ياللي تجي حصة الثاني قلّه ترى أبوك بالكوفة ارجع إن كان الله أحياني كان الشليخي رجع شوفه في منتصف عقد الستينات الميلادية الماضية رافق الشاعر الظريف ثاني المحيني أحد أقاربه -رحمهما الله- إلى الكوفة جنوب عاصمة العراقبغداد بعد ما باعوا كل ما يملكون واقترضوا تكاليف رحلتهم من بعض المعارف والأقارب بحثاً للشليخي عن علاج شافٍ بعد ما كف بصره وضاقت بهم الحيل وفي الطريق بعث الشاعر ثاني بالقصيدة إلى ابنته الكبرى (حصة) وكانت لا تزال صغيرة يخبرها والدها بوجهته والغرض من رحلته. وبعد مرور شهر أو شهرين عاد ثاني مع رفيق دربه يحملون بشائر عودة نظر المريض بعد أن أخضع لعملية جراحية ناجحة. وظل الاثنان زمناً طويلاً يحكون تفاصيل الرحلة بدءًا من انطلاقها من وسط الأسياح حتى وصولهم إلى طبيب العيون العراقي الشهير في مدينته الكوفة مع وصف كامل لحالة التطور والنهضة التي كانت تعيشها العراق تلك الفترة والميزات الحضارية التي كانت تتفوق بها عن الكثير من جاراتها العربية والخليجية بالذات الخدمات الطبية والمعيشية. كذلك تفاصيل دخول عيادة العيون ومقابلة الدكتور وصولاً إلى عملية التخدير التي غاب فيها المريض عن الوعي لثلاث ساعات وتعليمات ما بعد العملية التي تلقاها من الدكتور ومن أهمها التزام المريض بعدم السجود للصلاة مدة أربعين يوماً. وقتها كان الطب لا يزال في بداياته الأولى في السعودية فكانت حالات مرضية بسيطة مثل إزالة الماء الأبيض لا يستطيعون الحصول عليها إلا في بلدان أخرى مجاوره فاشتهرت وقتها مدينة الكوفة في العراق ومشهد في إيران لإجراء مثل هذه العمليات فكان الكثير ممن لديه الإمكانيات المادية في دول الخليج يترددون عليها لإجراء عمليات وتشخيص أمراض العيون. وفي هذا السياق يذكر ل»الرياض» الأستاذ تركي بن فهيد أن والده فهيد كان قد رافق جده الشيخ سلطان بن تركي الفهيد إلى العراق في عقد الستينات الميلادية. بعد ما كف أو ضعف نظره وقلت بهم الحيلة ولأنهما لا يحملان جوازات سفر حصلوا من أمير لينة محمد بن شهيل على تذكرة مرور خطية عبارة عن خطاب موجه لموظفي مراكز الحدود في العراق مؤرخ في 29 / 8 / 1384ه وجاء الخطاب نصاً: إلى من يراه من موظفين الطرق العراقية المحترمين: بعد التحية والاحترام.. حاملين هذه الورقة المدعوين سلطان التركي بن فهيد وولده فهيد السلطان قصدهم المعالجة عند طبيب العيون بالكوفة.. نأمل مساعدتهم بسفرهم ذهاباً وإياباً والله يحفظكم. يقول تركي سافر الاثنان ولقيا تسهيلاً وترحيباً من قبل رجال الحدود في البلدين بعد اطلاعهم على خطاب التوصية وبالفعل استكملوا العلاج عند طبيب الكوفة وعادوا بعد أكثر من شهر إلى عين بن فهيد في الأسياح وهم يحملون بشائر الشفاء وعودة نظر الجد سلطان عندما استقبلوا بزغاريد الأفراح والمسرات. في تلك الحقبة كانت البلاد لا تزال تعيش سباق الأولويات وكان السعوديون يعكفون ليل نهار على بناء وتطوير منظومة الخدمات الضرورية للدولة الجديدة بالتركيز على أهم عنصرين الصحة والتعليم بالذات التعليم الذي كان يشكل الأساس والمدد لكل الخدمات ولم تمر سنوات قليلة حتى لحقنا بركب دول مجاورة قبل أن نتجاوزها بمسافة كبيرة حتى صارت شعوب هذه الدول يبحثون لدينا عن العلاج ويجدونه بأرقى المستشفيات والمصحات العلاجية وبعد ما صارت عمليات العيون التي نسافر لها شهوراً تعد من ضمن عمليات اليوم الواحد. أعقد عمليات العيون تُجرى في بلادنا مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون من أرقى المستشفيات في العالم مشقة السفر قبل تعبيد الطرق