في بادرة متميزة يقوم الدفاع المدني بمشاركة مجتمعية تتمثل في تعليم وتوجيه أبنائنا الطلاب بمختلف المراحل الدراسية بشكل مميز من خلال كراسة جميلة بفكرة إبداعية توعوية ذكية أصدرتها المديرية العامة للدفاع المدني للتوعية بدور الدفاع المدني من خلال إبراز خطوات ذكية لتعليم الخط العربي. وهذا المنهج المميز بأسلوبه وطرحه يدل على ما يسمى (بالتجديد والابتكار). واستطاع الدفاع المدني أن يضع مدخلاً لإبراز الخط العربي من خلال تلك الكراسة التي جعل منها أنموذجاً يشار إليه بأنه يندرج تحت التعليم بالممارسة، وهذا مايجعل الإدارات العامة للتعليم بالمملكة تتفاعل مع هذا الموقف المتميز بخطوات واثقة. فالطلاب غالباً ما يبحثون عن أي شي جديد يعطيهم مساراً بعيداً عن التعليم الذي يتلقونه في المدرسة والذي يتكرر في كل الحصص الدراسية. وأعتقد أن هذا الأسلوب سيكون له نتائج ايجابية تجعل الطلاب يحرصون على البحث عن مكنونات ومخازن ومفردات اللغة العربية وهو الأمر الذي اصبح بعيداً عن كثير من الطلاب لانشغالهم بوسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. هنا يبدع الدفاع المدني ويسير مع التعليم جنباً إلى جنب لرفع مستوى الوقاية من المخاطر التي تحيط بالإنسان؛ فإن ذلك يعكس الوعي العميق لفهم الوظيفة المهمة التي يؤديها الدفاع المدني في توعية المجتمع بأسلوب فريد ومميز من خلال كراسة الإبداع في الخط العربي، والتي يحتاجها الطالب منذ نعومة أظفاره؛ ليتحلى بخط حسن وجميل، فالخط الجميل يزيد الحق وضوحًا، والخط الجميل مفتاح من مفاتيح الرزق، ولقد جاء عن ياقوت المستعصمي (1221م-1298م) -وهو أحد أعظم خطاطي العصر الإسلامي المتقدم- قوله عن الخط: بأنه "هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية"، وهذا يعكس العوامل النفسية، والفنية، والثقافية للخط العربي، ويبرز التقدير الكبير لفن الخط العربي، فالهندسة الروحانية هي الجمال، وهذا ما يظهر في الخط العربي، إذ يعكس لنا قدرًا عاليًا من الدقة والهندسة في تصميم الحروف وترتيبها. فكل حرف، وكل حركة، كل ذلك مدروس بعناية ليكوِّن جزءًا من تصميم جمالي متكامل. إن كتابة الخط العربي تمنح الإنسان قدرًا من التأمل والروحانية بما تتطلبه من هدوء وتأمل عند الكتابة، فالخطاط يحتاج إلى تركيز عميق وحالة من الصفاء الذهني لينعكس هذا على كتابته، فالخط ليس مجرد نقل للكلمات فحسب، بل هو وسيلة لنقل معانٍ روحانية وثقافية، تقوم بترجمة الجمال الداخلي إلى نصوص من خلال التصميمات المنسجمة والجذابة. كما أن للخط أدوات ملموسة مثل: القلم (القصبة)، والحبر والورق، وهذه الأدوات بدورها تشكل وسيلة مادية (فيزيائية) لتحقيق الانسجام بين الأفكار الروحية والنفسية والجسد. وتلك الحركات الماهرة والدقيقة في رسم الحروف تُحدث تناغمًا بين الروح الإنسانية التي تبحث عن الكمال والجمال، والأدوات الجسمانية التي تعد وسيطًا ووسيلةً لتحقيق هذا الجمال. ولا يقتصر ذلك الأمر على الروح والجسد فقط، بل يتعداه إلى البعد التاريخي والثقافي أيضًا، فالخط العربي له تأريخ طويل وعريق في الثقافة الإسلامية؛ فهو أحد أهم أشكال الفن الذي يُقدَّر ويُحترم، فالقرآن الكريم هو أجل الكتب وأعظمها، وقد نال شرف كتابته بالخط العربي، مما أضفى على الخط العربي بُعدًا دينيًا وروحانيًا خاصًا. وينتهي بنا المقال إلى الإشادة بكراسة الإبداع في الخط العربي والتي أصدرها الدفاع المدني، وهي سابقة فريدة من نوعها، تميز بها؛ حيث لامست حاجة ماسة في نفوس أبنائنا لغرس ذلك الفن العريق (فن الخط العربي) في نفوس النشء وإكسابهم المهارات اللازمة لإتقان الكتابة وتحسين الخط، مع ما تضمنته من قيم نبيلة وسامية، جاءت الكراسة لتغرسها في نفوس طلاب وطالبات التعليم العام. وبما احتوته أيضًا من تعليمات وإرشادات تقي الإنسان -بعد الله- من المخاطر التي تحيط به. فشكرًا للدفاع المدني على تلك المبادرة الرائعة والمتميزة. ونأمل من المؤسسات التعليمية أن يكون لها إسهامات في مقرراتها الدراسية وأنشطتها اللاصفية، كهذه التي قدمها الدفاع المدني، وتكون هناك شراكة دائمة لتحقيق أعلى درجة من الإفادة من تلك المبادرات مع بقية القطاعات الأمنية كالمرور ومكافحة المخدرات. هكذا تكون المشاركات المجتمعية بين قطاعات الدولة المختلفة التي تسير جنباً إلى جنب للسير قدماً لتحقيق الأهداف التنموية ومنها القطاع التعليمي الذي هو أساس بناء الشعوب وتقدمها.