تتعلق برحلة حياة مستمرة، فنحن نتغير وننمو ونتطور على مر الزمان، ويجب علينا أن نكون منفتحين لاستكشاف حالاتنا الذاتية بصدر رحب وتقبّل، وأن نبني على الصفات الإيجابية والقوة الداخلية التي تحددنا كأفراد فريدين، وأن نحترم ونقدر حالات الذات للآخرين أيضًا، فالتفهم والتسامح والتعاطف هي سمات تساهم في بناء علاقات صحية وإيجابية في المجتمع.. حالات الذات Self-states هي مصطلح يُشير إلى الاختلافات والتغيرات التي يمر بها الفرد في تصور الذات والسلوك والتجربة الشخصية، وتعتبر أشكالًا مختلفة من الوعي والتصوّر الذاتي يمكن للفرد أن يتبناها في مواقف وظروف مختلفة، وتتأثر بالمزاج والعواطف والتفكير والتفاعلات الاجتماعية والخلفية الثقافية، وهي التي يظهر فيها الفرد بصورة مستقلة ومميزة عن المجتمع المحيط به. وتعتبر هذه الحالات جزءًا من تطور الهوية الشخصية للفرد وتعكس تميزه الفردي واستقلاليته، حيث يتميز الفرد عن المجتمع بمهارات أو مواهب فريدة، فلديه موهبة فنية أو رياضية أو قدرات تقنية استثنائية تميزه وتجعله يبرز عن الآخرين، والفرد لديه رؤية وأهداف خاصة به تميزه عن المجتمع، ولديه رؤية فريدة للعالم أو يسعى لتحقيق أهداف شخصية تميزه عن الأفراد الآخرين، وكذلك يميز الفرد عن المجتمع من خلال اعتقاداته وقيمه الشخصية، ويحمل معتقدات فريدة أو رؤية مختلفة عن المجتمع المحيط به ويتبنى قيمًا تميزه وتميز تصرفاته ومواقفه. حالات الذات تلعب دورًا مهمًا في تطور الفرد وتشكيل هويته الشخصية؛ فعندما يكون للفرد حالات ذاتية مستقلة ويميز نفسه عن المجتمع يتعزز لديه الشعور بالثقة بالنفس، ويدرك أن لديه مهارات وقدرات خاصة وأنه يستحق التميز والاحترام، وهذا يساهم في تعزيز ثقته بنفسه وقدرته على تحقيق النجاح والتأثير الإيجابي، وتشجع الفرد على التفكير الذاتي واتخاذ القرارات المستقلة، ويكون أكثر قدرة على تحديد مساره الخاص واتخاذ القرارات التي تتناسب مع رؤيته وأهدافه الشخصية، بدلاً من الاعتماد فقط على توجهات المجتمع، عندها يكون أكثر قدرة على التفكير الإبداعي وتوليد أفكار جديدة ومبتكرة، ويشعر بالحرية في التعبير عن نفسه وتجسيد أفكاره الخاصة، مما يساهم في تنمية قدراته الإبداعية والابتكارية. هناك حالات للذات يمكن للفرد تجربتها؛ فيمكن للفرد أن يبدأ مشروعًا خاصًا به، سواء كان ذلك في مجال الأعمال التجارية أو الفن أو التقنية، ويمكنه تحديد رؤيته الخاصة واتخاذ القرارات المستقلة بشأن كيفية تنفيذ المشروع وتحقيق النجاح، ويمكن أن يخوض تجربة السفر بمفرده، حيث يختار وجهته ويخطط لرحلته ويتعامل مع التحديات التي قد تنشأ خلال الرحلة، يتيح له ذلك فرصة استكشاف العالم والتفاعل مع ثقافات مختلفة بطريقة مستقلة، ويمكن أن يتخذ قرارات حاسمة في حياته، مثل تغيير مسار مهني، الانتقال إلى مدينة جديدة، اتخاذ قرارات صحية مهمة، أو تحقيق رغبات شخصية كبيرة، ويكون له حرية الاختيار والمسؤولية عن تلك القرارات. يمكن للفرد أن يتجرد من الذات ويعيش حالة الانغماس في مهمة أو نشاط معين، ويعرف هذه الحالة بالتدرك الذهني، بالمقابل يمكن للفرد أن يعيش حالة الانصراف عن الذات والاندماج في الآخرين، ويُعرف هذا بالانصهار الاجتماعي، قد يتبنى أيضًا حالات ذاتية متعددة في سياقات مختلفة، مثل الحالة العملية والحالة العائلية والحالة الاجتماعية، التي تعكس تعددية وتعقيد الشخصية البشرية وتساعد في فهم تفاعلات الفرد مع العالم والآخرين، ويمكن تجربة العديد من حالات الذات بناءً على اهتماماته وأهدافه الشخصية، والاستقلالية والتفرد يمكن أن تتجلى بطرق متعددة، وأهم شيء هو أن يتبع الفرد شغفه ويعبر عن هويته. حالات الذات هي موضوع شائع ومعقد يستحق الاهتمام والتأمل، ومن خلال استكشاف حالات الذات، ندخل في رحلة داخلية تهدف إلى فهمنا الأعمق لمن نحن وكيف نتفاعل مع العالم من حولنا، ويمكن أن تكون حالات الذات تجارب شخصية، وتأملات عميقة في الهوية الشخصية، ومساحة للنمو والتطور، ومن خلال دراسة حالات الذات، ندرك أن الهوية الشخصية ليست شيئًا ثابتًا وثابتًا، بل هي متغيرة وقابلة للتطور، تتأثر بتجاربنا وعلاقاتنا وظروفنا الحياتية، وقد تختلف تبعًا للزمان والمكان والثقافة، فنحن نتشكل ونتطور من خلال التفاعلات الاجتماعية والثقافية، وتأثير الآخرين على حياتنا يلعب دورًا مهمًا في تشكيل حالاتنا الذاتية، وإن استكشاف حالات الذات يفتح الباب أمام فهم أعمق لقيمنا ومعتقداتنا ورغباتنا وأهدافنا، وأن تساعدنا هذه الاستكشافات على تحقيق النمو الشخصي والتطور المستدام، وتعزز وعينا الذاتي ورفاهيتنا العامة. في النهاية، يجب علينا أن نتذكر أن حالات الذات تتعلق برحلة حياة مستمرة، فنحن نتغير وننمو ونتطور على مر الزمان، ويجب علينا أن نكون منفتحين لاستكشاف حالاتنا الذاتية بصدر رحب وتقبل، وأن نبني على الصفات الإيجابية والقوة الداخلية التي تحددنا كأفراد فريدين، وأن نحترم ونقدر حالات الذات للآخرين أيضًا، فالتفهم والتسامح والتعاطف هي سمات تساهم في بناء علاقات صحية وإيجابية في المجتمع.. تقول (ماريا بوبوفا): تذكر دائمًا أنك لست مجرد ذات واحدة، بل إنك مجموعة من الأشخاص الذين يتطورون وينمون مع مرور الزمن.