منصة إبداع وفعاليات تسكن الذاكرة لقاءات تمتزج بالوعي وتنمّي الذائقة معارض للفنون التشكيلية والفوتوغرافي الفنّ السينمائي والمسرحي وجهة الزائر موسم الرياض لم يكن مجرد حدث ترفيهي عابر، بل كان بمثابة ظاهرة ثقافية متعددة الأبعاد أثّرت بشكل عميق في المشهد الثقافي السعودي، من خلال هذا الموسم، تحولت العاصمة الرياض إلى مركز حيوي ينبض بالفنون والإبداع، حيث اجتمعت فيه الفعاليات الثقافية المتنوعة من فنون تشكيلية، عروض مسرحية، حفلات موسيقية، ندوات أدبية، ومعارض ثقافية، لتعكس ثراء وتنوع الثقافة السعودية. "الهيئة العامة للترفيه" نجحت بجدارة في خلق بيئة تفاعلية فريدة من نوعها، تربط بين الترفيه والثقافة بشكل متكامل، ما أتاح للجمهور المحلي والزوار من الخارج فرصة استثنائية للاستمتاع بتجربة ثقافية غنية تجمع بين الماضي والحاضر وتستشرف المستقبل. هذا التقرير يسعى لتسليط الضوء على الزخم الثقافي الذي أحدثه موسم الرياض، ويستعرض كيف ساهمت هذه الفعاليات في تعزيز الوعي الثقافي، وتشجيع التفاعل المجتمعي مع الفنون، وإبراز المملكة كوجهة ثقافية عالمية. كما سيبحث في تأثير هذا الحراك الثقافي على تنمية الذائقة الفنية لدى الأجيال الصاعدة، وكيف أسهم في رسم ملامح جديدة للهوية الثقافية الوطنية، مجسداً بذلك رؤية المملكة 2030 في التحول نحو مجتمع معرفي، يتخذ من الثقافة والفنون ركيزة أساسية. فمع كل إطلالة لموسم الرياض الترفيهي والسياحي نلحظ أن ثمة تتطور عميق ولافت لمفاهيم الترفيه، إذ تتنامى ثقافته بين المنتج والمستفيد، وأصبح المقيم والزائر لعاصمة الوطن الحبيب، رياض العز والتطور والشموخ، يرى ويسمع ويعيش هذه النقلة النوعية التي تعيشها الرياض في عدد كبير من المواقع الجاذبة، والوجهات الترفيهية والسياحية. وبفضل من الله ثم بدعم قوي من قيادتنا الرشيدة، التي لم تدخر أي جهد أو دعم لدعم هذا الموسم، ولقد أثبت موسم الرياض خلال السنوات الأخيرة أنّ الإرادة القوية، والرؤية البعيدة، يمكن أن تغير الأولويات وتعيد ترتيب الأفكار والقناعات، إذ أصبحت رؤوس الأموال من الداخل والخارج تتجه صوب العاصمة الحبيبة للاستثمار في الترفيه، والمساهمة في صناعة هذا التحول الاجتماعي والاقتصادي على مستوى الفرد والأسرة، من خلال التعامل مع هذه العروض الممتعة، وما ينتج عنها من تغيّرٍ في نمط الحياة، وانتقالها من حالة الرتابة المعيشية، والنمطية السائدة، إلى حالة من التجدد المستمر في مشاهدة المثير، ومعايشة المدهش، والانفتاح الثقافي المثري على الثقافات الأخرى، فاتسعت آفاق الرياض فكرياً وتنموياً، لتكون وجهةً جاذبة للشغوفين بالتجديد والمتعة والإثارة، ولتكون كذلك فرصة لأصحاب المشاريع، والأفكار الخلاقة، فتغيّرت الرياض ليس على مستوى التخطيط والنمو العمراني فحسب، ولا على المستوى التنموي والحضاري، بل على مستوى الترفيه وحداثة الفعاليات غير المسبوقة، ولعل المتابع لموسم الرياض سيجد شمولية هذه الفعاليات إذ نراها تحقق على أرض الواقع تغطيةً متكاملة لكافة الشرائح والاهتمامات والتوجهات؛واستثمار الأجواء العليلة المحفزة لزيارة العاصمة، إذ تميل أجواء مدينة الرياض إلى الاعتدال ثم إلى البرودة، وهي ظروف مناخية مناسبة