قال الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، تقوم المملكة العربية السعودية على ركائز إسلامية صحيحة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا تحيد عنها ولا تميل، فها هي الآن تستعد بقوى هائلة وإمدادات ضخمة وجهود جبارة لاستضافة الحجاج من جميع أقطار الأرض حيث إنهم يأتون من جميع الدول الآلاف بل والملايين لتأدية هذه الفريضة العظيمة والتي تقوم بها السعودية لخدمتهم ورعايتهم وتكريس جهدهم ممثلاً بالجنود الأبطال والجهات الحكومية والمؤسسات الوطنية والقطاعات الخاصة والمواطنون لخدمة هؤلاء الضيوف، فتجارتنا مع الله أولاً، ثم مع واجبنا الذي يمثل هويتنا الوطنية في خدمة الدولة والوطن والمواطن وضيوف الرحمن، وتتواصل كافة الجهود في تجهيز المواقيت والطرق والمسكن والمساجد والأنشطة التوعوية الإسلامية بالحج والتي تستهدف الحجاج الأجانب لتثقيفهم وتوعيتهم على مدار الساعة. نعم فقد هبت نسائم الحج، وهبت نفحات خامس أركان الدين الإسلامي العظيم، وهبت حسناتٌ عظام من اغتنمها فقد فاز ومن ضيعها فقد خسر الأجر والثواب، إنه حج بيت الله الحرام، وخامس أركان الإسلام، إنه الذهاب إلى مكةالمكرمة وتأدية المناسك العظيمة التي شرّعها وبينها لنا الدين الإسلامي الحنيف، فمنذ أن بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين جاء معه الكثير من الفروض الواجب تأديتها على المسلمين، فقد فرض الله تعالى الحج علي المسلمين في العام التاسع من الهجرة، وكان أول عام يحجون فيه هو العام العاشر من الهجرة حين ألقى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - الخطبة الشهيرة وهي خطبة الوداع في يوم عرفة من هذا العام الذي أوضح فيها كل شيء عن مناسك الحج، فقد جاء في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة،وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)، حيث يعتبر الحج الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة، والتي لا يكمل إسلام المسلم من بها. إن أهميّة الحج تكمن في كونه مؤتمراً ضخماً يجمع المسلمين من شتّى بقاع الأرض، ويساعدهم في تعزيز روح الصبر وتحمل المشاق في نفوسهم، وذلك لأن الحج يحتاج مجهوداً بدنياً كبيراً، كما وأنه يعوّد المؤمن الحاج على البذل والعطاء والتضحية والتفاني وغرس قيمة الكرم، كما ويكرّس الحج مبدأ المساواة بين الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم، لأنّ الحج يجمع الناس من كافة الجنسيات والعروق، فلا فرق بين أعجمي ولا عربي إلا بالتقوى لقوله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) أي من كل البقاع على اختلاف الجنسيات والعروق، بل ويساعد الحج في مغفرة الذنوب والخطايا، وهو فرصة مفتوحة لباب التوبه والإقلاع عن الذنوب، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة).