كتب عدد من الفلاسفة والمفكرين عن السفر، حيث هناك مقولات عديدة عنه، ومن أبرز من كتب عنه، الروائي الفرنسي جوستاف فلوبير الذي يقول: "السفر يجعل الإنسان متواضعاً. ترى مكانك الصغير في العالم". بمعنى أنك سوف تكتشف ذاتك البسيطة، وسوف تصغر الآنا المتضخمة في داخلك حينما نشعر أننا جزء بسيط في هذا الكون، وسط تعددية بشرية، متنوعة الأعراق والاتجاهات والأيديولوجيات، سوف نصبح مع الوقت قادرين على التعاطي والتكيف مع الآخر، وعلى قبوله كما هو، حتى لو لم نكن كذلك في الأساس. ويقول الفيلسوف أوغسطين: "العالم كتاب، وأولئك الذين لا يسافرون يقرؤون فقط صفحة واحدة." يعني أن الثقافة الشمولية لا تقتصر على القراءة والاطلاع، وكل أساليب التلقي الحديثة، وإنما تتجاوز ذلك إلى الاختلاط المباشر بالناس والوجوه الجديدة التي نتعاطى معها لأول مرة، والأماكن التي يقطنها أولئك الناس، تلك مجتمعة تشكل ثقافة مهمة، مليئة بالزخم المعرفي. بينما نجد أن هناك طرحاً مختلفاً أورده الفيلسوف الصيني "لاو تزه" بقوله: "المسافر الجيد ليس لديه خطط ثابتة، وليس مصممًا على الوصول" حيث يعتبر أن التخطيط الدقيق للسفر يفقده نكهته، فكلما كانت الوجهات غير مخطط لها -بدقة- كلما كانت تحمل المزيد من المفاجآت، ونقصد هنا ب"الدقة" المبالغة الزائدة في التخطيط، أما الاستعداد اللازم، من حجز التذاكر وتحديد وجهة السفر فهو أمر طبيعي. أما ابن بطوطة أشهر رحالة عربي فيقول: "السفر يتركك بلا كلمات، ثم يحولك إلى راوٍ للقصص." وهذا ما حدث له بالفعل، حيث عرف عن -الرحالة العرب- أنهم كتاب وساردون للتاريخ والأحداث والمواقع التي يمرون بها، وهذا الجانب على وجه التحديد هو ما ساعد على نقل جزء من التاريخ الشعبي المدون، حيث إن التدوين التاريخي ارتبط لدى العرب -فقط- بقصور الخلافة، وانتصارات أو إخفاقات الخلافات الإسلامية المتتالية، أما الوجه الآخر للتاريخ المرتبط بالشعوب في تلك الفترات، فلم يهتم المؤرخون بتدوينه، عدا نزر يسير منهم، ولهذا نجد أن الرحالة وكتاب الأدب مثل أبوفرج الأصفهاني في الأغاني وغيره نقلوا لنا جزءا من التاريخ الشعبي في فترات الخلافة العباسية على وجه التحديد. أخيراً يورد الممثل والسينارست الإنجليزي "مايكل بالين" مقولة مهمة له عن السفر حيث يقول: "بمجرد أن تلدغك دودة السفر، لا يوجد مضاد معروف، وأنا أعلم أنني سأكون مصابًا بسعادة حتى نهاية حياتي." وهو يشير هنا إلى الإدمان الذي يصيب من تلدغه دودة السفر، لكنه مع ذلك كله سوف يظل سعيداً طوال حياته ما دام قد أصيب بهذا الوباء "دودة السفر".