خطيب المسجد الحرام: مِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء    خطيب المسجد النبوي: الناس يتفاوتون في تحمّل صدمة وفاجعة وفاة قريب على قدر إيمانهم    رونالدو: الوصول ل900 هدف يعني الكثير    موعد مباراة منتخب السعودية القادمة بعد التعادل مع اندونيسيا    من فضلك وشكرا لك أساليب للتحدث مع الذكاء الاصطناعي    هيئة الطرق توضح الفرق بين أدوارها ودور النقل كوزارة وهيئة    نصائح لما بعد عملية قص المعدة    أوسوليفان يُودّع بطولة الماسترز السعودية للسنوكر    ركلات الجزاء أزمة تواجه سالم الدوسري    التحيز الأمريكي ضد المسلمين هو الأعلى بين جميع المجموعات الدينية    تكريم "هيئة الترفيه" لامتثالها بأنظمة الملكية الفكرية    الاحتيال ب«الشماغ»!    الدنبوشي    محافظ الزلفي يرأس اجتماعي المجلس المحلي الرابع ولجنة السلامة المرورية    محافظ الزلفي يطمئن على قائد الدوريات الأمنية    مشاهد في «يوم دراسي»    طالبٌ منسيٌّ في حافلة!    بيع المركبات للأفراد عبر «أبشر»    أنثروبولوجيا طويق    أميمة الخميس «تحلّ» لغز «آل مشرق» بسرديّة العمة    ترامب يعد بتعيين ماسك رئيسا لهيئة تدقيق حسابات الحكومة حال فوزه    «هدف»: سنسترد مبالغ مستغلي الدعم ولو استعنا بجهات أخرى    «الطرق»: 4 معايير لتصميم مواقف سيارات «ذوي الإعاقة»    القهوة والتسوق    التدخين.. آثار سيئة على النوم    فيتامينات لبناء العظام    بقايا «الماسكارا» خطرٌ على القرنية    الوطن أولاً    إبداع سعودي    قانون المعاملات المدنية    «الموسم» اختزل الطريق نحو مقارعة المهرجانات الترفيهية العالمية    تلغرام «سلاح للحرب»    المرأة السعودية.. نجاح دائم    سعد الجنيدل.. كريم الأخلاق    «مقالة» من تحت الماء !    الطريق للجنة    هانتر بايدن يعترف بأنه مذنب في قضية التهرّب الضريبي    تير شتيجن سعيد بكونه الحارس الأول لمنتخب ألمانيا بعد طول انتظار    ميليتاو يغادر معسكر البرازيل بسبب إصابة في الفخذ    لماذا الهلال؟    حنطة فقران للطفران    المحرضون في الخارج    الاستثمار بالسلم أو الاستثمار بالحرب    وزير «الشؤون الإسلامية» يوجه بتهيئة 3 جوامع إضافية لإقامة صلاة الجنائز بشمال الرياض    أول لائحة تنظيمية لليخوت في السعودية    حلول عالمية لتحديات اجتماعية    مدير فرع «الخارجية» بمكة يستقبل عدداً من قناصل الدول    أمين الرياض يستقبل أمين الحزب الشيوعي في مدينة قوانغجو الصينية    القبض على 7 مواطنين وإحالتهم إلى النيابة العامة لارتكابهم جرائم مُهددة للوحدة الوطنية والسلم والأمن المُجتمعي    السعودية تستضيف المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد الدولي لصون الطبيعة لدول غرب آسيا    أكثر من 2200 جولة رقابية تنفذها بلدية دخنة لتعزيز الامتثال    باحث سعودي يحقق المركز الأول في جائزة Senior Colgate Prize في بريطانيا    البدء بأعمال صيانة جسر تقاطع طريق الأمير نايف مع طريق الملك سعود بالدمام .. غدا الجمعة    %45 انخفاض مستويات معيشة النساء بعد الطلاق    رؤية 2030 بناء الإنسان.. بناء الوطن    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأميرة لطيفة بنت عبدالعزيز    رحيل عبدالله رضوان… الإنسان    رفعوا الشكر لخادم الحرمين وولي العهد ونوهوا بالنهضة الكبيرة.. قيادات الشورى: الثقة الكريمة وسام سامق وحافز لمسيرة التقدم لبلادنا العزيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيال وواقع
نشر في الرياض يوم 21 - 07 - 2024

ذهب بي الخيال إلى زمن مضى، ومكان هو اليوم شعاع للنور القرآني، ومنارة للهداية الربانية، إلى مكة في زمن النبوة، حيث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يتلقى تلك الكلمات، باكورة القرآن العظيم:« اقرأ باسم ربك الذي خلق» ثم ينزل بها، يرجف فؤاده، ويخشى على نفسه، ثم ما يلبث أن تتوالى آيات التنزيل تلقى على قلبه الشريف، وهو يخافت بها، ويتلوها سرا على من يثق به، ثم ما لبثت أصوات التالين تقرع مسامع الأعداء، والحاقدين، والحاسدين، فتنهض سواعدهم لتهدم هذا الصرح الجديد، ويسعون بكل قوة لمنع توغل هذه الآيات إلى الأفئدة الراغبة في معرفة حقيقة وجودها، وتأثيرها في القلوب، وتغييرها للأنفس حتى استقامت، وثبتت، وعلى البلاء صبرت، ولشدة الأذى تحملت، ولم تزل تطمع وترجو هداية معذبيها ومعاندي هديها، وجلجل صوت الكفر:« لا تسمعوا لهذا القرآن، والغوا فيه لعلكم تغلبون» تغلبون جريان نهرها العذب في قلوب المتبعين، وتأثير تلاوتها الغنّاء على ألسن التالين.
