الرغبة في الحصول على شيء أو النفور منه هو الدافع الذي يوجه سلوك الفرد نحو تحقيق هدف محدد، وعندما يتحول هذا الجهد إلى واقع عملي عندها نعتبره "دافعية"، حيث يشير إلى استمرارية النشاط في الاتجاه الذي يؤدي إلى تحقيق الهدف. مثال على ذلك دوافع السيطرة قد تكون واضحة عندما يميل الفرد إلى التنافس والغلبة، ويقوم بإعاقة نجاح الآخرين ويحبط جهودهم بهدف تحقيق مكاسب ولو كانت مؤقتة، مثل الحصول على ترقية أو منصب في العمل، أيضًا دافع السفر إلى وجهة محددة، مما يوضح لنا أن الدافع هو المحرك الذي يسعى الحافز لتحقيقه. في مجال التسويق، يُعتمد على هرم "ماسلو" لتوضيح تأثير سلوك الشراء لدى المستهلك، وكيف يقوم بترتيب احتياجاته بشكل هرمي، بحيث عندما يحقق الفرد مستوى معين من احتياجاته، يدفعه ذلك إلى السعي لتحقيق المستوى الأعلى في الهرم، إلى أن يصل لمستوى "الرضا عن الذات" في قمة الهرم. بناءً على ذلك، هناك قوة دافعة تنشأ لدى الفرد نتيجة رغبته في إشباع حاجاته، فكل سلوك للفرد يجب أن يكون وراءه دافع، وهذه الدوافع تنقسم إلى: الدوافع الأولية التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية، مثل: شراء الخبز دون الاهتمام باسم المخبز الذي أنتجه، والدوافع الانتقائية التي تنبع من رغبة المستهلك في اقتناء منتج أو خدمة محددة بالاسم، والدوافع العقلية (الحصيفة) التي تنشأ نتيجة قيام المستهلك بدراسة جميع العوامل المتعلقة بالمنتج أو الخدمة مثل: المميزات والجودة والسعر والتوصيل، والدوافع العاطفية التي يكون للعاطفة دور كبير في قرار الشراء، مثل: اقتناء منتج فقط للتباهي بشعاره دون النظر إلى مدى تلبيته للاحتياجات، أو الشراء من أسرة منتجة بغرض دعمها، وفي الأخير دافع التعامل الذي يرتبط بتجربة العميل ككل، من حيث سرعة الحصول على المنتج أو الخدمة وتعامل مسؤولي المبيعات ومظهرهم، وغيرها من الأمور التي تتعلق بتفاعل العميل من البداية تواصله مع المنظمة وحتى استخدام المنتج أو الخدمة. بالإضافة إلى ذلك يجب ألا نغفل الاهتمام بالاستثناءات في جانب الدافع، والتي قد تنبع من الحالات الطارئة أثناء الشراء، بحيث لا يكون لدى المستهلك في تلك اللحظة أي خيارات متاحة. على سبيل المثال، إذا انفجر إطار السيارة في منطقة نائية بعيدة عن العمران، فإن التفكير في مواصفات ونوع الإطار يصبح ثانويًا، ويتم اختيار أي إطار متاح يُمكّن السيارة من العودة إلى المدينة. كذلك، قد يتغير قرار الشراء في اللحظة الأخيرة نتيجة لعوامل طارئة، مثل: حدوث ضائقة مالية مفاجئة، أو نتيجة لعوامل نفسية أو اجتماعية مثل: الغيرة عند معرفة أن أحد الأقارب أو الأصدقاء يمتلك نفس السلعة، مما قد يدفع الفرد إلى اختيار بديل أو حتى إلغاء قرار الشراء. أيضا بالنسبة لمثال العائلات التي كانت تنتمي إلى الطبقة "المخملية" من المجتمع بحيث كانت تتمتع بالثراء والسمعة خلال فترة من الزمن، ثم أصبحت ليست ذات مال أو غنى كما كانت في السابق، قد نجد لديها دافعًا قويًا للحفاظ على مظهرها الاجتماعي المرموق، فعلى الرغم من تراجع أوضاعهم المالية، قد يلجؤون إلى امتلاك سيارات فاخرة والسفر إلى دول مكلفة، حتى لو كان ذلك فوق استطاعتهم، بغرض الحفاظ على نمط صورتهم في نظرة المجتمع لهم وتلبية لضغوط المجموعة الاجتماعية التي ينتمون إليها. وعلى العكس من ذلك قد نجد أفرادًا من طبقة أخرى لديهم أرصدة كبيرة في البنوك، ولكن لا يوجد دافع لديهم بأن يظهروا بسيارات الفارهة أو بكثرة السفر والسياحة. لفهم سلوك المستهلك ودوافعه واتجاهاته ومشاعره وغيرها من المعتقدات، لا بد من دراستها باستخدام طرق غير مباشرة، من خلال بحوث التسويق التي تركز على وضع الفرد في مواقف غامضة قد تكون كلمة أو جملة غير مكتملة، ويُطلب منه توقع تكملتها، أو صورة غير واضحة ويُطلب منه شرحها، أو قصة غير مكتملة ويُطلب إكمالها، وما هي المعاني التي ترد في ذهنه عند سماع كلمة معينة، بحيث يقوم بتفسير تلك الأمور بناءً على تراكم خبراته، ومستوى تعليمه، والمجتمع الذي عاش فيه، بالإضافة إلى المواقف والتجارب التي خاضها وغيرها من الأمور التي أثرت على دوافعه واتجاهاته ومشاعره وانعكست على سلوكه كمستهلك. عند دراسة السوق في بداية أي مشروع لا بد من الاهتمام بتحليل أنماط الشراء والعادات والاتجاهات والانطباعات وبالطبع الدوافع الخاصة بالشريحة المستهدفة التي تحفزهم على اتخاذ قرار الشراء، وذلك بغرض تقديم حلول تلبي احتياجاتهم بشكل دقيق وفعال، مما يزيد من فرص نجاح المشروع بإذن الله.