عندما نتأمل في كوننا ونتخيل أننا نسافر بين أقطاره ونرى الجمال البديع، ونبدأ ببناء افتراضات كثيرة عن ماهية الجود كمادة وظلها أو كمادة محضة وهل سبقت جوهرها؟ أم العكس وإن كانت كذلك، هل ينبغي أن نفهم وجودنا قبل أن نفهم الوجود الخارجي؟ وهو كل ما هو خارج العقل هو بالضرورة وجودٌ؟ فهل الأشياء من حولنا هي التي تدعم وجودنا؟ أم ذواتنا بدأت تدرك الماهيات وبالتالي أصبحت المسألة إدراك الشيء في الشيء. وحسبكَ إننا لم ننتهي من طرح التساؤلات. بما أن المسافات الزمنية من اللحظة المكونة للدقيقة أو الثانية إن صحت العبارة حتى ننتهي إلى جرمٍ زمني وهو الساعة. خذ نفسك وفكر بهذا الكم الهائل الذي سيحدث فيه أهوال وأخبار وربما الدقيقة منه تجعلك في مأربٍ من الصمت أو الضحك، تخيل معي لو تم إعلان فوز ترامب، فالخبر لم يكن سوى دقيقة واحدة ولكن أنا وأنت والعالم بأجمعه؛ الكل في صمت أو دهشة! ومن ثم الكل انشغل بهذا الحدث العالمي، من قنوات متلفزة وصحف ورقية وأخرى إلكترونية هائلة تتقافز بين مواقع التواصل الاجتماعي والكل يهاتف الكل.. إنها حقًا دهشة! فكر الآن في وجودك أين هو؟! لقد سُلب منك في أقل من دقيقة واحدة وكل حواسك وعقلك وذاتك مع الحدث! أين ماهيتك؟ أنت الآن لا شيء كأنك ريبورت، حيث أصبحت أنت والوجود الخارجي لا أقول سيان فهذا يعني أتحاد ولكنك انصهرت فيه وأصبحت عنصرًا من عناصره، ولكن كل شيء له مواقيت ومن ثم ترجع الأمور إلى سالف عهدها. يشدنا هذا العالم بإحداثياته الكونية ومآلاته الوجودية كأننا ننتقل من وجود إلى وجود عبر كينونة زمنية لها مسافات وطرق. جميع هذه الأشياء أو إن صحت العبارة الموجودات جلها في عالمٍ أكبر(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) نحو الموجد الأول الذي بث الحركة لكل الموجودات بعد أن كانت اثيرية وفاضت منه نحو (كُنْ فَيَكُونُ) حتى تنتهي (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ). فجميع ما صدر من الخالق يرجع إليه لأننا في دائرة كونية مبدأها الكلمة الصمدية (كُن) فهي اللوغس التي انطلقت منها الكينونة الأولى والمنطق الأول الذي عبر عن كل حادثٍ انطوى بين السماوات الكونية نحو سموها النرفاني وما يجول في خفاياها الكثير والبعيد عن وجودنا الصغير نحو العالم الأسفل (الأرض) في هذه الدنيا وشنآنها الخاص. إذ تحسب نفسك شيءٌ صغير وفيك الوجود الأكبر، فكلما قوت نفسك نحو الصفاء تتعالى كينونتك وتفكر في وجودك أكثر وتستشعر أنك تعيش في فُلك آنيتك (الآن) كأن العالم يتوقف من أجلك لأنك منه وإليه، وجودٌ واحد، فكر في منطق لحظتك فقط وسوف ينطوي كل شيء في عقلك الباطن.