نجحت المملكة العربية السعودية بحجز مكانها في صدارة المجتمعات الرقمية الذكية الناشئة، متفوقةً على العديد من نظيراتها من دول العالم في مجال تطوير بنيتها التحتية الرقمية ونشر التقنيات الحديثة ضمن العديد من المجالات وفي مقدمتها شبكات الاتصالات المتطورة، وفي إطار سعيها لترسيخ مكانتها كمركز رقمي إقليمي وعالمي، انطلقت المملكة في رحلة طموحة لبناء "مجتمع ال 10 جيجابت" الذي يشكل ركيزة أساسية في مسار التنمية المستدامة المستندة على أحدث التكنولوجيا الرقمية. يفتح "مجتمع ال 10 جيجابت" آفاقاً واسعة من الفرص والفوائد للمملكة؛ حيث تعمل هذه البنية التحتية المتقدمة لشبكة الاتصالات على إحداث نقلة نوعية في مختلف جوانب المجتمع والأعمال من خلال توفير قدرات اتصال فائقة بسرعات تصل إلى 10 جيجابت في الثانية، مع زمن استجابة منخفض التأخير يعتبر الأفضل حتى اليوم، وتغطية واسعة النطاق، ويساهم ذلك في تمكين قدرات العديد ممن القطاعات الحيوية كالتعليم الذكي والرعاية الصحية والمدن الذكية والتصنيع، وبالتالي الارتقاء بجودة حياة سكان المملكة. من المتوقع أن يؤدي الاتصال بالإنترنت بسرعة 10 جيجابت في الثانية إلى إحداث تحول جذري على طريق بناء الاقتصاد الرقمي في المملكة، مما يساهم في تعزيز الكفاءة والإنتاجية ضمن مختلف القطاعات والصناعات، وتوفير بيئة مواتية للابتكار تخدم طموحات مستقبل التطوير وتنمية الأعمال وتحسين جودة الخدمات. كما تمثل البنية التحتية الرقمية المتقدمة عامل جذب للاستثمارات الأجنبية في قطاعات متنوعة من اقتصاد المملكة بما يتماشى مع رؤيتها الطموحة 2030. وستتمكن الشركات العاملة في المملكة من قطع أشواط جديدة على طريق التحول الرقمي ورفع كفاءة عملياتها بالاستفادة من الإنترنت فائق السرعة لتقديم خدمات رقمية فائقة الجودة وتوفير تجارب غامرة للعملاء. "مجتمع ال10 جيجابت" يمهد "مجتمع ال 10 جيجابت" لتطوير خدمات متقدمة، لا سيما في المجالات ذات النطاق الترددي العريض مثل الحوسبة السحابية والواقع الافتراضي والمعزز. ومن أبرز الأمثلة على هذا التحول مبادرة الرياض لتصبح إحدى "مجتمعات ال 10 جيجابت"، وتبشر برفع مستوى المعيشة وزيادة الإنتاجية الرقمية على امتداد أنحاء العاصمة. وفي هذا السياق، أصدرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً ورقة عمل تحدد العديد من عوامل التمكين الرئيسية لضمان النجاح في بناء "مجتمع ال 10 جيجابت"، وبالاستناد إلى سلسلة من التغييرات التنظيمية، يسلط التقرير الضوء على سبل توفير بيئة أعمال مواتية تعزز التميز الرقمي في المملكة عن طريق تضافر جهود كافة المعنيين والتنسيق فيما بينهم، ودعم أنشطة البحث والتطوير والابتكار، بالإضافة لعقد شراكات مع الأطراف الدولية المعنية لبناء النظام الإيكولوجي اللازم لازدهار قطاع التكنولوجيا بمختلف أطيافه من الشركات العامة والخاصة بغض النظر عن جنسيتها، كما يشكل محور تنمية المواهب التقنية الرقمية وبناء أنظمة قوية للمراقبة والتقييم أولوية على طريق بناء مجتمعات الجيجا بايت والمضي قدماً بنشر التقنيات الرقمية الحديثة. تسترشد هذه التطورات برؤية المملكة 2030 التي تلتزم بتحقيق التنمية الرقمية المستدامة من خلال الاعتراف بالإمكانات الهائلة للتقنيات الرقمية في تسريع وتيرة النمو والتطور الاجتماعي والاقتصادي بالتوازي مع تقليل الأثر السلبي على البيئة. وتتوافق مبادرة "مجتمع ال 10 جيجابت" تماماً مع هذه الرؤية، حيث ستساهم في ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون من خلال نشر شبكات الألياف الضوئية واستخدام مراكز البيانات الخضراء التي تعمل بمصادر الطاقة المتجددة. تساهم الشراكات والاستفادة من التجارب والخبرات في تحقيق الازدهار المجتمعي وتحفيز التحول الرقمي؛ ولهذا تسعى المملكة جاهدةً إلى تعزيز الشراكات المفتوحة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أفضل