يا لهذه الحياة.. فيها من الأفراح والأحزان ما يكفي.. فبين ممراتها تجود بينا عواصف الخير ورحلات ومحطات العمر المختلفة خصوصاً في العلاقات الأسرية والإنسانية والاجتماعية.. وبين كل ذلك وذاك أمور إيجابية وأخرى سلبية.. فالحياة صعود وهبوط في جميع مناحيها.. يمر على كل إنسان لحظات فيها ابتهاج ومحبة وقبول من الناس بما يكسبه من احترام وتقدير الآخرين.. وعلى العكس يمر بمواقف أخرى مؤلمة وصعبة يستقي الصبر من الله سبحانه. حقيقةً.. كنت في صدد كتابة مقال عن يوم المعلم العالمي لعام 2024.. ولكن وفجأة تلقيت اتصال من والدتي الغالية تخبرني بأن أبي وحبيبي وتاج رأسي ومعلمي الأول متعب جداً جداً، فهممت أنا وأخوتي مسرعين إلى بيته ومتوجهين إليه.. فعندما جئت وجدته مستلقي على الأريكة مغمض العينين فاقد الوعي.. وعندها نقل إلى المستشفى.. وكلها دقائق وفارق الحياة.. نعم فارق الحياة.. حُلم.. إلى الآن أجد ذلك حُلم وأريد الاستيقاظ منه.. يا الله رحمتك فلا اعتراض على قدرك، بل نسألك اللطف فيه.! رحل القلب الطيب.. رحل المعلم.. والمربي.. رحل أبي.. صاحب الابتسامة.. صاحب الوجه المنير.. صاحب الخُلق الرفيع.. فكان نعم المربي ونعم المُخلص مع أبناءه ومع من حوله.. فالحمدلله دائماً وأبداً.. فعندما وددت أن أكتب عن يوم المعلم العالمي.. أجد أبي هو خير مثال عن ذلك.. فكان الأب المعلم والصديق والرفيق والحنون.. وكان السند والمعين.. فكان دائماً حريصاً على صلاته وصلة رحمه ووفاءه مع من يعرف ومع من لا يعرف.. فدائماً ما يردد رحمة الله عليه جملة عالقة في ذهني وسوف تظل ما حييت "من كان مع الله.. كان الله معه".. رحل معلمي أبي وتاج رأسي.. رحل صاحب الأثر الطيب.. رحل المُسبح والمٌصلي.. فالناس شهود الله في أرضه.. فعمل الخير على مدار 18 سنة وأكثر في خدمة مساجد الله والعناية بها سوف تبقى ويبقى أثرها في الدينا وله في الآخرة من الحسنات والأجر والمثوبة عند رب العباد سبحانه وتعالى. نعم أبي كنت خير مُعلم لي.. فقد تعلمت منك كل ما هو خير من دين وطيب وصلة رحم وإخلاص وتعامل مع الناس.. خير وأطيب المعلمين أنت يا أبي. فتعجز العبارات والكلمات عن وصف ما بداخلي من شعور ومشاعر تجاه وفاة والدي رحمه الله رحمة الأبرار.. نعم أبي فارقت الحياة.. ولكن لم ولن تفارق قلوبنا ووجداننا وعقولنا، فأثرك الطيب باقي وسيظل. اللهم يا رب العالمين أرحم أبي وموتى جميع المسلمين وأغفر له وأعفو عنه؛ اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأدخله جنات الفردوس بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين. أبي كنت ولا زلت وستظل في روحي ووجداني ما حييت.! * ابنك نبيل