إن الأُسس السليمة التي وضعها الملك المؤسس عبدالعزيز –طيب الله ثراه– ومكنت المملكة من تحقيق مستويات متقدمة من التنمية والتطوير والتحديث، يتم في وقتنا الحاضر استكمالها والبناء عليها باحترافية ومهنية عالية، وبقيادات وطنية متميزة، هدفها الرئيس تحقيق مستويات عظيمة من التنمية والتطوير والتحديث.. في السَابع عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1351ه، الموافق ل18 سبتمبر 1932م، أصدر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود –طيب الله ثراه– الأمر الملكي الكريم رقم 2716 مُتضمناً ثمانية مواد رئيسة، نصَّت مادته الأولى على الآتي: "يحول اسم المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها إلى اسم المملكة العربية السعودية، ويُصبح لقبنا بعد الآن ملك المملكة العربية السعودية." ونصت مادته الثالثة على الآتي: "لا يكون لهذا التحويل أي تأثير على المعاهدات والاتفاقات والالتزامات الدولية التي تبقى على قيمتها ومفعولها وكذلك لا يكون له تأثير على المقاولات والعقود الإفرادية التي تظل نافذة."، ونصت مادته الخامسة على الآتي: "تظل تشكيلات حكومتنا الحاضرة سواء في الحجاز ونجد وملحقاتها على حالها الحاضر مؤقتاً إلى أن يتم رفع تشكيلات جديدة للمملكة كلها على أساس التوحيد الجديد."، ونصَّت مادته السادسة على الآتي: "على مجلس وكلائنا الحالي الشروع حالاً في وضع نظام أساسي للمملكة ونظام لتوارث العرش ونظام لتشكيلات الحكومة وعرضها علينا لاستصدار أوامرنا فيها."، أما مادته الثامنة فقد نصَّت على الآتي: "إننا نختار يوم الخميس الواقع في 21 جمادى الأولى سنة 1351ه الموافق لليوم الأول من الميزان يوماً لإعلان توحيد هذه المملكة العربية ونسأل الله التوفيق."، نعم، هذا الأمر الملكي الكريم الذي تضمنته في صفحتها الأولى جريدة "أم القرى" في عددها رقم 406 للسنة التاسعة الصادر في يوم الجمعة 22 جمادى الأولى سنة 1351ه الموافق 23 سبتمبر سنة 1932م، أكد بشكل صريح ومباشر على أسس البناء والتنمية والتحديث والتنظيم والالتزام بالقوانين والأنظمة التي يعمل عليها أبناء المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة. نعم، إن الإشارة إلى هذا الأمر الملكي الكريم، الصادر في 1351ه الموافق 1932م، وما تضمنه من مواد، تُدلل بشكل مباشر على أن رجالات الدولة السعودية –بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز– عملوا على أسس البناء والتطوير والتحديث والتنظيم حتى قبل أن تتسمى الدولة بمسماها الحديث الذي اختاره لها الملك المؤسس عبدالعزيز: "المملكة العربية السعودية". نعم، فعندما نعود إلى ما ورد في "البلاغ" الذي أوردته جريدة "أم القرى" في عددها الأول للسنة الأولى الصادر في 15 جمادى الأولى 1342ه الموافق ل 12 ديسمبر 1924م، نجد توجيهات الملك المؤسس عبدالعزيز جميعها تدفع باتجاهات البناء والتنمية والتطوير على جميع المستويات، ومن ذلك ما تضمنه "البلاغ" في جميع نقاطه ومنها النقطة الثانية والتي نصت على الآتي: "سنجعل الأمر في هذه البلاد المُقدسة –بعد هذا– شورى ..."، وكذلك ما تضمنته النقطة الثالثة والتي نصت على الآتي: "إن مصدر التشريع والأحكام لا يكون إلا من كتاب الله ومما جاء عن رسوله عليه الصلاة والسلام، أو ما أقره علماء الإسلام الأعلام بطريق القياس، أو أجمعوا عليه مما ليس في كتاب ولا سنة. فلا يحل في هذه الديار غير ما أحله الله، ولا يحرم فيها غير ما حرمه."