وحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود المملكة، وأصدر أمراً ملكياً في 19 سبتمبر 1932 باسم "المملكة العربية السعودية"، واختار أن يكون يوم 23 سبتمبر 1932 الإعلان عن قيام المملكة العربية السعودية، وواصل الملك عبدالعزيز إنجازاته من خلال نظرته العميقة والمستقبلية وإدراكه لأهمية زيادة موارد الدولة المالية وبدء التنمية الاقتصادية، والانتقال من موارد محدودة الدخل مثل: الحج والجمارك والزكاة، إلى مورد النفط "الذهب الأسود"، وما كان بالإمكان، إلا أن يوقع الملك عبدالعزيز اتفاقية امتياز بين الحكومة السعودية وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا للتنقيب عن البترول في 29 مايو 1933. وفي عام 1938 تدفق النفط من بئر الدمام رقم 7 "بئر الخير" حاليًا، ليصل إنتاجها فيما بعد إلى 32.4 ألف برميل يوميًا، وأصبحت الميزانية العامة تعتمد بشكل شبه كامل على الإيرادات النفطية، ثم استمر تزايد إنتاج النفط خلال السبعينات والثمانينات إلى ما فوق 9 ملايين برميل يومًيا وحتى وقتنا الحاضر، وبطاقة إنتاجية تبلغ 12 مليون برميل يوميًا، وبأكبر ثاني احتياطي في العالم 268.5 مليار برميل، وتزامنًا مع زيادة إنتاج النفط ارتفعت الإيرادات بمعدلات عالية، ومكنت الحكومة من مواصلة إنفاقها على مشاريع البنية التحتية خلال العقود الماضية، ومازال النفط مصدراً هاماً للميزانية العامة حتى وقتنا الحالي وبمساهمة كبيرة في إجمالي الناتج المحلي. إنها ثورة اقتصاد النفط التي عظمت اقتصادنا وجعلته من أقوى الاقتصاديات في العالم بل أكبر اقتصاداً في الشرق الأوسط وقوة ناعمة على الساحة الدولية، ومع ذلك مازالت طموحاتنا كبيرة وتعانق عنان السماء من أجل التحول من اقتصاد النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامةً نحو مستقبل مزدهر وأكثر إشراقة في تاريخ اقتصاد الممملكة، وهنا بدأت ثورة العصر الحديث، ثورة رؤية 2030، ثورة اقتصاد غير النفط، برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبقيادة الملهم والرائد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بتنمية وتنويع الأنشطة غير النفطية واستغلال الموارد الطبيعية غير المستغلة، إنها انطلاقة رؤية 2030 في عام 2016، ومشاركة صندوق الاستثمارات العامة في نمو وتنويع القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع ذات القيمة الاقتصادية المضافة علامة فارقة في تاريخ المملكة، وجعلتها تتسلق قمة مجموعة ال20، نحو اقتصاد أكثر مرونة، وقادر على امتصاص الصدمات الاقتصادية العالمية وحماية الاقتصاد الوطني من أثر تقلبات أسعار النفط. وانعكست مبادرات ومستهدفات رؤية 2030، إيجاباً على نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، حيث نما ب16% من 2.99 تريليون ريال في 2015م إلى 3.5 تريليون ريال في 2023، ولأول مره يتجاوز إجمالي الناتج المحلي الاسمي (1.1) تريليون دولار أو 4 تريليون ريال، ولأول مرة في تاريخ السعودية، يبلغ مساهمة الأنشطة غير النفطية 50% أو 1.73 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، ولأول مرة يلتقي منحى اقتصاد النفط بمنحنى اقتصاد غير النفط عند نقطة التوازن، بل إن منحنى الأنشطة غير النفطية قطع منحى الأنشطة النفطية ولأول مرة في الربع الثاني من 2024، بمساهمة بلغت 52 % في إجمالي الناتج المحلي. وترابطاً مع نمو الاقتصاد، نمت الإيرادات غير النفطية 175 % من 166 مليار ريال في عام 2015 إلى 457.7 مليار ريال أو بمساهمة 35 % في الميزانية العامة في عام 2023، بينما ارتفعت الإيرادات النفطية 69 % من 464.4 مليار ريال إلى 755 مليار ريال خلال نفس الفترة، وبذلك ارتفع إجمالي الإيرادات 98 % من 612.7 مليار ريال إلى 1.2 تريليون ريال في 2023. ويقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان "طموحنا أن نبني وطناً أكثر ازدهاراً، يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم".