أطلقت أمانة منطقة الرياض الأسبوع الماضي، برنامج "مُثل" للرقابة البلدية، وهو نموذج جديد لتنفيذ أعمال التفتيش والرقابة على المؤسسات والمنشآت الصحية والتجارية في الرياض، وذلك بالاعتماد على أحدث التقنيات الرقمية. وتتوخى الأمانة أن يؤدي هذا البرنامج، إلى تعزيز ثقافة الامتثال وزيادة مستوى الوعي بالأنظمة والقوانين التنظيمية في المؤسسات والمنشآت المستهدفة، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة، وتطبيق أفضل المعايير المهنية في مجال الرقابة والتفتيش. وهذا البرنامج سوف يحل محل برنامج "إجادة" الذي تم إطلاقه عام 2018 واشتكى منه الكثير من أصحاب الأعمال. وهناك مثل إنجليزي يقول: أن يأتي متأخراً خير من أن لا يأتي أبداً. فإجادة قد أثقلت كاهل المنشآت، وخاصة الصغيرة والمتوسطة التي تشكل غالبية منشآتنا، بفرض غرامات دون ضوابط مفهومة للمستثمرين الصغار- الذين اعتبروها تصيدا، يستفيد منها المراقبون بتسجيل أكبر ما يمكن من الغرامات لصالحهم. وهذا أدى إلى زيادة الأعباء المالية التي تتحملها المنشآت الصغيرة، التي بالكاد تحصل على ما يسد التكاليف التي تتحملها. ولذلك، فإن هذه الأعباء المالية أدت إلى أغلاق العديد من أصحاب الأعمال لمنشآتهم. وأنا كتبت أكثر من مرة، كيف أن الغرف التجارية كانت تصبح أحياناً على بعض القرارات الحكومية المفاجأة والمعيقة لنشاط أصحاب الأعمال. فالقطاع الخاص والقطاع الحكومي من الناحية الاقتصادية قطاعين مكملين لبعضهما البعض. فمنذ أول خطة للتنمية (1970-1975)، والقطاع الحكومي يسعى إلى إيجاد قطاع خاص قوي. ولذلك تم تأسيس العديد من الصناديق المتخصصة لدعمه. بل أن رؤية 2030، قد وضعت على رأس أولوياتها تقليص دور القطاع الحكومي في الناتج المحلي الإجمالي وإعطائه للقطاع الخاص. ولذلك، تثير الاستغراب القرارات المفاجئة التي تضع دون قصد العصاة في دولاب أصحاب الأعمال وتمنعها من الدوران كما يجب. فنحن نعرف أن هناك مدرستين في الاقتصاد مدرسة ليبرالية ترى أن تدخل القطاع الحكومي في الاقتصاد مضر للاقتصاد. وتتم الإشارة في هذا المجال إلى الاجتماع الذي عقد عام 1681، بين وزير المالية الفرنسي "جان بابتيست كولبير" مع مجموعة من كبار رجال الأعمال الفرنسيين، حيث سألهم: كيف يمكن للحكومة الفرنسية مساعدتكم؟ فأجابوه اتركونا وشأننا. ولكن هناك مدرسة أخرى هي مدرسة جون مينارد كينز، التي ترى فائدة التدخل الحكومي في الاقتصاد. ولهذا، فإن خير الأمور أوسطها. فتدخل القطاع الحكومي في الاقتصاد قد يكون ضروريا جداً كما حدث بعد أزمة الرهن العقاري عام 2008، عندما عجزت السوق في الولاياتالمتحدة عن إدارة الاقتصاد، فتم تأميم بعض الشركات مثل جنرال موتورز. بالمثل فإن القطاع الحكومي هو الآخر يفشل في إدارة الاقتصاد، وهذا حصل في السبعينات من القرن المنصرم في المملكة المتحدة، فجاءت مارغريت تاتشر وخصصت العديد من المنشآت الحكومية.