حالة شعورية فلسفية قدمها عرض "ضوء" السعودي للكاتب فهد ردة الحارثي، المشارك بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته 31، إذ ينتمي العرض المسرحي إلى مسرح العبث المتمثل في غموض الفكرة والبعد عن التقليدي والسائد بطريقة فلسفية تغوص في عمق النفس البشرية. ويجد فهد ردة الحارثي ذاته في المسرح، بعد تركه عوالم أدبية أخرى كالشعر والقصة، فالمسرح هو تلك الزاوية التي يبث فيها أفكاره المعقولة واللامعقولة، وفي "ضوء" رغم عتمة السينوغرافيا وبساطتها إلا أن العرض المسرحي من خلال أبطاله بدر الغامدي وعبدالوهاب الأحمرى استطاعا أن يبثا الضوء من داخلهما، وكانا مفاجأة كبرى للجمهور والمهتمين بالمسرح السعودي، من خلال حالة مبارزة فكرية على مدار"40" دقيقة من الدهشة. إذ لا يستطيع المتفرج أن يمسك بتلابيب حكاية العرض، بأنها هواجس وأفكار ومشاعر متناقضة، ضحك وبكاء وحب وكره، ضوء وعتمة، البحث عن الحقيقة في الخيال. قصة البحث عن الذات بلغة وحكاية تجريبية، أجاد الممثلان لعبة مسرحية وعبّرا عن مشاعر إنسانية متعددة ومتناقضة بقدرة فائقة، من خلال حكايات منطقية وغير معقولة تبرز تفاعل النفس البشرية، ويحسب لهما أيضًا تعدد مواهبهم من استعراض وغناء، وكأن الممثل بداخله عدة أبطال. هذا واعتبر الناقد المسرحي المصري أحمد خميس، عقب مشاهدة العرض الأول للمسرحية، أن عرض "ضوء" يُمثل نقلة في المسرح السعودي، نظرًا للكفاءة الفنية التي وصل إليها الممثلان بدر الغامدي وعبدالوهاب الأحمري المبنية على نص فريد أيضًا من نوعه، مشيرًا إلى أن هناك تطوراً ملموساً في الأداء، والنص واستخدام سينوغرافيا العرض المسرحي. وقال "خميس" ل"الرياض"، إن عرض "ضوء" هو لواحد من كبار الكُتَّاب في الخليج وهو فهد ردة الحارثي، هو واحد من الكتاب المتطورين للغاية لديه تجربة كبيرة ومتنوعة وقارئ مميز لأنواع الكتابة الدرامية المختلفة. وأشار إلى أن عرض "ضوء" بأجوائه الغريبة هو استلهام لبعض أفكار الدراما الطليعية، وكأن الحكاية نابعة من دنيا الحلم أو اللاشيء، مؤكدًا على نضج في تدريب الممثل وكفاءته باعتبارها خطوات متقدمة لمسرح الخليج. يذكر أن مسرحية "ضوء"، من تمثيل بدر الغامدي، وعبدالوهاب الأحمري، ديكور عبدالرحمن المالكي، تأليف فهد ردة الحارثي، "سينوغراف" وإخراج أحمد محمد الأحمري ومساعد مخرج سامي الزهراني، إضاءة عبدالله دواري، مؤثرات صوتية نواف فيصل، مكياج فارس الغامدي ومشاركة فرقة الطائف.