تُعد الحِرف اليدوية انعكاس جميل لثقافة وتراث أي بلد، وصورة مادية عميقة لإبداع الانسان وخياله، والاحتفاء بها سلوك إنساني وحضاري باهر وقد ظهر من خلال مبادرة (عام الحِرف اليدوية) وهي مبادرة عظيمة وفريدة لأنها تُعنى بجهد ومهارة الإنسان القديم، وتهتم بالتواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتسعى لإبراز إبداعات الحرفيين السعوديين لدى العالم، فرغم التحديث الزمني والتطور الكبير في صناعة الأدوات واحتياجات الإنسان إلا أن الاحتفاء بالموروث يرفع من قيمة الجهد والتعب والصراع البدائي مع الحياة، فالإنسان الأول كان يعتمد في حياته على إنتاجه اليدوي المستخلص من البيئة من حوله، فنجد أن كل ممتلكاته مصنوعة من مكونات بيئية طبيعية من حيوانات ونباتات وأحجار وأتربة وغيرها، فقد شكَّل مع أفراد مجتمعه منظومة جيدة ومتكاملة لحماية نفسه وتوفير معيشة مناسبة، حيث أتقن كلَّ واحدٍ منهم حرفةً معينة وبرع فيها ونقلها لأبنائه وبدأ التعايش المجتمعي، وقد ساهم الاتساع الجغرافي في المملكة العربية السعودية على تعدد الحِرف وتنوعها والتي كانت جميعها عبارة عن جهد شخصي وذهني من الأفراد الذين جعلوا من احتياجاتهم في الحياة حافزًا للتفكير والإبداع والإنتاج، بدخول التكنولوجيا وُجدت البدائل وتم اختصار الوقت والجهد، ولم يعُد الناس في حاجة تلك الأدوات اليدوية، ولكن لأنها في الأصل نمط معيشي وتاريخ عريق فإن الاحتفاء بها بعد زوالها دلالة على احترام الإنسان وتقدير لمهاراته وجهوده ومعاركه مع الحياة،دلالة على تمكين أولئك المكافحين الذين مازالوا متمسكين بحرفهم اليدوية، ودلالة على تصدير ثقافتنا وتاريخنا وموروثنا العظيم إلى العالم، فتلك المنتجات تجاوزت المعنى الاستهلاكي وأصبحت أساس ثقافي عميق لما تحتويه من إرث وإبداع، حين شاركتْ في تصوير الموسم الأخير من سوق عكاظ في عام 2019، كان الحرفيون فخورين بأعمالهم وسعداء بتصديرها وبشرح تفاصيلها للزوار، ولم تقتصر المعرفة على كبار السن العريقين في حرفهم، بل وجدت أن أبنائهم وأحفادهم الصغار قد اكتسبوا الصنعة وتعلموها، معتقدين بأهمية الاتصال بين الأزمنة والفئات العمرية المختلفة، تسمية عام 2025 بعام الحِرف اليدوية مبادرة قيِّمة جدًا ومهمة فالاحتفاء بالموروث ونشره رفعة للشعوب، وإبراز للهوية الوطنية. القفاص صناعة شباك الصيد نجوى العمري