قبل عدة أسابيع تناول الإعلام خبراً مهماً حول إنجاز جديد يعد الأول على مستوى العالم عن نجاح فريق طبي في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني بتقديم العلاج الجيني (كاسكيفي) باستخدام تقنية التعديل الوراثي (كرسبر) لمصاب يبلغ من العمر 13 عاماً يعاني من أنيميا البحر الأبيض المتوسط. أيضاً، تناقلت وسائل الإعلام بعد ذلك بأسابيع قليلة خبراً آخر عن إنجاز نوعي غير مسبوق عالمياً، تمثل في نجاح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم، لمريض لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر، عانى من فشل القلب من الدرجة الرابعة. لاحظ عزيزي القارئ أن الإنجازات الطبية آنفة الذكر تم وصفها بأنها تعد الأولى عالمياً، أي أن المملكة لها السبق في هذه الإنجازات. ما أود التركيز عليه في هذين الخبرين هو أن الكفاءات التي عملت على الأبحاث المتعلقة بتلك الحالات الطبية والتي أجرت العمليات الجراحية التي أدت لهذه الإنجازات هي كفاءات وطنية بامتياز، وهي بالمقام الأول ثمرة مخرجات التعليم السعودي ومنتجاته على مدار أكثر من 94 عاماً من العطاء المستمر والذي نفخر به جميعاً. فكل هؤلاء الشباب السعودي المبدع الذين شاركوا في الإنجازين السابقين كانوا في يوم من الأيام طلاباً على مقاعد الدراسة سواءً في مراحل التعليم العام أو التعليم الجامعي في مختلف مناطق المملكة. في كل عام كذلك، نشهد العديد من الإنجازات من شباب الوطن وبناته المبدعين والمبدعات الذين يحققون أفضل النتائج في شتى المجالات، وما معرض آيسف عنا ببعيد، حيث يعتبر معرض آيسف الدولي للعلوم والهندسة ISEF أكبر معرض علمي للمنافسة في مجال الأبحاث العلمية للمرحلة ما قبل الجامعية، وفي كل سنة تحصد فيه الفرق السعودية المشاركة أعلى المراكز بل وأكثر حصيلة من الجوائز من بين كل الفرق المشاركة والقادمة من أكثر من 75 دولة. كل هذه الأمثلة وغيرها العديد من الشواهد الأخرى التي لا يمكن لمقال ولا حتى لكتاب واحد أن يسعها ويتحدث عنها، تدل على التطور الكبير الذي شهده ويشهده قطاع التعليم السعودي، وهو نتيجة الدعم الكبير واللامحدود الذي يلقاه هذا القطاع المهم والحيوي من الحكومة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله. مع احتفالنا كمواطنين باليوم الوطني السعودي ال94، لا يسعنا جميعاً عند التأمل في الرحلة الاستثنائية التي قطعها التعليم السعودي - منذ انطلاقته البسيطة عند بداية توحيد المملكة إلى يومنا هذا - إلا أن نشعر بالفخر تجاه هذا التحول والتطور الكبير الذي تم بذله وإنجازه في فترة تعتبر قصيرةً نوعاً ما إذا ما تمت مقارنتها بأنظمة تعليمية عريقة قائمة منذ أكثر من 500 عام. البدايات البسيطة التي شهدها التعليم السعودي قبل 94 عاماً حيث المدارس والكوادر التعليمية محدودة والإمكانات بسيطة، كان يصاحبها إيمان راسخ لدى القيادة بأهمية التعليم لبناء أمة قوية ومزدهرة، قادرة على الرقي والنجاح ومنافسة أمم العالم المتقدم في كافة المجالات. والحقيقة الثابتة التي لم ولن تتغير في المملكة، أنه ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى يومنا هذا، أصبح التعليم محورًا رئيسيًا في رؤية المملكة واستراتيجياتها المستقبلية، وذلك لأن التعليم هو أساس قوة الوطن وهو الشريان الرئيسي الذي يغذي كل القطاعات في المملكة بالكفاءات الوطنية المؤهلة لقيادة الوطن وضمان تألق هذا البلد المعطاء على جميع الأصعدة. في وقتنا هذا، أصبحت المملكة -ولله الحمد- قوة تعليمية يُشار إليها بالبنان. عدد من الجامعات السعودية الآن تحتل مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية، هذه المراكز تتقدم سنةً بعد أخرى، كان آخرها خبر حصول جامعة الملك سعود على المرتبة 90 في تصنيف شنغهاي العالمي للجامعات. كما أن العديد من الجامعات السعودية تجمعها شراكات استراتيجية مع أعرق الجامعات العالمية في مجال البحث والابتكار والتدريس يتم فيها تبادل الخبرات بين تلك الجامعات العالمية وجامعاتنا الوطنية. التعليم السعودي أصبح واجهة جاذبة للطلاب من كافة أنحاء العالم لدراسة كافة التخصصات، وما منصة أدرس في السعودية التي أطلقتها العام الماضي وزارة التعليم إلا شاهد حي على ذلك. ستستمر بحول الله عجلة التقدم والتطور في مسيرة التعليم في المملكة نحو الأفضل دائماً بعزيمة وإصرار أبناء هذا الوطن وطموحهم، وسيستمر وطننا الغالي بإبهار العالم بإمكانات شبابه وإبداعهم، وسيستمر هذا البلد الشامخ منارةً للتعليم يشع نورها في جميع أرجاء العالم، ودام عزك يا وطن. د. أيمن التميمي