عُرفت مدينة الرياض قديماً ب«حجر اليمامة»، هذا الاسم الذي أضحى إرثاً تاريخياً حضارياً، وشهدت المدينة على مر تاريخها أحداثاً وتغيرات، وحملت مسميات أخرى، لكنها بقيت في المكان ذاته تحكي تاريخاً من آلاف السنين مليئاً بالأحداث لواحدة من أقدم المستوطنات البشرية في الجزيرة العربية، تعاقبت على أرضها حضارات متعددة، وفي أزقتها ولدت حكايات لا تنسى، وعلى جدرانها صنعت تفاصيل آن الوقت للإشارة إليها. حجر اليمامة هي المدينة التي نمت على ضفاف وادي «حنيفة»، ويعد من أقدم المناطق المعمورة، استوطنته منذ القدم قبائل متحضرة عملت بالزراعة والتجارة وبعض الحرف اليدوية الأخرى في مدن وقرى ذات أسوار، ونسجت القصص عن شخصيات تركوا أثراً لا ينسى في سجل التاريخ. الكيانات التراثية الثقافية من آثار أو اكتشافات محفوظة على الأرض، والتي تم إنشاؤها من خلال الأنشطة البشرية يتم اكتشافها من خلال المسح على المواقع والحفريات الأثرية من خلال العمل الميداني، والتي تُبنى عليها المعرفة الأثرية، تشكل جزءًا أساسيًا من تراثنا الثقافي الأثري، والحفاظ عليها يعتبر مبررًا؛ نظرًا لأهميتها التاريخية وقيمتها التراثية الثقافية. ومن منطلق الاحتفاء بثروتنا الثقافية والوطنية والعالمية وتمكين استراتيجية الابتكار والتطوير المستدام لمكونات التراث الثقافي والبيئي في مجال التراث والسياحة أطلقت هيئة التراث مشروع (اليمامة الأثري) من خلال العمل على المسح والاستكشاف والتنقيب داخل مدينة الرياض ومحيطها القريب، في إطار جهودها لاستكشاف العمق التاريخي والحضاري لمدينة الرياض، والعناية بمواقع التراث الثقافي في المملكة. تعمل الهيئة على تنفيذ مشاريع المسح والتنقيب الأثري لمدينة الرياض خلال المدة من عام 2024 حتى عام 2028؛ ويشمل استكمال مشروع المسح الشامل داخل نطاق مدينة الرياض، وعلى طول امتداد وادي حنيفة، والمراكز المحيطة بمدينة الرياض، بالإضافة إلى 3 مشروعات أخرى للتنقيب الأثري في مواقع ضرماء، والحني، والمصانع؛ بالتعاون مع شركاء الهيئة. مشروع اليمامة الأثري يهدف إلى التعرف على أبرز مظاهر تطور وتوسع مدينة الرياض، بالإضافة إلى الكشف عن ملامح المواقع الأثرية والتاريخية وتوثيقها والحفاظ عليها، وذلك ضمن مسؤولية الهيئة تجاه التراث الثقافي وحمايته والعناية به، وإبراز العمق الحضاري للمملكة على مر التاريخ. هيئة التراث توظف خلال مشروع اليمامة الأثري أحدث التقنيات المستخدمة في عمليات المسح الشامل، من خلال نظم المعلومات الجغرافية، والمسح الجيوراداري الأرضي، والنمذجة ثلاثية الأبعاد والمسح المغناطيسي، إضافة إلى تقنيات التصوير الجوي المنخفض، واستخدام الذكاء الاصطناعي في رسم الخرائط الجغرافية والطبوغرافية.