سد منيع في وجه التحديات المحدقة بالخليج منظومة خليجية قوية و»درع الجزيرة» إحدى ثماره منذ انطلاقه في الخامس والعشرين من مايو عام 1981، واجه مجلس التعاون لدول الخليج العربية، العديد من المواقف والظروف الصعبة، التي كانت بمنزلة اختبارات قوة له، نجح في تجاوزها -بحمد الله- بل أسهمت في تحقيق خطوات كبيرة إلى الأمام على طريق التضامن والوحدة، واستطاع أن يحافظ على وجوده ويعمق حضوره على الساحتين الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من التحديات التي اعترضت مسيرته المؤسسية، فإن مجلس التعاون استطاع أن يواجهها بموقف واحد ورؤية متسقة، ما أسهم في تعزيز الاقتناع الشعبي بأهمية دوره كمصدر لقوة دوله، وإطار لتعميق الوشائج بين شعوبها. قد أثبتت التطورات الإقليمية التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، فاعلية دور مجلس التعاون وعكست الموقع المحوري، الذي أصبح يحتله في إطار تفاعلات المنطقة والعالم، حيث أصبح المجلس لاعباً استراتيجياً مؤثراً في إدارة الشأن الإقليمي، والبحث عن حلول ومخارج للأزمات العديدة، التي تمر بها المنطقة بشكل عام، والعديد من دولها كل على حدة. كما حظي العمل العسكري الخليجي المشترك، باهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ بداية المسيرة المباركة للمجلس، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بوحدة الهدف والمصير، بالإضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك. وبناء على طلب المجلس الوزاري لمجلس التعاون، عُقد الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول المجلس في مدينة الرياض في عام 1981، لبحث مجالات التعاون العسكري، وتم رفع عدد من التوصيات لبناء وتعزيز التعاون العسكري فيما بين القوات المسلحة بدول المجلس. وبدءاً من ذلك التاريخ، وخلال أربعة عقود، تم إقرار العديد من الدراسات والأنظمة والاستراتيجيات، التي شملت العديد من مجالات التعاون العسكري والدفاع المشترك. وجاء قرار تشكيل قوات "درع الجزيرة" تعبيراً عن رؤية شاملة لمفهوم الأمن الجماعي، حيث اتخذ في نوفمبر 1982، بعد أن أقرت دول مجلس التعاون في دورتها الثالثة بالعاصمة البحرينيةالمنامة، بتوصية وزراء الدفاع لتأسيس قوة دفاع مشتركة، أطلق عليها "قوات درع الجزيرة". واتسم التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون بالعمل الجاد، في بناء وتكوين قوات درع الجزيرة المشتركة بشكل فرعي وكمي، منذ بدء تشكيلها، ولقد مرت بعدة مراحل وهي: * مرحلة التخطيط 1981-1984 * مرحلة التشكيل 1985-1989 * مرحلة التقييم 1990-2004 * مرحلة التطوير 2005-2015 وقد دأبت هذه القوة منذ إنشائها على تنفيذ التدريبات والتمارين المشتركة بشكل دوري، مع القوات المسلحة في كل دولة من دول المجلس، وقد أقيم أول تمرين لهذه القوة على أرض دولة الإمارات عام 1983. معاهدة الدفاع المشترك في عام 1986 تمركزت قوات درع الجزيرة في محافظة حفر الباطن شمال شرق المملكة العربية السعودية. وفي عام 2000 وافق قادة دول التعاون من حيث المبدأ على زيادة قوة درع الجزيرة، كما استمرت الدراسات الهادفة إلى تطوير وتحديث القوة، والرفع من كفاءتها القتالية والفنية. ووقعت دول مجلس التعاون في ديسمبر 2000 في المنامة، معاهدة دفاع مشترك، تلتزم فيها بالدفاع عن أي دولة من دول المجلس تتعرض لتهديد أو خطر خارجي. وفي مارس 2011 استعانت مملكة البحرين بقوات درع الجزيرة، لحراسة وتأمين بعض المنشآت الإستراتيجية في البلاد، وحفظ الأمن وضمان الاستقرار، وهو ما أكد واقعية نظرية "الأمن الخليجي المشترك". كما أن التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لم يكن إلا خطوة على طريق التعاون الخليجي المشترك، الذي أدى دوره بفاعلية على مستوى السياسة الخارجية، بدءاً بالمساهمة في تطويق وإنهاء الحرب العراقية - الإيرانية، ثم تحرير دولة الكويت، ودعم وحدة واستقرار وسيادة العراق، وكذا مساندة قضية الجزر الإماراتية الثلاث، إلى جانب المساهمة في العديد من القضايا السياسية، التي تتعلق بالدول العربية ومنها: القضية الفلسطينية واليمن وسوريا ولبنان وليبيا والسودان. قائمة على أسس منهجية ومرتكزات علمية محددة، آخذةً في الحسبان الإمكانات المتوافرة، والمتطلبات الدفاعية، ومصادر التهديد وحجمها، ومختلف أشكال المخاطر وتنوعها، وجميع التحديات التي قد تواجه دول المجلس. وتقوم قوات "درع الجزيرة" من فترة إلى أخرى بتمارين مشتركة، تعد من أضخم التمارين العسكرية في المنطقة، سواء من حيث عدد القوات والدول المشاركة، أو من ناحية تنوع خبراتها ونوعية أسلحتها، بهدف التدريب على إجراءات القيادة والسيطرة للقوات الخليجية المشاركة، وتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية والعسكرية، وتعزيز التنسيق والتعاون والتكامل العسكري والأمني المشترك. وتعد جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة، لما لها من دور كبير في الاستفادة من تراكم الخبرات بصورة مستمرة، وتعزيز الجاهزية العسكرية والأمنية في مختلف الظروف، لحفظ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي والعالم. الحفاظ على مكتسبات التنمية ولا يمكن النظر إلى قوات "درع الجزيرة" بمعزل عن بقية مجالات التعاون والتنسيق رفيع المستوى بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فرغم أن الأدوار التي اضطلعت بها هذه القوات، توفر رمزية هائلة لمبدأ وحدة المصير بين شعوب دول مجلس التعاون، فإن وجود هذه القوات أيضاً يُعدُّ استجابة مهمة للأوضاع الاستراتيجية الحساسة في منطقة الخليج العربي، إذ إن الإشكاليات الأمنية التي تعانيها هذه المنطقة الحساسة من العالم، تتطلب قدراً هائلاً من التعاون بين دول مجلس التعاون، بل إنها تجعل من التعاون والترابط مسألة حتمية، للحفاظ على مكتسبات التنمية والأمن والاستقرار التي حققتها الدول الست طيلة العقود الماضية، فجعلت منها واحة للأمن، وأسهمت في بناء نموذج تنموي يُقتدى به في مختلف مناطق العالم، ولاسيما لجهة توظيف الموارد لمصلحة الشعوب، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لها. شُكلت القوات للدفاع عن أراضي دول المجلس وأجوائها ومياهها وزراء دفاع مجلس التعاون يفتتحون مقر القيادة العسكرية الموحدة في الرياض