تعهّد رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر "إعادة بناء" البلاد و"توحيدها" بعد تحقيق حزب العمال الذي يتزعّمه فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية. وهذه هي المرة الأولى منذ العام 2010 التي يحكم فيها العمّال (يسار الوسط) البلاد، في تطوّر يطوي صفحة حكم المحافظين الذي استمر 14 عاما وشهد في السنوات الأخيرة سلسلة من الأزمات من بريكست إلى كوفيد والتضخم والتغيير المتكرر لرؤساء الحكومة. وكلّف الملك تشارلز الثالث رسميا الجمعة كير ستارمر تشكيل الحكومة في المملكة المتحدة،. ووفق العرف المتّبع، نشر قصر باكينغهام صورة للملك مستقبلا الرئيس الجديد للحكومة. وغادر قصر باكينغهام متوجّها إلى مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت حيث قال "سنعيد بناء" المملكة المتحدة. ومن المتوقّع أن يتم الإعلان عن أبرز وجوه الحكومة لاحقا. وأشار إلى عملية "إعادة بناء للبنية التحتية للفرص"، مشددا على التعليم والإسكان بأسعار معقولة، وعلى مبدأ "الخدمة" في السياسة. ووعد بالسعي مع الحكومة ليستعيد البريطانيون إيمانهم بمستقبل أفضل لأطفالهم و"توحيد بلدنا". وكان قد أشار لدى إعلان فوز حزبه فجرا إلى أن الأمور "لن تكون سهلة"، ولا تتغير ب"كبسة زر". وباشر ستارمر تعيين أعضاء في حكومته، وقد كلّف ريتشل ريفز حقيبة المالية، لتصبح بذلك أول وزيرة للمال في بريطانيا، وديفيد لامي حقيبة الخارجية. وسلفه ريشي سوناك البالغ 44 عاما كان قد قدّم استقالته إلى الملك تشارلز. وفي خطابه الأخير، قدمّ سوناك اعتذارا للرأي العام، وقال "لقد وصلني غضبكم وخيبة أملكم"، وأضاف "الشعب البريطاني أصدر حكما واضحا الليلة (...) وأنا أتحمّل مسؤولية" هذه الهزيمة. ومن بين أول اللقاءات التي سيشارك فيها ستارمر، قمة الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء حلف شمال الأطلسي التي ستعقد الأسبوع المقبل في واشنطن. وأكد ستارمر أن "التغيير يبدأ الآن" شاكرا مناصريه ومجددا وعده بحصول "تجدد وطني". وشدد على أن التغيير يتطلب "عملا شاقا وصبورا وحازما". ووفق النتائج شبه النهائية حصد حزب العمّال 412 مقعدا، أي أكثر من المقاعد ال326 الضرورية للحصول على الغالبية المطلقة في مجلس العموم والتمكن من تشكيل حكومة بمفرده. والعدد أقل بقليل من النتيجة التاريخية التي سجلها توني بلير العام 1997 بحصول الحزب يومها على 418 مقعدا. أما حزب المحافظين بزعامة سوناك فسجّل أسوأ نتيجة له على الاطلاق منذ مطلع القرن العشرين مع انتخاب 121 نائبا في مقابل 365 قبل خمس سنوات عندما كان الحزب بزعامة بوريس جونسون. وقد خسر عدد كبير من قياديي الحزب المحافظ مقاعدهم النيابية على غرار وزير الدفاع غرانت شابس ووزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردانت التي كانت مرشحة لتولي زعامة الحزب مستقبلا. كذلك، خسرت رئيسة الوزراء المحافظة السابقة ليز تراس مقعدها. ويدرك ستارمر أن البريطانيين يتوقّعون تحوّلا ملموسا وسريعا. وخلال الحملة الانتخابية وعد ستارمر الذي بدأ خوض غمار السياسية قبل تسع سنوات فقط، بعودة "الاستقرار" و"الجدية" مع إدارة صارمة جدا للنفقات العامة. ويعد ستارمر الذي لا يتمتع بكاريزما كبيرة، بتحويل البلاد كما فعل على صعيد حزب العمال بعدما خلف جيريمي كوربن في 2020 من خلال التركيز على الاقتصاد ومكافحة معاداة السامية. ويؤكد أنه يريد تحفيز النمو وتصحيح وضع المرافق العامة وتعزيز حقوق العمال وخفض الهجرة وتقريب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون العودة عن بريكست. وبعد فوز حزبه، تلقى ستارمر التهاني من عدة قادة وزعماء.