قد لا يعرف الكثيرون أن مساحة المحميات الطبيعية في المملكة تمثل ما يقارب 14 % من المساحة الإجمالية لها، ولأنها دولة تستثمر في المستقبل وآفاقه فإن مبادرة السعودية الخضراء، التي أعلن عنها مؤخراً سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - تستهدف مضاعفة المساحات المحمية في المملكة لتصل إلى 30 % من المساحة الإجمالية للمملكة، مما سيجعلها تتبوأ مكانة متميزة بين دول العالم في هذا المجال البيئي الفريد، متخطية اتفاقية الأممالمتحدة مع الدول الأعضاء، بتخصيص 17 % من مساحة كل دولة لتصبح محميات طبيعية، لذا تسابق المملكة الزمن للوفاء بالتزاماتها وتحقيق أهدافها، بل وتحقيق نجاحات يشهد بها العالم، بعد صدور قرار إنشاء المحميات الملكية، الذي يعد حدثاً بيئياً عالمياً، وقفزة نوعية غير مسبوقة في مجال حماية الأرض والتربة والمناخ والتنوع الأحيائي، حيث قاربت نسبة المساحة المحمية في المملكة من 15 % من مساحة المملكة، وبحلول 2030 ستتجاوز تلك المساحة وتضاعفها، لتصبح من أكبر الدول التي تحتضن محميات طبيعية بين أرجائها، مع الأخذ في الاعتبار أن المملكة دولة ليس بها أنهار، ومناخها جاف. الواقع في المنطقة العربية إن الغالبية العظمى من مساحة العالم العربي تقع في نطاق حزام صحراوي، من خصائصه الجفاف وهشاشة النظم البيئية وضعف التنوع الحيوي، ومازالت برامج الحماية وثقافة الحفاظ على الموارد والمقدرات الطبيعية وتنميتها، دون المستوى المطلوب، باستثناء المملكة وبعض دول الخليج العربي، وذلك ربما يعود لانتشار الفقر وتفشي الأمية وعدم الاستقرار السياسي في بعض الدول، حيث لم تهتم معظم الدول بتحقيق التزاماتها المتعلقة بمساحات المحميات الطبيعية التي نصت عليها الاتفاقات الدولية، ومن ثم يحدث الخلل البيئي في كثير من تلك البلدان. السياحة وحضارة الشعوب تضع المملكة ضمن أولوياتها الاستثمار في البيئة والمحميات الطبيعية خدمة للإنسان على سطح كوكب الأرض، والبشر على أرضها، وفي ظل هذا التوجه لتعزيز القطاع السياحي، وزيادة مساهمته في الناتج القومي، تشكل بعض المحميات الطبيعية مجالاً خصباً للاستثمار في السياحة البيئية، ما سيكون له الأثر الكبير الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة للمناطق المتاخمة لتلك المحميات، مع مراعاة أن يشترك المواطنون في هذا العمل المتفرد، لحماية وتنمية المحميات الطبيعية وتعريف الأجيال الجديدة، من خلال المناهج الدراسية بأهميتها، ودورها في تحسين المناخ والصحة العامة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، فيجب أن يشارك الإنسان بنفسه، ليرى الإنجاز على أرض الواقع، فحضارة الشعوب من أهم مقوماتها الاهتمام بالبيئة والمساحات الخضراء، إضافة لخلق بيئة نموذجية للحفاظ على بالكائنات الحية بتلك المحميات، وتوفير المناخ الملائم لحمايتها وتكاثرها والحفاظ عليها من خطر الانقراض، وهذا من شأنه زيادة الولاء لتلك البيئة الخصبة، وزيادة الوعي الشعبي بها وبأهميتها، خاصة في ظل تنامي الحركة السياحية في المملكة، وتنويع مصادرها، ووضعها على أجندة السياحة السعودية في المحافل العالمية. اقتصاد المحميات غير السياحي تشهدت المملكة مؤخراً طفرة في الإنتاج الدوائي، مما يستلزم بالضرورة البحث عن المواد الخام، ومن ثم بدأ فكر جديد في البلاد بتنمية هذه الثروة، لأن