، وأيضاً ما تضمنته المادة الخامسة والتي نصَّت على الآتي: "لا كبير عندي إلا الضعيف حتى آخذ الحق له، ولا ضعيف عندي إلا الظالم حتى آخذ الحق منه، وليس عندي في إقامة حدود الله هوادة، ولا يُقبل فيها شفاعة، فمن التزم حدود الله ولم يعتدِها فأولئك من الآمنين. ومن عصى واعتدى إنما إثمه على نفسه ولا يلومن إلا نفسه، والله على نقول وكيل وشهيد، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم." نعم، إننا أمام منهج عمل وسياسات بِناء وتنمية تبناها الملك المؤسس عبدالعزيز مُنذُ يومه الأول بعد أن مكنه الله من الملك وخدمة الإسلام ومقدسات المسلمين. نعم، وبناءً على تلك الأسس الصلبة، والسياسات الحكيمة، التي رسَّخَ أعمدتها الملك المؤسس عبدالعزيز، انطلقت رحلة البناء والتنمية والتطوير والتحديث في جميع أرجاء ومناطق وأقاليم المملكة العربية السعودية حتى تقدمت عاماً بعد عام، وتطورت عقداً بعد عقد، وجيلاً بعد جيل، لتصبح واحدة من أكبر دول العالم في المجالات الاقتصادية، ولتكون عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين (G20) لأكبر اقتصاديات العالم، ولتتصدر الصفوف الدولية والعالمية في مستويات الاستقرار السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والأمني، ولتكون الدولة الأولى والرئيسة في مجالات إنتاج مصادر الطاقة العالمية التي تؤثر تأثيراً مباشراً في نسبة نمو الاقتصادات العالمية. نعم، إن الذي حققته المملكة العربية السعودية مُنذُ عهد التأسيس وحتى وقتنا الحاضر يعبر عن نقلة عظيمة في مستويات البناء والتنمية الداخلية في كل المجالات، وكذلك يعبر عن نقلة عظيمة وغير مسبوقة في درجات التصنيف العالمية التي حققتها المملكة العربية السعودية قياساً بالمدة الزمنية القصيرة، وكذلك مقارنة بما حققه غيرها من الدول والمجتمعات. نعم، وإذا كانت هذه النقلة العظيمة التي حدثت في مستوى التنمية والتطوير والتحديث، وفي مكانة الدولة العالمية، تعبر عن جهود عظيمة بذلها أبناء وقيادات المملكة العربية السعودية جيلاً بعد جيل على مدى المئة عام الماضية، فإن سياسة التنمية والتحديث والتطوير التي تبنتها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظهما الله– تُعبر عن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة في استراتيجيات وخطط التنمية، كما أنها تُعبر عن رحلة جديدة وغير مسبوقة من رحلات البناء والتنمية والتطوير التي شهدتها وتشهدها المملكة العربية السعودية. نعم، إن التنمية والتطوير والتحديث الذي تسعى لتحقيقه المملكة العربية السعودية في الحاضر والمستقبل يتناسب مع المستويات التعليمية والتقنية والفنية والصناعية والتكنولوجيا المتقدمة التي وصل لها أبناء المملكة العربية السعودية في مختلف العلوم والمعارف، وفي كل المجالات، وعلى جميع المستويات. وإذا كانت الشواهد الظَّاهرة تدلل على ذلك، فإن "رؤية السعودية 2030" تؤكد على هذه الأهداف السَّامية والغايات النبيلة التي يعمل عليها أبناء المملكة العربية السعودية المُؤهلين تأهيلاً متميزاً ونوعياً على جميع المستويات العلمية والفكرية والفنية والتقنية والتكنولوجية وغيرها من مجالات إبداعية يتطلبها الوطن الطموح والسَّاعي للصعود لمصاف دول العالم المتقدم والصناعي. وإذا كان أبناء الوطن يعملون بكل جد واجتهاد للارتقاء بمكانة وطنهم لمصاف دول العالم المتقدم والصناعي إيماناً منهم بقدراتهم ومهاراتهم وفكرهم وعلمهم النوعي والمتميز، فإنهم كذلك يؤمنون إيماناً يقينياً بأهمية تحقيق تلك الأهداف السَّامية والغايات النبيلة التي تجعل من وطنهم نموذجاً فريداً للبناء والتنمية والتطوير على جميع المستويات الدولية والعالمية. وفي الختام من الأهمية القول إن الأُسس السليمة التي وضعها الملك المؤسس عبدالعزيز –طيب الله ثراه– ومكنت المملكة من تحقيق مستويات متقدمة من التنمية والتطوير والتحديث، يتم في وقتنا الحاضر استكمالها والبناء عليها باحترافية ومهنية عالية، وبقيادات وطنية متميزة، هدفها الرئيس تحقيق مستويات عظيمة من التنمية والتطوير والتحديث لتتحقق طموحات المملكة العالمية كما تضمنته "رؤية السعودية 2030"، ولتكون في مصاف الدول الصناعية والمتقدمة. نعم، فعلى امتداد تاريخ المملكة العربية السعودية، يُعتبر المواطن لبنة أساسية من لبنات البناء والتنمية والتطوير والتحديث المُستمر والمُتواصل الذي حققه المجتمع السعودي ووصلت له مكانة الدولة على جميع المستويات الدولية.