إن من الواجب تعريف الأجيال الحاضرة والمستقبلية بالمُبدعين من أبناء الوطن في مختلف المجالات؛ لإظهار قدراتهم الإبداعية، وتأكيد تقدم وتطور مؤسسات وطنهم التعليمية والفكرية، وليكونوا نماذج بنّاءة يُحتذى بها فكرياً وأدبياً وعلمياً.. إذا كان الإبداع يرمز للتميز والإجادة والإتقان والمهارة المؤدية للرُقي والتقدم والتنمية والتطوير، فإن الإخفاق يرمز للتقليد والفشل والاستهتار والخيبة والعجز المُسبب للتخلف والتراجع والهدم والخراب، وإذا كان الإبداع يُساهم بإظهار المكانة الحضارية والثقافية والإنسانية للمجتمع والوطن والأمة، فإن الإخفاق يتسبب بتراجع وتشويه المكانة الحضارية والثقافية والإنسانية للمجتمع والوطن والأمة. وإذا كان الإبداع يُعزز الهوية الوطنية وقيمها السَّامية الهادفة لوحدة الصف ونبذ الأسباب المؤدية للفرقة والعُنصرية والخلافات السلبية المُهددة للأمن والسِلم الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي، فإن الإخفاق يؤدي بالضرورة لخلق هويات متعددة تساهم بدورها على تقسيم المجتمع على أسس طائفية وعرقية ودينية ولغوية لتتسبب بنزاعات اجتماعية، وحرب أهلية يغيب معها السلام والأمن، ويتصاعد بسببها عدم الاستقرار السياسي. فإذا أدركنا هذه الفروقات بين الإبداع والإخفاق، وإذا أدركنا الفرق بين نتائج الإبداع ونتائج الإخفاق، فإننا ندرك بالضرورة الأهمية الكبيرة التي تبديها وتظهرها المجتمعات والأوطان والأمم للمُبدعين من أبنائها في جميع العصور القديمة والقريبة والحاضرة، وفي مقابل ذلك تعمل المجتمعات والأوطان والأمم على إخفاء اخفاقاتها والتبرّؤ ممن يساهم بتشويه صورتها والحط من قدرها بين باقي الأمم. نعم، تفخر المجتمعات والأوطان والأمم بالمبدعين من أبنائها، وبما حققوه من إبداعات وإنجازات في مختلف العلوم الإنسانية والأدبية والتربوية والطبيعية والصحية والصناعية والفلكية والتقنية والتكنولوجية وفي غيرها من مجالات فكرية وعلمية وثقافية. وإذا كان افتخار المجتمعات والأوطان والأمم بالمبدعين من أبنائها مسالة غاية في الإيجابية، إلا أن المصدر الرئيس للافتخار بالمبدعين وتقديمهم والتعريف بهم وتصدير أسمائهم وهوياتهم لباقي المجتمعات والأوطان والأمم هو أنهم ساهموا مساهمة مباشرة، عبر إبداعاتهم إنجازاتهم واختراعاتهم في مختلف العلوم والمجالات، بسمو حضارتهم وما تحويه من قيم ومبادئ إبداعية على باقي الحضارات، وتقدم مجتمعاتهم وما تشهده من نهضة وتنمية وتطور على باقي المجتمعات، وتطور مؤسساتهم الوطنية في مختلف المجالات الفكرية والأدبية والعلمية على باقي المؤسسات الوطنية في المجتمعات الأخرى، بالإضافة للتسويق العظيم الذي قاموا به، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال إبداعاتهم للحضارة والثقافة التي ينتمون إليها حتى تمكنت من السيادة على باقي الحضارات والثقافات بما أبدعته عقولهم من أفكار وثقافات وعلوم. نعم، إن افتخار المجتمعات والأوطان والأمم بالمبدعين يأتي من افتخارهم بحضارتهم وثقافتهم التي انتشرت بسبب إبداعات مبدعيهم، وينطلق من افتخارهم بصناعاتهم وتقنياتهم التي ساهمت مساهمة عظيمة بتطور الحياة البشرية وتحقيق الرفاه والرخاء للإنسان في مختلف المجتمعات والأوطان والأمم. فإذا أدركنا هذه الحقائق العظيمة التي هي في الأساس مُسلمات ثابته لدى المجتمعات والأوطان والأمم المتقدمة والصناعية، فإننا ندرك الأهمية العظيمة للافتخار بالمبدعين وأصحاب الإنجازات في مختلف المجالات والعلوم، وفي مختلف العصور القديمة والقريبة والحاضرة. نعم، إن أمتنا وحضارتنا وثقافتنا الإسلامية، مثلها مثل باقي الأمم والحضارات