنتاج النبيذ الأحمر، والأبيض، والوردي، والفوار. لدى إنييستا تاسع أكبر عدد من الانتصارات في تاريخ كرة القدم الدولية (96)، إذ يأتي خلف سيرخيو بوسكيتس (98)، ويان فيرتونخين (99)، وتشافي (100)، وأندريس جواردادو (102)، وليونيل ميسي (113)، وإيكر كاسياس (121)، وكريستيانو رونالدو (126)، وسيرخيو راموس (131). وقال لويس إنريكي المدرب الحالي لباريس سان جيرمان والمدرب السابق لبرشلونة ومنتخب إسبانيا، عن إنييستا «إنه مثل هاري بوتر يقوم بالعد، واحد، اثنان، ثلاثة، وتجده قد تجاوز الخصم، يبدو وكأنه يمتلك عصا سحرية». وأوضح جوارديولا مدرب برشلونة سابقة ومانشستر سيتي حاليا «لقد كان أشبه بمن يراوغ منذ وجوده في رحم أمه».فيما قال المهاجم الأسطورة لمنتخب إسبانيا ديفيد سيلفا «الجميع يسألني دائمًا ما إذا كان ميسي أو رونالدو هو الأفضل، بالنسبة لي الجواب واضح للغاية؛ أندريس إنييستا هو الرقم واحد، إنه قادر على إنجاز أشياء أكثر صعوبة، وساحر حقيقي». من جانبه قال عن صامويل إيتو زميله السابق في برشلونة «عندما قلت إن إنييستا هو أفضل لاعب في العالم قبل عامين، ضحك الجميع. والآن يدركون أنني كنت على حق». «وأشار فيسينتي ديل بوسكي «من الناحية الفنية، هو أفضل لاعب رأيته في حياتي. فهو يجعل أصعب الأمور تبدو سهلة للغاية. إنه مثل أسطورة التنس روجيه فيدرر، يقدم أشياء استثنائية، بينما بالكاد يتعرق». وأكد الأسطورة الفرنسي زين الدين زيدان المدرب السابق لريال مدريد «لقد قارنه الناس بي، وأستطيع أن أرى أوجه التشابه، ودعني أخبرك أنه شرف لي».