تعتبر الآبار السطحية هي المصدر الرئيسي للمياه الذي كان يعتمد عليه الاجداد في حياتهم اليومية. وفي العودة إلى الماضي نجد للآبار شأن كبير في التنمية والإنتاج وحياة الناس وقت حفرها والبدايات التي سبقت حفر الآبار والمعاناة التي واجهت أصحاب هذه الآبار، فالبئر في يوم أمس باب من الرزق ومفتاحه، والماء فيها أمل منتظر والمسافة بينهم وبين هذا الماء عمق ومشقة يحدوهم إليه التطلع لغد مشرق، وصعوبة في الحفر يهونها ترقب النتائج المفرحة رغم التكلفة الكبيرة وقلة ذات اليد. إن خضرة البساتين فيما بعد وامتداد ظل الأشجار ينسي الجميع تعبهم وخسارتهم، ومن ماء هذه الآبار التي حفرت بالعشرات سطر التاريخ بمداد من ذهب صفحات مشرقة من كفاح أهل البلدان في زمن صعب وسط صحراء جافة تهيأت للسكنى من خلال نوافذ في العمق يستقى منها الماء العذب هي نوافذ هذه الآبار التي تخيفنا اليوم ولكنها بالأمس تروي ظمأهم وتسقي مزارعهم وبحسب مائها وغزارته تحدد إقامتهم في المكان أو رحيلهم. هذه الآبار، تحكي قصصا وتنطق بمعالمها وزرانيقها ولزاها وحواف منحاتها والطي الذي يبدو منها وحجارتها بل وبصمة الرشاء الذي حفر الصخر الجانبي منها، كل ذلك يحكي بحروف واضحة كم هي المعاناة والجهد والتعب والمال الذي صرف فيها، منذ أن وقف أصحابها ومعاونوهم على أرضها يخطون على الأرض كم ذراعا هي فتحتها وكم باعاً هو عمقها، ومن سيقوم بطي جوانبها، وكم من الوقت يستغرق حفرها والهم من كل هذا يبيت معهم ويستيقظ، وهاجس الحاجة يلوح في الأفق، والنتائج مجهولة فلا يدرون هل يجدون في هذا الموضع ماء أم ينتهي تعبهم بالخسارة. وكم هي المخاطر التي سوف تواجههم فيما لو ذهب تعبهم هدرا وضاع جهدهم ومالهم، ولكن التوكل على الله كان هو الداعم الأساس لهم وهو الأمل والرجاء، وهو عمود الخطة التنموية التي من خلالها يتبصرون في أمرهم ويشرعون في تنفيذ كل أعمالهم ويحققون آمالهم. إنها بئر طويت جوانبها بالحجارة الصلبة القوية لكي تبقى مرسومة معالمها في صفحات التاريخ، وتطوي في جوانبها وفي عمقها ولو دفنت شواهد حضارة سادت يوما من الأيام، وجذوع النخل حولها علامات على أن الأمل لا ينقطع وحصاد الإصرار يبقى تجربة لكل جيل. وهذه أبيات لأحد الشعراء حول الأمنيات والأمس يقول فيها: أهز غصن الأمس وتطير الأسباب والأمنيات أشبه ببنت ٍ لعوبة وألمس ثرا قلب ٍ مشو فيه الأحباب وخلوه خالي للفراق وهبوبه قفرت من نبت المشاعر والأصحاب راحو بعد فصل المطر والخصوبه راحوا وخلو لي شبابيك وأبواب أحضن شعاع الذكريات وغروبه وأحفظ بقايا عزتي عند الأغراب جريح والجرح الندي ما درو به بقيت أنا وحدي تفاكيري أسراب أرتاح نوبه وأبكي الفين نوبه أن هلت الفرحه تجي مثل الأجناب وأن مرّت الذكرى تمر بصعوبه دخلتها راغب معي قلب وأقراب واليوم يالله السلامه وتوبه العمر صحراء أصلها شمس وتراب والحب فيها حلم بير وعذوبه وأنا حفرت البير لكنً الأعراب خذوه مني بالمقيض ورعو به ومدام مابه للعمر حلم وأسباب منهو يلوم القلب لو شق ثوبه و يقول الشاعر عبد الله بن زويبن: جل من يعلم عن اللي تخفيه الصدور الكريم اللي شظايا العظام يلمها قالوا ان الحق موجود قلت الحق نور والرجال اللي مع الحق انا ماذمها عقب مارزيت الاعلام في روس القصور جالها سيلٍ يطم الجبال وطمها عودوا من دونها اللي يخوضون البحور كل ماواقوا على البير هابو جمها ويقول شاعر آخر : قام يطوي بحاله مثل طي القليب طي بيرٍ نسع من حدر وأقرش حصاه ويقول عايد ضافي الضوي الجعفري العنزي رحمه الله هذاء القليب اللي وردناه يا حمود وهذاك منزلنا ومنزل عربنا وهذا السماد و ماقد النار موجود وهذاك منزل بيتنا يوم يبنى قدام بيض أيامنا تنقلب سود قبل خبيثات السنين تحربنا يا مسندي ما ينفع اللوم يا حمود على السنين الماضية لو عتبنا والله يا لولا هلة الدمع منقود لاشكي زمانٍ طيب وقته عقبنا وقت تخبره يوم أنا وأنت يا حمود يا ما ضحكنا به ويا ما طربنا وتبقى معالم الأمس ممثلة في أطلال القرى وطرقاتها وآبارها والجدران والدور وثرى الأرض ورمالها ووديانها، سطور كتبت محفورة على الصخر لا تصعب علينا قراءتها ولكن تصعب على النسيان أن يطويها حتى ولو حاولنا أن نتناساها، تبقى قصة تحكي لنا المعاناة التي رافقت أجدادنا، وبقيت شواهد من هذه الحياة تنطق ولكن بصمت، ونفهمها بعمق ونتصورها قائمة كأنها لا تزال حية تملأ المكان من حولنا بتاريخ حضارة سادت ولكنها عيت على الاختفاء رغم حضارة اليوم وتغييراته، وبقي صوتها يتردد حولنا بصدى مقروء وحروف تتجدد. رحم الله أجدادنا كم تعبوا، وكم هي الأيام التي سهروها والصراع من أجل البقاء هو رفيقهم في هذه الصحراء. بعض أجزاء السانية ويظهر طي البير بالحجارة بداية التحول في استخراج المياه