جداً لمعايشة هذه الفعاليات، التي تعتمد على الحركة والتنقل، طوال ساعات النهار، وإلى مساءات الشتاء الجميلة؛ ففي الشأن الثقافي تتهيأ فرصٌ ومظاهر ثقافية مختلفة، تقدم من خلال أفرادٍ أو مجموعات، من ذلك ما يحدث من استقبال للعديد من الشخصيات الخبيرة وذات السيرة المتميزة في مختلف المعارف والفنون، حيث تُنظّم لهم لقاءاتٌ ومحاضرات يقدمون فيها تجاربهم البحثية وخبراتهم المعرفية والثقافية، مما يسهم في نشر وعي أدبي وعلمي له قيمته وتجربته المميزة، بالإضافة إلى تنظيم العديد من المعارض الفنية في التشكيل والفن الفوتغرافي، وغيرها من الفنون البصرية، وإتاحة الفرصة للمبدعين محلياً وخارجياً لتقديم عطائهم للزوار والمهتمين بهذه الجوانب، وأصبحت مشاهدة الفلكلورات الشعبية من مختلف الحضارات والدول متاحة في موسم الرياض بطرقٍ جاذبةٍ، ومدهشة، تساهم في الانفتاح الثقافي والشعبي على مختلف الحضارات المتنوعه، مما يكسب الزائر زخماً معرفيا وتاريخياً عن المجتمعات والعادات والتقاليد، وهي قيمة ثقافية لا يستهان بها، كما أنّ ذلك كله هو من معززات الاستثمار في الجانب الثقافي، ذلك الجانب المهم الذي يلامس اهتمام شريحة كبيرة من المجتمع، بمختلف أعمارهم ، وتنوع مواقعهم. وفي المجال الاستثماري أتيحت فرص الاستثمار في موسم الرياض بشكل مختلف، ويبدو ذلك من خلال تسهيل الإجراءات النظامية، وتوفير كافة متطلبات هذا الاستثمار سواء من حيث المساحات، والميادين، أو من خلال الدعم اللوجستي في توفير وسائل العرض والإعلان والجذب واستقطاب العملاء، مما يعود بالعوائد المثرية مادياً ومعنوياً لمختلف الأطراف، وتنوعت الفرص الوظيفية للأفراد، كما تهيأت العديد من المجالات المتاحة للشركات المحلية والعالمية، وذلك لتقديم منتجات تواكب حداثة العصر، وتوازي مثيلاتها في نخبة العالم المتقدم، إذ تفد إلى موسم الرياض (براندات عالمية) وعلامات تجارية لها عراقتها الاستثمارية والتجارية على مستوى عالميّ، ولا غرابة في ذلك فالمدينة المالية التي تقع في قلب الرياض مؤشر على ثقة المستثمر العالمي في بيئة الاستثمار المحلية، وكل ذلك أيضاً هو تأكيد على مكانة الاقتصاد السعودي ومتانته، إذ هو اليوم في قائمة (العشرين) بلداً الذين يقودون اقتصاد العالم بأسره، ويمكن لأي زائر لموسم الرياض أن يلحظ هذه النقلة الاستثمارية التي هيأها موسم الرياض، ليفتح نوافذ أخرى قادمة ليس في موسم أو مدينة محددة؛ بل في كافة أرجاء وطننا الغالي، وفي مختلف مواقعه، مما يعني أنّ الحصيلة الاقتصادية تجاوزت مستوى الاستثمار التجاري إلى مستوى تحسين الصورة الإعلامية، واكتساب ثقة الآخرين، بالإضافة إلى التعريف بمكتسبات الوطن، والاندماج مع الحركة الاقتصادية العالمية، وكل ذلك عائدٌ بلا شك على تنمية الوطن وتحقيق رؤيته بأطيب الأثر. وفي جانب الفنّ السينمائي والمسرحي، أصبح موسم الرياض يمثل وجهة فنيةً مهمة، يجد الزائر والسائح فيها فرصاً متنوعة ترضي شغفه بهذه العروض الفنية، كما أن هذه الفنون تختلف من حيث الأدوات ومظاهر العرض، ومواقع الحضور، وفق جدولةٍمعلنةٍ تنتظرها الجماهير، لترتب أوقاتها وبرامجها الزمنية والاجتماعية بناءً على روزنامتها الزمنية والمكانية، وذلك من أجل