طبيب التخدير الأميركي (هنري بيتشر)، أثبت بالدليل ما أسماه تاثير الإيحاء، أو (البلاسيبو ايفكت)، فقد قام في 1955، بإجراء تجربة على 1028 مريضاً، كانوا مصابين بخمسة عشر نوعاً من الأمراض، ووجد أن 35 % من الإجمالي شفوا من أمراضهم، رغم أنهم تناولوا أدوية غير حقيقية.. 75 % من الأميركيين لا يزالون يعتقدون بوجود الأشباح والبيوت المسكونة والأطباق الطائرة، ويؤمنون بأبراج الحظ، ومعها التخلص من السموم بمضادات الأكسدة، وعلاج الحالات النفسية بأساور وسلاسل الطاقة، ومداواة السرطان بالمشمش والموز، وربط بعض الأوبئة بنظريات المؤامرة، واستبداد الخرافة يعود في جزء منه، إلى أن من يقومون بترويجها لديهم قدرة عالية على الإقناع، ويجملون كلامهم، في بعض الأحيان، بلغة علمية تعطيه وزناً متوهماً، والأصعب أنهم لا يترددون في نشر أكاذيبهم، والظهور في الإعلام ومنصات السوشال ميديا، لمناقشة أمور لا تستند إلى أساس علمي أو حقيقة ثابتة. تقدر أرباح تجارة الأدوية والمستحضرات العلاجية، القائمة على الخرافة والاجتهادات الشخصية، وتحديداً في الدول محدودة الدخل، بنحو 30 مليار دولار، وكلها غير مرخصة وليست نظامية، ولكنها تدخل في الموروث الشعبي العالمي، ومن أشكالها، تعليق التمائم وكتابة الأحجبة ولبس الخرز الأزرق، والأخيرة متوفرة كايموجي على (الواتس آب)، لطرد الحسد الإلكتروني، وهذه الممارسات بطقوسها المختلفة، حاضرة منذ زمن طويل، ويمكن الوقوف على بعضها في جدران المواقع الأثرية، وفي المنطقة العربية بما فيها المملكة، يفضل كثير من الناس أخذ المصابين بأمراض نفسية، إلى مشايخ ورقاة لإخراج ما يعتقدون أنه جن يتلبسهم، ولا يذهبون إلى العيادات النفسية لمعالجتهم، ما قد يؤدي لنتائج كارثية، وربما تسبب في الوفاة. قرأت ذات مرة بأن الناس يصدقون الخرافات، لأنهم يريدون تغيير القدر، وهم يلجؤون إلى الأبراج وقراءة الطالع والكف والفنجان، كوسيلة لمواجهة ظروف الحياة غير المريحة، ولا بأس بذلك للتسلية وتمضية الوقت، والخطورة في تصديقها واعتمادها عند اختيار الاصدقاء والأزواج، لأن فكرة انسجام وتنافر الأبراج، مثلاً، مجرد هرطقة وحديث خرافة، فالأبراج إجمالاً تعمل وفق آلية التنجيم الفلكي، أو (الأسترولوجي)، وهو نظام يفسر حركة الأجرام السماوية، ضمن ما يسمونه بالتزامن، ويقصد به الحركات والمصادفات المترابطة للنجوم والكواكب، وممارساته يتجاوز عمرها الأربعة آلاف عام، وكل ثقافة يدخل عليها تعطيه شيء من هويتها ومعتقداتها، ومن الشواهد، الأبراج الصينية، وهذا يختلف عن (الاسترونومي)، أو علم الفلك، الذي يعتمد على قوانين الفيزياء والرياضيات. توصل الدكتور (كيفن فوستر) من جامعة هارفارد الأميركية، إلى أن الإيمان بالخرافات هو سلوك تطوري، لا يختص بالآدميين وحدهم، وأنه موجود حتى في الحيوانات، ورفض تماماً ربط الخرافة بالجهل والمجتمعات البدائية، لأنها موجودة في المجتمع الحديث وبين المتعلمين والمثقفين، واعتقد أن هناك أشخاص يحاولون دائماً، عقد روابط غير موجودة بين الأحداث، لتأكيد مجموعة من الخرافات القديمة، بالاستناد لمصادفات سابقة حدثت مع أشخاص، ومن الأمثلة السعودية؛ الاعتقاد بوجود صلة بين حك اليد ومنع المال أو الحصول عليه، وبين مشاهدة فراشة في البيت وقدوم ضيف، وربط الوقوف على فضلات الطيور بالترقية والزواج والثروة، ورفة العين بالخير والشر، وطنين الأذن بالأخبار السارة أو السيئة، والقول بأن حكة باطن القدم تعني زيارة مكان جديد، وأن التصفير في الليل يستدعي الشياطين، أو عدم جواز أكل الأعسر بيده اليسرى، لأن الشيطان سيأكل معه. بالإضافة إلى التشاؤم الأسباني من الرقم 13 عند موافقته ليوم ثلاثاء، وفي أميركا 8 % يتشاءمون من هذا الرقم، أو قرابة 27 مليون أميركي، ويعود ذلك إلى عشاء المسيح الأخير في الديانة المسيحية، وكون من قام بخيانته هو (يهوذا الاسخريوطي)، أو الحواري رقم ثلاثة عشر، وقد أكد النحس في الأعوام الماضية، اللاعب الألماني مايكل بالاك، أكثر لاعب منحوس في العالم، خصوصاً وأنه يحمل الرقم 13 على قميصه في المنتخب الوطني والأندية، ومعه تشاؤم الصينين واليابانيين من الرقم أربعة، وتفاؤل عرب الشمال بالرقم خمسة، واعتقاد الإنجليز بأن أكل الخس يجعل الشخص عقيماً، وكلها خرافات وفبركات قامت على مصادفات، ولا تستند لثوابت علمية، بخلاف أن رفض السنة النبوية للأكل باليد اليسار، جاء لأنها تستخدم في نظافة المناطق الخاصة، ولمنع انتقال الميكروبات من هذه اليد إلى الطعام لا أكثر. طبيب التخدير الأميركي (هنري بيتشر)، أثبت بالدليل ما أسماه تاثير الإيحاء، أو (البلاسيبو ايفكت)، فقد قام في 1955، بإجراء تجربة على 1028 مريضاً، كانوا مصابين بخمسة عشر نوعاً من الأمراض، ووجد أن 35 % من الإجمالي شفوا من أمراضهم، رغم أنهم تناولوا أدوية غير حقيقية، ولا تحتوي على مادة علاجية فعالة، وسجلت الدراسات الموثقة، شفاء 60 % من المصابين بقرحة المعدة وأمراض القلب والاكتئاب، بفعل استخدامهم لأدوية وهمية، وحول ما سبق يقول مواطنه وابن مهنته (اليكس ليكرمان)، أن الإيمان بوجود قوة خارجية تساعد الشخص، وبالأخص في الأزمات الصحية، يعمل على مساعدته فعلاً، ولا يحدث ذلك لأنها موجودة، وإنما لأن التصديق بها يعزز من ثقته بنفسه وقدراته، وفي هذه الأيام، جذرت أفلام المارفلز والأبطال الخارقين، فكرة الخرافة في العقول وجعلتها مقبولة ومحتملة، ولا حل إلا بالتعايش معها، على أن لا تستغل في عمليات التحايل والنصب، وفي سرقة أموال الناس.