هل لكم أن تذهبوا بذاكرتكم إلى ذلك الزمان، حيث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسعى بين الناس يبحث عمن يناصره ليبلغ دين ربه، فقط ليتلو هذه الآيات بأمان، فقط ليفسح الكافرون من قومه الطريق للنهر الجديد أن يشق أخدوده إلى القلوب، يغسل أدرانها، ويروي ظمأها، ويملأ بالهدى صدورها، ويبصر أعينها بعد الضلال، ويفتح أفق سمعها لتسمع الحق وتنطق به، وتعتقده وتدعو إليه.
كأني به صلوات الله وسلامه عليه وهو يبذل كل جهده لتصل هذه الكلمات إلى الأسماع، وتنفذ منها إلى القلوب، وصناديد قريش يسعون جاهدين لمنعها، وتشويه أثرها، وصد الناس عنها.
كم بذلوا من جهد لينالوا ذلك المبتغى، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، ولو كره الكافرون، إذ ما لبثت تلك الآيات أن شقت أخدودا في أرض الزمن، وجرى واديها يحمل الغيث، وينبت في القلوب من روائع الإيمان من كل زوج بهيج.
لم يستطع مقاومة جمالها الأخاذ قلب عمر القاسي حينها، فاستسلم وأناخ، وتغير قبله قلب صياد الأسود حمزة، فاستسلم أيضا لها وأناخ. وهكذا فعل أبو ذر، والطفيل، وسعد بن معاذ، وغيرهم كثير، حين بدأت هذه الآيات تنساب إلى عقولهم وقلوبهم وتغيّر أفكارهم، وتفتح أذهانهم إلى الحق وقد كانوا عنه عمين.
يذهب بي الخيال بعيدا وكأني أسمع صوت الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخبر أصحابه بفضل الله عليه بهذه المعجزة الخالدة، ويرجو أن يكون بها أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة.
تخيلت شخصه الكريم يقف بيننا ويسمع ويرى هذه الجموع الكثيرة، في كل أصقاع العالم، ليس مكة فحسب، تترنم بما جاء به، وتتسابق في حفظه وتلاوته وتجويده، في كل بقعة من الأرض، الصغار والكبار، الرجال والنساء، العرب والأعاجم، ملأت أصواتهم عموم الأرض.
تخيلته يضحك حتى تبدو نواجذه، كما هي عادته، ويسر حتى يستنير وجهه كأنه فلقة قمر، كما هي عادته، فرحا بما يراه، سعيدا بما يسمعه.
أين المحاربون للقرآن الصادون عن سماعه، الذين بذلوا الجهد كله ليصرفوا الناس عنه؟ وأين ورثتهم عبر التاريخ، حتى زماننا هذا، الذين نثروا في الطريق كل أنواع المغريات، وكل الملهيات، حتى ظنوا أنهم قد أغلقوا القلوب عن سماعه، أو تدبره، أو حفظه، لكن القرآن يثبت لهم العكس بواقع نراه جميعا، ترونه ويرونه يشخص بكل ثقله أمام الناظرين، في أطفال، وغلمان، وفتية، وشباب، وشيوخ، وكهول، وعجائز، بعضهم ربما أدرك الصد عنه بالحديد والنار، وكم كان عسيرا في بعض الأقطار أن يحظى مسلم بنظرة على مصحف، بله أن يقرأ فيه، أو أن يحفظه، أو أن يستطيع أن يتلوه فيما بينه وبين نفسه، ناهيك أن يقرأه على ملأ ! تماما كما فعل أسلافهم.
لم تستطع آلات الهدم أن تسد طريق مسيره إليها، أو وقف إقبالها عليه، أو تهدم ما بناه في تلك القلوب! وذهب كل المحاربين، وأسدل الستار على المعاندين، ومحيت آثار الصادين، وبقي القرآن، آيات تتلى على المسامع، وتنفذ إلى القلوب، في نفس الأماكن التي حرمت منه سنين عددا! هذا، والله من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.