لاحظ العالم الألماني كريستين نيبور عندما قدم لجزيرة العرب سنة 1762م أن الختان لدى المسلمين تختلف طريقته عنه لدى اليهود، وسمع أن إحدى قبائل العرب التي تقطن بين أراضي الشرفاء في أبو ريشة في مكة تطهر ذكورها بطريقة مختلفة عن السنة وجميع المذاهب الإسلامية، ولم يستطع كما قال إثبات منافع التطهير الصحية في البلدان الحارة لأن المجوس الذين يعرفون بعباد النار ووثني الهند وبعض الأمم في إفريقيا لا يطهرون أبدا، كما يقول وهم في صحة جيدة شأنهم في ذلك شأن اليهود والمحمدين وبعض أمم يعتمدون التطهير أما أقباط مصر والحبشة فيعمدون الذكور بعد سن أربعين يوما من ولادتهم ويطهرونهم في الوقت نفسه ويعدونها الأفضل، كما يفضل البعض منهم أن يختن الصبي بعد بلوغه العاشرة أو أكثر هذا إذا لم يطهر أبدا، وقال لا أستطيع الجزم ما إن كان إبراهيم عليه السلام الذي طهر مع أمته كلها بعد أن أمره الله بأن يفعل ذلك هو أول من مارس هذا الطقس أم أن شعوبا أخرى قد مارسته قبله لكن يبدو جليا بعد أن ورث أسلافه عليه السلام هذا التقليد يبدو أن العرب والمصريين والعباسيين قد أخذوه عنه ولعل الدين الإسلامي أدخلها إلى بلاد فارس والهند فأخذها جعافرة الساحل الجنوبي الشرقي الإفريقي عن العباسيين أو المسلمين المقيمين على الساحل نفسه ولا شك أن للختان الذي طبقته عدة شعوب فائدة جسدية معينة رغم أنه لم يفلح كما قال في الحصول على معلومات وافية حول هذه المسألة من المسلمين والمسيحيين الذين التقاهم لكن مما لا شك فيه حسب قوله هو أنها تفيد في البلدان الحارة الأشخاص الذين لا يغتسلون جيدا وأكد له طبيب إنجليزي في حلب أن الرطوبة تجتمع في البلدان الحارة تحت العضو التناسلي للذكر أكثر منه في البلدان الباردة ولهذا السبب أصيب صديق له يقيم في بلاد الهند بورم في ذلك الموضع نظرا لكونه غير مطهر وبعد أن بدأ يغتسل بعنايه زال الورم نهائيا ونصح نيبور غير المختنين من الديانات الأخرى أن يغتسلوا بانتظام حين يقصدون البلدان الحارة ولهذا السبب كما قال أمر مشرع اليهود والمسلمين والزنادقة بالتوضؤ بصورة متكررة مضيفا أن المسيحيين الذين يعيشون وسط هذه الشعوب وجدوا أنفسهم مرغمين على الختان إما لياقة وإما خوفا من احتقار الآخرين لهم أو التزاما منهم بقواعد النظافة، حيث يستطيع الرجل المختون أن يغتسل بسهولة أكثر من سواه خاصة إن كان لا يستطيع استعمال كلتا يديه الاثنتين كحال المسلمين، ثم ذكر أن التختين بعد أن تحول إلى مصدر للراحة لم تتوانَ الشعوب كافة في ممارسته ونقله للأجيال المقبلة بسبب قناعتهم أيضا بفائدة التطهير الضرورية لنظافة الرجل قبل الزواج إذا ما علم أن رجالا في الشرق وأوروبا على حد سواء وجدوا أنفسهم مرغمين على الخضوع لنوع معين من التطهير وبحسب ما أكد له بعض من قابلهم، كما يقول فإن هذه العملية تجرى لمعظم الفتيات في عمان خاصة في منطقة صيعر وعند الشعوب التي تقطن على حافتي الخليج العربي والبصرة كما ويطبقها المسلمون والأقباط في مصر، ويقال إن نساء الحبشة وبعض البلدان الإفريقية يمارسون هذا النوع من الختان، كما تلجأ النساء العربيات في بغداد إلى ختان بناتهن بينما لا يعرف الأتراك هذه العادة، وكلما ابتعدنا عن حدود شبه الجزيرة العربية قل عدد الفتيات المختونات في المدن التركية ويبدو جليا أن النساء يلجأن للختان لأنه يساعدهن على الاغتسال بسهولة أكثر إذا ما أضفنا أن الحشمة والعفة تقضي بذلك وأضاف نيبور: لقد وجدنا وصفا لختان الفتيات في قاموس شامبرز وفي كتب أخرى حيث قصد اثنان من علماء الرحلة الدانماركية سيدا من القاهرة في منزله في الريف، وعبروا عن رغبتهم بمعاينة فتاة مختونة فأصدر مضيفهما الأمر بإحضار فتاة قروية في سن الثامنة عشرة من عمرها وسمح لهمم بمعاينتها عن كثب فصور الرسام النموذج الطبيعي بحضور عدد كبير من الخدم الأتراك، لكنه كان يرتجف خوفا لأنهم كانوا يخشون ردة فعل المسلمين، ولما كان صاحب الدار صديقا لهم لم يجد أحد عيبا في ذلك. الألماني كريستين نيبور