خلال المناظرة الرئاسية الأولى بدأ بايدن متعبًا وفاقدًا للتركيز في بعض الأحيان، في مواجهة استمرت 90 دقيقة مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب، خاصة في مرحلة كانت حاسمة حسب المراقبين، عندما رد ترمب معلقًا على إحدى مداخلات بايدن: "أنا حقًا لا أعرف ما قاله في نهاية تلك الجملة، ولا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضا". تلك اللحظة التي استغلها ترمب بجدارة ليسلط الضوء بشكل فعال على ضعف خصمه من حيث القدرة الإدراكية. هذه الصورة المشوهة وضعت رموز الحزب الديموقراطي في حالة غير متزنة. وكان من أبرز هؤلاء زعيم الديموقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، الذي لم يجب على سؤال أحد الصحفيين حول ما إذا كان بايدن هو المرشح الأكثر فعالية للحزب، وقال بدلاً من ذلك: "من المقرر أن يتحدث الرئيس بايدن ظهر اليوم بحسب علمي في ولاية كارولينا الشمالية. إنني أتطلع إلى الاستماع إلى الرئيس بايدن، وإلى أن يوضح طريقة المضي قدمًا فيما يتعلق برؤيته لأمريكا، وفي هذه اللحظة سأحتفظ بالتعليق على أي شيء يتعلق بما نحن فيه الآن". ظهور مرشح الحزب الديموقراطي جو بايدن بهذه الصورة أعاد إلى الواجهة فكرة تقديم مرشح بديل قادر على مواجهة ترمب وهزيمته في نوفمبر المقبل. وفي هذا السياق أشار أحد مراقبي المشهد إلى أنه للمرة الأولى منذ بدء المناظرات المتلفزة، لم تكن هناك مناظرة رئاسية منتظمة في شهر يونيو، وفي الواقع، توجد قواعد تشترط حصول المرشح على ترشيح الحزب قبل المشاركة في المناظرة، أي بعد المؤتمرات السياسية التي تعقد عادة في منتصف الصيف. فلماذا إذن مناظرة يونيو؟ إحدى النظرات هي أن يثبت بايدن نفسه للحزب الديموقراطي، وإذا فشل في تحقيق ذلك أمام ترمب -ما يعتقد الكثير من الديموقراطيين بأنه فشل أمام ترمب فشلاً ذريعًا- فسيستبدله الحزب بمرشح آخر دون تحديات إجرائية تعيق إنجاز تلك المهمة. هل هذه هي الإستراتيجية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن هو المرشح الذي سيتولى السلطة؟ عندما تعود هذه النظرة إلى السطح، دائمًا يكون اسم ميشيل أوباما في طليعة المرشحين، ويأتي بعدها نائب الرئيس كامالا هاريس. عزيزي القارئ، أداء الرئيس جو بايدن في المناظرة الأولى يوم الخميس هيج انتقادات جديدة من قبل الديموقراطيين، فضلا عن التأملات العامة والخاصة حول ما إذا كان ينبغي أن يبقى على رأس القائمة كما وضحنا. وفي هذا الصدد كتبت التلغراف أن الديموقراطيين أصدروا إنذارًا نهائيًا لبايدن، حيث يمهلونه أسبوعًا لإحياء حملته بعد الأداء الكارثي في المناظرة، وأثار هذا الإنذار مخاوف جديدة؛ بسبب عمره ولياقته العقلية. وبعد أن أعلنت شبكة "سي إن إن" فوز ترمب في المناظرة، اشتدت الدعوات داخل الحزب الديموقراطي لبايدن بالتنحي لصالح مرشح أصغر سنًا، ويضغط المانحون كذلك عليه بالانسحاب؛ خوفًا من أن يؤدي استمرار ترشيحه إلى تعريض فرصهم في الفوز بالانتخابات للخطر. في تقديري، استبدال مرشح الحزب في هذه المرحلة سيكون أمرًا في غاية الصعوبة والخطورة، ويتطلب بشكل أساس تنازل بايدن، وهذا غير مطروح، وأكد عليه الرئيس بايدن نفسه في اليوم التالي للمناظرة، حين قال في تجمع مناصريه: "إنه يعتزم هزيمة منافسه الجمهوري دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر، دون أن يبدي أي مؤشر إلى أنه سيفكر في الانسحاب من السباق بعد أداء ضعيف أثار استياء زملائه الديموقراطيين من المناظرة". كذلك يتطلب استبدال بايدن في هذه المرحلة المتأخرة وجود شخصية ذات قيمة اعتبارية كبيرة داخل الأوساط السياسية والمجتمع الأمريكي؛ لكي لا تحدث خسارة تاريخية لمرشح الحزب الديموقراطي.