أفخر دوماً أن أكرمني رب العباد بشرف المشاركة في خدمة ضيوف الرحمن أكثر من مرة، كما كثيرين من أبناء وبنات بلادنا المباركة، الذين يتسابقون على بذل كل ما يستطيعون، أسوة بخادم الحرمين الشريفين وسمو لي العهد الأمين -حفظهما الله-. الرائع أن مشاركتي في موسم الحج كانت عبر جهتين حكوميتين مختلفتي التخصص، مما مكنني من الاطلاع الشامل على جهود متنوعة ومشرفة من جهات حكومية وخاصة في الحج. يعلم القاصي والداني ما تبذله حكومتنا الرشيدة في موسم الحج، وهو نهج بدأه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، واستمر على ذلك من بعده أبناؤه الملوك، رغم بعض التحديات الاقتصادية والظروف، إلا أن تقديم كافة الخدمات لضيوف الرحمن استمر منهجاً واضحاً للدولة السعودية، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اللذين يقفان بنفسهما على متابعة كافة الاستعدادات على الأرض، وتوجيه الوزراء والمسؤولين لجعل الحج على قائمة أولوياتهم. خلال المواسم لاحظت أن التغيير والتطوير فيما تقدمه الجهات في الحج هو السمة الثابتة لمواسم الحج، وكل جهة حكومية تهدف للتفوق على نفسها، وجعل كل موسم هو أفضل موسم، والرائع خلال السنوات الماضية هو تصاعد التعاون والتنسيق بين الجهات، عبر لجنة الحج العليا، وعبر التواصل الأفقي بين الوزارات والهيئات، مما يعزز ويرفع كافة الخدمات، ويمكن الحجيج من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة. والملاحظ خلال المواسم الأخيرة تزايد الاستثمار في التقنية، مما سهل الوصول والتتبع، وحفظ الأوقات والجهود، وأفسح المجال لرفع جودة الحج، والعمل على استغلال الطاقة الاستيعابية قدر الإمكان، وها نحن نشهد في كل عام مبادرات نوعية متعددة. لا أكاد أكون مبالغاً إن قلت: حتماً سوف تجد في كل عائلة سعودية فرداً أو أكثر ممن يشارك في موسم الحج مباشرة وغير مباشرة، وأصبحنا نتسابق على هذا الشرف الذي اختصه رب العالمين لنا، مقتدياً بنهج واهتمام قادتنا حفظهم الله ورعاهم. ومن أصغر مشارك حتى القادة، تجد الجميع يستشعر عظم المهمة الملقاة على عاتقنا، ونقدم فيها الغالي والرخيص، بل نبذل من أوقاتنا وأموالنا في سبيل أن يتسنى لضيوف الرحمن أداء شعائر حجهم وهم يرفلون في أمن وأمان، وسهولة واقتدار، ولله الحمد. ولعل إحدى ميزات منصات التواصل الاجتماعي أنها نقلت بعفوية وصدق كل ما يحدث في المشاعر المقدسة، قصصاً حقيقة من البذل والعطاء، قصصاً رائعة من الاهتمام والحرص، قصصاً حقيقية لا نؤمّل منها سوى رضا الله وحسناته. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ للحجيج إكمال نسكهم، وأن يعودا إلى ديارهم آمنين غانمين.