المحميات الطبيعية الناجحة والمستدامة تحفظ الموارد الطبيعية، وتعزز التنوع الأحيائي، الذي بدوره يحقق العديد من المزايا، كتوفير هواء نظيف ومياه عذبة وتربة خصبة منتجة، وأصول وراثية نباتية وحيوانية، ومخزون من النباتات الطبية المستخدمة في صناعة الأدوية، وكذلك صناعات العطور، وغيرها من الصناعات النوعية، أضف إلى ذلك قدرة المحميات على حماية المجتمعات من الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية الفجائية الكارثية. الثقافة الشعبية مع تنامي ثقافة المحميات البيئية الخاصة، لتواكب الوعي البيئي المجتمعي المتزايد، وانتشار المحميات الطبيعية لتشمل مختلف مناطق المملكة، إلا أننا نواجه تحديات من بعض التعديات، من الصيد الجائر وقطع للأشجار، خاصة النادرة، ومن ثم تهديد العديد من الحيوانات بالانقراض، لذا اتخذت المملكة إجراءات رادعة لمحاسبة ومعاقبة من يتحدون البيئة ويتعدون على خصوصيتها وجمالها، لتحقيق مآرب شخصية، أكثرها الوجاهة والتباهي بين الأصدقاء لا أكثر من ذلك، وفي خط مواز زيادة جرعات التوعية، للاهتمام البيئي واستغلال تلك الموارد اقتصادياً، في دعم السياحة الوطنية، وتشغيل الشباب في أنماط وظيفية لم تكن موجودة من ذي قبل، ومنها الإرشاد السياحي، والإرشاد البيئي أيضاً، بل وتعزيز ثقافة الاستمتاع بالكائنات الحية، في ظل ما تتميز به المحميات الطبيعية في المملكة من تنوع، حيث تضم مناطق ذات تنوع أحيائي وجيولوجي ومناخي، تم تخصيصها لحفظ الموارد الفطرية، ومن بين تلك المناطق والمحميات الشهيرة في المملكة التي جاءت بقرار ملكي كل من: «محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد، محمية الإمام تركي بن عبدالله، محمية الملك عبدالعزيز، محمية الملك خالد، محمية الإمام فيصل بن تركي، محمية الملك سلمان، محمية الأمير محمد بن سلمان». ويُذكر أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، قد أعلن اعتماد المحميات الملكية ضمن أهداف رؤية المملكة 2030م، التي تركز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل، وإسهاماتها في زراعة أكثر من 80 مليون شجرة، وتوطين أكثر من 30 نوعًا من الحيوانات المحلية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض. وتعمل المملكة في الوقت الراهن - وفق خطط مدروسة - على العديد من المبادئ لحماية تلك المحميات من التلوث، والحفاظ على نظافتها وصحة وسلامة الحيوانات بها، ومن الإجراءات التي قامت بها مؤخراً، منع دخول المركبات لمناطق الغطاء النباتي في الأودية، وإيجاد حلول للمخلفات التي يتم إزالتها من المحمية، وإدارة النفايات في المحمية. والمحميات الطبيعية مناطق جغرافية محددة المساحة، يتم تخصيصها للمحافظة على الموارد البيئية المتجددة من ثروات حيوانية ونباتية من أشجار ونباتات وكائنات حية، ومن أهم المحميات الطبيعية في السعودية الآتي: «حرة الحرة، الوعول، الطبيق، جزر فرسان»، وحرة الحرة الطبيعة جزء من محمية الملك سلمان الملكية. وتبقى المملكة في مكانة خاصة بها في عالم الحفاظ على البيئة، ومظاهر الحياة الطبيعية، إيماناً منها بتأثيرها على جودة الحياة، والاقتصاد النوعي، والسياحة المتجددة، وزيادة الوعي بالجمال الفطري البيئي. جانب من مبادرة «الرياض الخضراء» في المحاور الرئيسة بالعاصمة الرياض المحميات تسهم بجذب الزوار والسياح