تحقيق فرصة الاستفادة من فعاليات هذه الفنون المتاحة، بعد أن كانت قبل سنوات قريبة، مجرد أعمال يسمع بها ولا يعيشها على أرض الواقع، وفي المجال الرياضي يستضيف موسم الرياض عدداً هائلاً من الفرق الرياضية المختلفة لتقديم الترفيه والتشويق في العديد من أنواع الرياضات والمسابقات التنافسية المدهشة، التي تتنوع بتنوع اهتمامات الجماهير، واختلاف رغباتهم وتوجهاتهم، فالرياضات الفردية الأقوى عالمياً، يتم تنظيمها واستضافة أبطالها من خلال الإعلانات في مختلف الوسائل الإعلامية، بل إن الكثير من البطولات الرياضية عالمياً يتم تنظيمها في موسم الرياض، من خلال استضافة أعرق المنتخبات البطلة عالمياً، وكذلك الأندية العالمية، التي تحضى بمتابعة ملايين المشاهدين عالمياً، وتتابعها القنوات الأشهر وذات المتابعات المليونية أيضاً، ولم يعد مستغرباً أن يصبح موسم الرياض هدفاً ترويجيا عالميا لهؤلاء الأبطال والمشاهير؛ لأن كل عوامل النجاح باتت متوفرة في موسم الرياض، وفي الجانب التقني والرقمي يمكن أن يجد رواد التقنية والميدان الرقمي فرصةً كبيرة في موسم الرياض، حيث تُنظّم المعارض الكبيرة، التي تقدم فيها كبريات الشركات آخر صرعاتها التقنية، واعتبار موسم الرياض وسيلة من وسائل نشر الوعي التقني بما في ذلك الترفيه من خلال التقنية، مع الاستفادة كذلك من خلال نقاط البيع، وتقديم اللقاءات المتنوعة التي تعزيز تنمية المفاهيم والاستخدامات التقنية، خصوصاً لدى الأجيال الجديدة، التي تتجه اهتماماتها وفقاً لطبيعة الحياة المعاصرة إلى الاهتمام بالتقنية والاستفادة منها في كل المجالات الحياتية، وفي ميدان ثقافة المقاهي والمطاعم لا يمكن لزوار موسم الرياض تفويت فرص العروض المنوعة لتلك الأسماء الشهيرة في عالم القهوة ، كما يمكن للأفراد والأسر الاستمتاع بأرقى المطاعم العالمية، التي وجدت في موسم الرياض فرصة للحضور والاستثمار، واغتنام هذه التجربة المميزة. أما في الجوانب التراثية والتاريخية فقد هيأ موسم الرياض للزائر الأجنبي وللمواطن على حدٍ سواء فرصة التعرف على عراقة الرياض التاريخية، (فالدرعية) التاريخية وغيرها من المواقع ذات البعد التاريخي والأثري أصبحت نافذة بديعة يطل منها الزائر على قيمة الرياض التاريخية، ويتعرف على موروثها الاجتماعي، والحقب التاريخية التي تشير إلى عمق حضارتها وقصة إنسانها. وفي مجال التفاعل الحضاري مع الآخر يفتح موسم الرياض صدره الرحب وذراعيه الكريمتين ليستقبل وجهات حضارية مختلفة ، تقدم عطائها المعرفي والترفيهي، فتتعمق أواصر التعايش، وتنشأ جذور العلاقات الإنسانية الإيجابية، وقنوات التواصل والتفاعل مع المجتمعات الإنسانية الآخرى، تجسيداً، لأهمية التكامل الإنساني بين حلقات البشرية، لأن الأمة لا تقوى ولا تظهر رسالتها إلا بالانفتاح والتعايش، وليس بالانغلاق والانطواء. ويظل موسم الرياض في تظاهراته الجميلة، مؤشرا على تنامي النقلات النوعية التي تعيشها الرياض باعتبارها عاصمة لوطنٍ عظيم يسعى لتحقيق رؤيته بسواعد أبنائه الأوفياء وبقيادة قادته الحكماء الأمناء. عروض مبهرة تفاعل كبير من الزوار مع الفعاليات المسرح بات حاضناً لتكريم الرموز الوطنية والثقافية تقرير:د. عبدالله عوض القرني