بعد غزة.. غارات متواصلة ومداهمات مدمرة في الضفة صارت مدينة جنين في الضفة الغربيةالمحتلة، ساحة ساخنة للصراع بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في السنوات الماضية. وقتل الجيش الإسرائيلي عشرات الفلسطينيين في عملية واسعة النطاق بالضفة الغربية شملت جنين ومدنا أخرى، وفي تصعيد للتوتر وسط الحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل. وجنين مدينة صغيرة تقع في أقصى شمال الضفة الغربية، بالقرب من حدود إسرائيل، وتضم مخيما مكتظا باللاجئين يحمل الاسم نفسه ويبلغ عدد سكانه نحو 14 ألفا من أحفاد فلسطينيين هُجّروا لدى قيام إسرائيل عام 1948، وتنحدر عائلاتهم من مناطق تشمل حيفا والناصرة. ويعاني معظم هؤلاء السكان من الفقر والبطالة، مما يجعلهم شديدي العداء لإسرائيل والدعم للجماعات الفلسطينية المسلحة. وتقول وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إن مخيم جنين يعاني من أعلى معدلات البطالة والفقر بين 19 مخيما للاجئين بالضفة الغربية. وشكل جيل جديد، انسلخوا عن القيادة الفلسطينية القائمة ونشؤوا في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الجماعات المسلحة في الضفة الغربية. وخرج من جنين الكثير من المقاتلين الذين قادوا الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الفترة من عام 2000 إلى 2005. ولسحقها، نفذت القوات الإسرائيلية المزودة بمدرعات مداهمات مدمرة في المدينة التي لا يملك المقاتلون بها سوى مجموعة من الأسلحة الخفيفة وترسانة من المتفجرات. ودأب الجيش الإسرائيلي على اتهام الجماعات بدس المسلحين داخل مناطق مكتظة بالسكان مثل مخيمات اللاجئين التي يعود تاريخها إلى عام 1948. ويعيش الكثير من المسلحين في مخيم جنين، غالبا مع عائلاتهم. ومنذ مارس 2022، تشهد جنين والمناطق النائية في شمال الضفة الغربية مداهمات إسرائيلية مكثفة بعد موجة من الهجمات التي نفذها فلسطينيون في الشوارع. وصارت جنين مجددا بؤرة ساخنة خلال موجة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني تهز الضفة الغربية منذ أكثر من عامين. وأصبحت المواجهات الدامية في المنطقة أمرا متكررا. واستمر العنف في جنين هذا العام. وبينما تدور حرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ نفذ مسلحون من الحركة هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. وردت إسرائيل بشن حملة عسكرية على قطاع غزة استشهد فيها حتى الآن أكثر من 40،600 فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية في غزة. والحرب الحالية هي الأشد دموية ضمن حلقات صراع مستمر منذ سبعة عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين أدى إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ولم تفلح المفاوضات في التوصل لهدنة أخرى حتى الآن، وقالت حماس في العاشر من مايو إن تلك الجهود عادت لنقطة الصفر. وقال أسامة حمدان القيادي في حركة حماس في 29 يونيو إنه لم يحدث أي تقدم منذ ذلك الحين. وتصر إسرائيل على أنها لن توقف الحرب إلا بالقضاء على حماس تماما فيما تقول الحركة الفلسطينية إنها لن تقبل إلا بوقف إطلاق نار دائم وليس مؤقتا. وتشمل الصعوبات الأخرى التسلسل الزمني لمبادلة الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين، وعدد وهويات الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، والسيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وحرية الحركة للفلسطينيين داخل قطاع غزة. وبالنسبة لحل الدولتين والمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ووضع القدس والحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين، فهو يتمثل في اتفاق تقام على أساسه دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. ويقول نتنياهو إن إسرائيل يجب أن تكون لها السيطرة الأمنية الكاملة على كل الأراضي التي تقع غرب نهر الأردن وهو أمر يحول دون قيام دولة فلسطينية ذات سيادة. أما المستوطنات، فتعتبر معظم الدول أن المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 غير قانونية. وترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بعمق روابطها التاريخية بهذه الأراضي. والتوسع الاستيطاني المستمر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل بين إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي. وفيما يتعلق بالقدس، يريد الفلسطينيون أن تكون القدسالشرقية، التي تضم مواقع ذات مكانة دينية خاصة لدى كل من المسلمين واليهود والمسيحيين، عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها "الأبدية غير القابلة للتقسيم". ولا تحظى مطالبة إسرائيل بالسيادة على الجزء الشرقي من القدس باعتراف دولي. واعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، دون أن يحدد نطاق ولايتها القضائية في المدينة المتنازع عليها، ونقل السفارة الأميركية إلى هناك عام 2018. أما عن اللاجئين، فيعيش حاليا نحو 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، معظمهم من نسل الذين فروا في عام 1948، في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وقطاع غزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو نصف اللاجئين المسجلين مازالوا بلا جنسية ويعيش كثيرون منهم في مخيمات مكتظة. ويطالب الفلسطينيون منذ فترة طويلة بحق العودة للاجئين ومعهم الملايين من أحفادهم. وتقول إسرائيل إن أي إعادة توطين للاجئين الفلسطينيين يتعين أن تكون خارج حدودها. وجنوبغزة، تواصل القوات الإسرائيلية الدفع بدبابات إلى خان يونس وتشن ضربات على أنحاء القطاع ودخلت في اشتباكات مع مقاتلين تقودهم حماس وذكر مسعفون أن ذلك أسفر عن استشهاد العشرات وعشرات الجرحى والمعتقلين. وقال سكان في خان يونس إن الدبابات الإسرائيلية تقدمت على نحو مفاجئ إلى وسط المدينة وأصدر الجيش أوامر إخلاء للسكان في شرقها، مما أجبر العديد من العائلات على الفرار بحثا عن ملاذ آمن بينما حوصر آخرون في منازلهم. وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن الهجمات الإسرائيلية على خان يونس أدت لاستشهاد عشرات الفلسطينيين. وفي مدينة دير البلح بوسط قطاع غزة حيث يحتمي ما لا يقل عن مليون، قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية أدت إلى سقوط شهداء وجرحى بالقرب من مدرسة تؤوي عائلات نازحة. وأصدر الجيش الإسرائيلي في الأيام القليلة الماضية أوامر إخلاء في مختلف أنحاء القطاع هي الأعلى وتيرة منذ اندلاع الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 11 شهرا، مما أثار انتقادات حادة من فلسطينيين والأممالمتحدة ومسؤولي الإغاثة بسبب تقلص مساحة المناطق الإنسانية وغياب المناطق الآمنة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أمر بإخلاء المناطق التي شنت منها حماس وغيرها من الجماعات المسلحة هجمات، بما في ذلك إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وذكر الجناحان المسلحان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي إن مقاتليهما اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية في مناطق متفرقة بالقطاع، وأطلقوا صواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر. وأسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد أكثر من 40600 في القطاع، وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما دمرت مساحات شاسعة منه. وتقول وكالات الإغاثة الإنسانية إن أغلب السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا عدة مرات ويواجهون نقصا حادا في الغذاء والدواء. السكان يبحثون عن ملجأ (ا ف ب) الاعتداءات الإسرائيلية تتواصل (ا ف ب) تزايد أعداد الشهداء جراء جرائم الاحتلال (ا ف ب) آليات الجيش الإسرائيلي تجتاح الضفة بعد غزة (رويترز)