إذا أردت أن تجرب السفر عبر الزمن، وتعود لعصور ما قبل الميلاد.. فعليك برحلة مطولة تجوب فيها الأراضي المصرية برفقة مرشد سياحي خبير. فغير الأهرامات الثلاثة العملاقة، ستجد مئات الأهرام والتماثيل والأشكال في كل بقعة.. ولكن هرم "زوسر" أو ما يسمى هرم "سقارة المدرج" يعد أحد المعالم الأثرية الأكثر شهرة في مصر، باعتباره أقدم بناء حجري هندسي في التاريخ، كأول هرم بناه المصريون القدماء، ويشكل نقطة تحول تاريخية مهمة في الآثار المصرية القديمة، مما شكل ثورة في الهندسة المعمارية الحجرية. ويرجع عمر بناء الهرم المدرج الموجود في منطقة سقارة بمحافظة الجيزة المصرية إلى بداية الأسرة الثالثة، خلال فترة حكم الملك "نترخت" أو الملك "زوسر"، والتي استمرت 19 عامًا "من 2667 - 2648 ق. م"، وتشير الدراسات إلى أن من تولى مهمة تصميمه وبنائه هو المهندس المعماري "إيمحوتب". والعجيب في الأمر، أن دراسة حديثة نُشرت في مجلة PLOS One، تشير إلى أن هرم زوسر، بُني قبل حوالي 4700 عام باستخدام "مصعد هيدروليكي".. حيث قال فريق البحث بقيادة رئيس معهد "Paleotechnic" للأبحاث الأثرية في باريس زافييه لاندرو: "يشتهر المصريون القدماء بريادتهم وإتقانهم للهيدروليكا "علم حركة السوائل" من خلال القنوات لأغراض الري، واستخدام الزوارق لنقل الأحجار الضخمة"، ما يفتح مجالًا جديدًا من البحث، لمعرفة استخدام القوة الهيدروليكية لبناء الهياكل الضخمة التي بناها المصريون القدماء، وفقًا للدراسة. ويتكون الهرم من 6 مصاطب تعطي الشكل المدرج، وهي مصنوعة من الحجر الجيري ومتراصة فوق بعضها البعض لتشكل في النهاية هرمًا ارتفاعه 61 مترًا، ويحيط بالهرم جدار من الحجر الجيري، يبلغ ارتفاعه 10.5 أمتار وطوله 1645 مترًا. وداخل هذا الجدار يوجد مجمع جنائزي كبير يعد أول مقبرة ضخمة، تحتوي على مدافن ومدرجات كبيرة، وواجهات منحوتة بدقة، وأعمدة، وتماثيل بالحجم الطبيعي، وبيت الشمال، وبيت الجنوب، والسرداب، والقبر الجنوبي، ومعبد "تي"، والمعبد الجنائزي الشمالي، وبذلك شكلت هذه الآثار مجتمعة مدينة قديمة متكاملة، ويحتوي الهرم على جثة الملك زوسر وحجرة تم دفنه فيها، كما يضم الهرم أكثر من 40.000 من الأوعية الحجرية بمختلف الأشكال.