والثقافات، أنتجت مبدعين ومتميزين، في مختلف العصور القديمة والقريبة والحاضرة، حتى أنهم ساهموا مساهمة عظيمة في تطور الحياة البشرية، إلا أن معرفتنا بهؤلاء المبدعين تقتصر على الماضي البعيد، ولا يُعلم عنهم الكثير في عصرنا القريب والحاضر. وإن مجتمعاتنا العربية، مثلها مثل باقي المجتمعات، أنتجت وصدَّرت مبدعين ومتميزين، في مختلف العصور القديمة والقريبة والحاضرة، حتى أنهم ساهموا مساهمة عظيمة في تقدم الإنسانية في مختلف العلوم والمجالات، إلا أن معرفتنا بهؤلاء المبدعين والمتميزين تتوقف عند العصور القديمة وتقتصر على مجالات محدودة، ولا يُسمى مبدع أو يُشار لمتميز في العصر القريب والحاضر إلا عندما يتواجد في المجتمعات المُتقدمة والصناعية. وإن وطننا العظيم - المملكة العربية السعودية - أنتج مبدعين ومتميزين في مختلف المجالات الفكرية والأدبية والثقافية والفنية، ومختلف العلوم الطبيعية والصحية والعلمية والزراعية، ومختلف التقنيات المتقدمة والتكنولوجية، وغيرها من مجالات إبداعية، ساهموا من خلالها بتطوير وتنمية مجتمعهم، وتقدم ورُقي وطنهم، وخدمت بفخر وسمو حضارتهم وثقافتهم، حتى أصبح وطنهم في الصفوف الأولى دولياً وعالمياً، إلا أن معرفتنا بهؤلاء المبدعين والمتميزين من أبناء الوطن محدودة، والتعريف بهم وتقديمهم للأجيال الحاضرة والمستقبلية مسألة غير معلومة. نعم، قد تكون الإشارة للمبدعين من أبناء الحضارة الإسلامية مسألة مهمة لإظهار تقدم الحضارة الإسلامية، إلا أن المسؤولية في ذلك تقع على عموم المسلمين في العالم. وقد تكون الإشارة للمبدعين من أبناء المجتمعات العربية مسألة مهمة لإظهار قدرة ومساهمة العرب في تطور الحياة البشرية، إلا ان المسؤولية في ذلك تقع على عموم المجتمعات العربية. أما الإشارة للمبدعين من أبناء الوطن - المملكة العربية السعودية - فإنها مسالة غاية في الأهمية لتعريف الأجيال المستقبلية، والمجتمع الدولي عموماً، بتميز أبناء الوطن، ومساهماتهم الكبيرة بخدمة وطنهم بالشكل والأسلوب والطريقة الصحيحة، ولإظهار المستويات المتقدمة التي وصلت لها مؤسسات الوطن التي ساهمت مساهمة مباشرة في إنتاج مبدعين ومتميزين يخدمون، بأفكارهم البناءة، وطنهم خاصةً، والمجتمع الإنساني عموماً، والمسؤولية في ذلك تقع على المؤسسات التعليمية لتتعرف الأجيال على المبدعين من أبناء وطنهم ليسيروا على دروب التفوق والنجاح، والمؤسسات الإعلامية لتُظهر إبداعات أبناء الوطن، وتُعرضها عبر وسائلها، لتصل تلك الإبداعات لأبناء الوطن وتتعداه للمجتمعات والأمم الأخرى، والمؤسسات الفنية لتُظهر، عبر أساليبها وطرقها المختلفة والابداعية، شخصيات المبدعين من أبناء الوطن بأسلوب راقي، وطريقة جاذبة للأجيال الناشئة لتتشجع بالسير على خطى من سبقهم من المبدعين من أبناء وطنهم العظيم. وفي الختام من الأهمية القول إنه من الواجب تعريف الأجيال الحاضرة والمستقبلية بالمُبدعين من أبناء الوطن في مختلف المجالات لإظهار قدراتهم الإبداعية، وتأكيد تقدم وتطور مؤسسات وطنهم التعليمية والفكرية، وليكونوا نماذج بناءة يُحتذى بها فكرياً وأدبياً وعلمياً. نعم، إن من حق الأجيال أن تتعرف على المُبدعين من أبناء وطنهم في مختلف المجالات والعلوم، وبمساهماتهم الفكرية والأدبية والعلمية العظيمة، بدلاً من أن نتجاوزهم لحساب المبدعين من أبناء المجتمعات والحضارات الأخرى. نعم، إنه الأصل الذي تعمل عليه المجتمعات والأوطان والأمم حيث التعريف بالمبدعين يساهم بتعزيز الهوية الوطنية وقيمها ومبادئها، ويُعلي من شأن المجتمع، أو الحضارة، أو الثقافة، أو الأمة، على سواها من المجتمعات والحضارات والثقافات والأمم.