النتائج الممكنة من تطوير "مجتمع ال 10 جيجابت"، وبالتوازي مع الشركات الغربية، برزت شركات التكنولوجيا الصينية المشهورة بتسارع نمو ملحوظ كرديف ذو قيمة مضافة لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات والتنمية المستدامة، وكشركاء رئيسيين في هذا المجال، مثال ذلك شركة هواوي الرائدة عالمياً في مجال ابتكار ونشر تقنيات الجيل الخامس والجيل الخامس المتقدم، وتساهم من خلال حلولها ومنتجاتها المتقدمة من وحدة أعمال الطاقة الرقمية التابعة لها "هواوي ديجتال باور" في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المملكة بالتماشي مع أهداف الأممالمتحدة للتطوير المستدام. تمكنت العديد من الشركات الصينية الكبرى من ترسيخ مكانتها في المشهد العالمي للطاقة النظيفة، ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية، وصلت إضافات القدرة الإنتاجية السنوية العالمية من الطاقة المتجددة العام الماضي إلى 510 ملايين كيلوواط، ساهمت الصين بأكثر من نصفها، وهذه مساهمة هائلة في الإنتاج العالمي من الطاقة المتجددة. وحدة أعمال "هواوي ديجتال باور" الجديدة مثال عن شركات التكنولوجيا التي نجحت بتعديل استراتيجية أعمالها بالتماشي مع متطلبات الاستدامة، وركزت على حفز انتشار حلول الطاقة منخفضة الكربون من خلال دمج التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة لتطوير قدرات الطاقة النظيفة. وانطلاقاً من ضرورة العمل على خفض البصمة الكربونية خلال العمل على الاعتماد على التقنيات الرقمية، يتم العمل على تعزيز أنظمة الطاقة وتحسين كفاءتها ومواجهة التحديات المرتبطة بتوفير مصادر الطاقة النظيفة، وبالاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات المتقدمة بما فيها تحليلات البيانات والصيانة التنبؤية وتقنيات إلكترونيات الطاقة، سيكون لمثل هذه الشركات دور فاعل على طريق التحول بقطاع الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف حيادية الكربون وقيادة القطاع نحو مستقبل رقمي أكثر استدامة. اليوم، وصلت نسبة تغطية الجيل الخامس في المملكة إلى 53 %، وبلغت هذه النسبة أكثر من 94 % في مدينة الرياض، كما وصل عدد أبراج الجيل الخامس لكل 10000 شخص إلى حوالي 4.4 وهذا الرقم مرشح للارتفاع أكثر، ما يعني بأن المملكة تخطو حالياً خطاً حثيثة على طريق إرساء الأسس اللازمة لبناء مجتمع متصل رقمي وذكي. من المتوقع أن تصل قيمة قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة إلى 53 مليار دولار بحلول عام 2025، مدفوعاً بالمشاريع الضخمة والمدن الذكية ومشاريع الرعاية الصحية والتعليم والسياحة. وسيساهم "مجتمع ال 10 جيجابت" حتماً في حفز هذا النمو، مما يخلق فرصاً جديدة ليس لمشغلي الاتصالات فحسب، بل لمختلف القطاعات والصناعات الأخرى بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة، وسيتم تعزيز تجارب نمط الحياة الذكية. وتشير تقديرات المملكة إلى أن الأثر التراكمي لمساهمة قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي سيصل إلى 358 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030، وسيساهم "مجتمع ال 10 جيجابت" في إضافة 1 % إلى هذا الرقم. المملكة العربية السعودية اليوم منارة إلهام للدول المهتمة بتبني نهج التنمية الرقمية المستدامة، وتواصل مساعيها الدؤوبة لبناء "مجتمع ال 10 جيجابت" وتنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا المستدامة كمحور تطوير وتنمية أساسي. ومن خلال التزامها الراسخ وشراكاتها الاستراتيجية المنفتحة مع كافة الدول وروح الابتكار التي تغذيه لأبنائها، تعمل المملكة على تحويل مشهدها الرقمي والمساهمة في الرؤية العالمية لمستقبل ذكي أكثر اتصالاً. ولا يعتبر "مجتمع ال 10 جيجابت" قفزة تكنولوجية فحسب، بل يشكّل كذلك دليلاً على المساعي الرائدة للمملكة في بناء عالم رقمي مستدام ومزدهر.