تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق الحياد الصفري للكربون بحلول عام 2060، لتصبح رائدة على مستوى العالم في سوق الطاقة وتعمل المملكة على الاستفادة من مواردها المعدنية الهائلة كجزء من استراتيجية أوسع لبناء سلاسل إمداد متكاملة مركزية للاقتصاد الدائري للكربون، بما في ذلك إنتاج الصلب الأخضر والهيدروجين الأخضر وتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، وتمتاز المملكة بالوفرة في مواردها الطبيعية، وموقعها الاستراتيجي الذي يقع في قلب طرق التجارة الرئيسية بين القارات الثلاث، وفي إطار رؤية المملكة 2030، يضاف الى ذلك الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في دعم التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة. حيث تتمتع المملكة بالموارد الجيولوجية اللازمة للمساهمة في بناء مستقبل قائم على الطاقة النظيفة. وتشير التقديرات الدولية إلى الحاجة لرفع الإنتاج الحالي من المعادن التي تدخل في تقنيات الطاقة النظيفة إلى خمسة أضعاف بحلول عام 2050. وتشير بيانات عن التقديرات الجديدة للإمكانات المعدنية غير المستغلة في المملكة والتي ارتفعت من 1.3 تريليون إلى 2.5 تريليون دولار بزيادة قدرها 90%، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة إجمالية تتجاوز 75 مليار ريال في مجال التعدين والصناعات التعدينية بين عدد من الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات المحلية والعالمية. يضاف الى ذلك إطلاق حزمة حوافز جديدة بقيمة تصل إلى ما يقرب من 685 مليون ريال (182 مليون دولار)، وطرح منافسة أول حزام تعديني بالمنطقة في جبل صايد على مساحة 4000 كيلومتر مربع. حيث ستعمل تلك المشاريع على تعظيم مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 176 مليار ريال بحلول عام 2030م. وفي هذا الشأن سجَّلت المملكة تقدمًا كبيرًا في التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في قطاع التعدين الصادر عن MineHutte بالتعاون مع مايننغ جورنال، محرزة أسرع نمو عالمي في تطور البيئة التنظيمية والأساسية الجاذبة للاستثمارات خلال السنوات الخمس الماضية (2018-2023)، منذ إطلاق برنامج التحول في القطاع، بدءًا بتطوير البنية التشريعية واللوائح التنظيمية للقطاع، حتى أصبحت المملكة «وجهة مفضلة» للاستثمار في قطاع التعدين، وتضمنت التصنيفات الواردة بالتقييم، تحسن تقييم المملكة في مؤشر التراخيص التعدينية، حيث جاءت ثاني أفضل دولة في بيئة منح التراخيص في العالم، إضافة إلى تطور كبير في تقييم المملكة بمؤشر السياسات المالية، مما جعلها إحدى أفضل 10 دول في هذا المؤشر على مستوى العالم. وأحرزت المملكة تقدمًا كبيرًا في مؤشر البنية التشريعية واللوائح التنظيمية؛ لتصبح ضمن أفضل دول التعدين في العالم من حيث الأطر التشريعية والتنظيمية، وبذلك تعد المملكة نموذجًا يحتذى به في تحسين البيئة الاستثمارية وتطوير قطاع التعدين بالبلدان المجاورة. وسلّط التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في قطاع التعدين الضوء على جهود المملكة في تطوير قطاع التعدين، بداية من إطلاق الإستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية في عام 2018م لتعظيم القيمة المحققة من الموارد الطبيعية، مدعومة بتطوير نظام الاستثمار التعديني، الذي يشكل البنية التشريعية والنظامية للقطاع، ويوفر بيئة واضحة وشفافة وميسرة للمستثمرين في قطاع التعدين، إضافة إلى الإصلاحات الشاملة والمحفزات للمستثمرين في القطاع. وحول ذلك أكد نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، المهندس خالد بن صالح المديفر أن هذا التصنيف الأعلى عالميًا يأتي نتيجة للجهود المبذولة لتطوير قطاع التعدين خلال الخمس سنوات الماضية، حيث شرعت المملكة منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- في اتخاذ خطواتٍ جادة لتنويع مصادر اقتصادها إلى جانب النفط والغاز، ووضعت على هذا الأساس برامج ومبادرات ضمن خطة التحول لتطوير قطاع التعدين ليُصبح الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية. وأشار إلى أنه في ظل هذا التحول، صدر نظام الاستثمار التعديني الجديد ولائحته التنفيذية وإطلاق مشروع المسح الجيولوجي لمنطقة الدرع العربي الأكبر من نوعه عالميًا، ومبادرة الاستكشاف المسرع، والعشرات من المبادرات الهادفة لتطوير وتحول القطاع، مضيفًا أن هذه النتائج تحفز المستثمرين لاستثمار الفرص بالمملكة، حيث أصبحت رائدة في صناعة التعدين والمعادن عالميًا. بدورها أشادت الرئيسة التنفيذية للعمليات ومديرة الأبحاث في MineHutte إيما بيتي في التقرير؛ بالتحول الكبير والإيجابي الذي شهدته المملكة، وقالت «إن التحول في قطاع التعدين بالمملكة يعد الأبرز على المستويين الإقليمي والدولي خلال الأعوام الخمسة الماضية، وأن الإصلاحات التي شهدها القطاع على المستوى التنظيمي والتشريعي والبنية الأساسية تعد السبب الرئيس وراء تقدمها الكبير في التصنيف الدولي للتقرير وريادتها في تصنيف المخاطر بالتقرير، وأنه من المبهر والمحفّز أن تسهم هذه التحولات الكبرى في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق الرؤية الاقتصادية التي وضعتها المملكة لقطاعها التعديني». وتسعى المملكة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لقطاع المعادن، مستفيدة من نمو اقتصاد ثرواتها المعدنية، التي تضاعفت قيمتها مؤخرًا لتصل إلى أكثر من 9.3 تريليونات ريال، نتيجة إلى تطوير البنية التحتية والتشريعية وعمليات الاستكشاف المستمرة والطلب المحلي وموقعها الإستراتيجي، وكذلك العمل على النهوض بالصناعات التعدينية، وتشتمل ثروات المملكة المعدنية على الذهب والفوسفات والنحاس والزنك والعناصر الأرضية النادرة. يشار الى أن جهود المملكة تكمن في تحويل قطاع التعدين التي تمثلت في البدء بأكبر وأحدث مسح جيولوجي إقليمي في العالم على مساحة 700.000 كيلومتر مربع من الدرع العربي بأكثر من 1.5 مليار دولار يتم إنفاقها، وإطلاق النسخة الأولى من قاعدة المعلومات الجيولوجية الوطنية التي تحتوي على 80 عامًا من السجلات الجيولوجية في المملكة، وإصدار نظام عالمي «نظام الاستثمار التعديني الجديد»، منقح بالكامل ويتسم بالتنافسية والشفافية والوضوح، ويتبنى بشكل تدريجي المبادئ الجديدة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وإطلاق برنامج الاستكشاف المسرّع، لإصدار الرخص للمستثمرين ذوي الكفاءة العالية والمسؤولين اجتماعيًا، إضافة لتطوير منصة ترخيص رقمية لإصدار التراخيص بتوقيت قياسي عالمي، وإصدار 250 رخصة كشف، وهذا يساوي تقريبًا الرخص الصادرة في السنوات العشر الماضية. تتمتع المملكة بالموارد الجيولوجية اللازمة في بناء مستقبل قائم على الطاقة النظيفة