يُحكى أن مزارعاً يمتلك مزرعة تطل على ساحل البحر، كان يعلن بشكل متواصل عن حاجته لتوظيف مزارع شاب في مقتبل العمر يساعده على حرث الأرض وتربية الدواجن، ولكن كل من يتقدم بطلب العمل في المزرعة سرعان ما يترك العمل خوفاً من العواصف القوية التي كانت تضرب ساحل البحر وتعيث الفساد في الحظائر والمحاصيل. وذات يوم، تقدم شاب قصير القامة صغير البنية للعمل في المزرعة، فسأله صاحب المزرعة: "هل تجيد العمل في الزراعة وتربية الدواجن"؟ فأجاب الشاب: "نعم، فأنا أستطيع النوم أثناء العاصفة". أصيب المزارع بدهشة وحيرة من أمره لعدم تمكنه من فهم وتفسير المقصود بإجابة الشاب، ولكنه كان في أمسِّ الحاجة للمساعدة في عمل المزرعة مما اضطره إلى توظيف الشاب. وفي غضون أيام، أثبت الشاب كفاءته في جميع نواحي العمل في المزرعة، حيث كان دؤوباً في عمله من الفجر وحتى الغسق، وكان صاحب المزرعة راضٍ عن مستوى عمل الشاب وسعيداً باجتهاده. وفي يومٍ ما، هبت ريح عاصفة وقوية أيقظت صاحب المزرعة وزوجته في منتصف الليل. قفز المزارع من فراشه ممسكاً بفانوس للإنارة وهرع مسرعاً إلى الكوخ المجاور حيث ينام الشاب فوجده ما زال يغط في نوم عميق. أيقظ صاحب المزارع الشاب صارخاً: "انهض! العاصفة قادمة! اربط الأدوات والمعدات بإحكام قبل أن تتطاير"! فأجاب الشاب بكل هدوء: "لا حاجة لذلك يا سيدي. لقد قلت لك سابقاً بأنني أستطيع النوم أثناء العاصفة" والتحف فراشه مواصلاً النوم ومتجاهلاً أوامر صاحب المزرعة! حينها غضب المزارع بشدة وكاد أن يطرد الشاب لولا انشغال تفكيره بالعاصفة القادمة والمسارعة بالتحضير لها من خلال تفقد ممتلكاته والتحقق من أن كل الدواجن والمعدات آمنة. ولكن لدهشته، وجد صاحب المزرعة بأن أكوام القش مغطاة بالقماش المُشمَّع، والبقر مربوط ونائم بسلام في الحظيرة، والدجاج محفوظ بأمان في أقفاصه، والأدوات الزراعية موضوعة بإحكام في المخزن. كما وجد أن الجرار قد تم إيقافه بأمان في المرأب، وأن جميع الأبواب قد تم إقفالها بشكل آمن. كما لاحظ أن عدد كافٍ من جذوع الأشجار وُضعت بجوار الموقد لاستخدامها في التدفئة. كل الخيام كانت مربوطة بإحكام ولا خوف من تطايرها أثناء العاصفة. حينها أدرك صاحب المزرعة معنى ما قاله الشاب "أستطيع النوم أثناء العاصفة " وعاد إلى فراشه للنوم بكل طمأنينة في حين كانت الرياح تعصف في الخارج. يتوجب عليك أن تكون مستعداً دائماً للمشكلة قبل حدوثها ولا تنتظر حدوثها حتى تبحث عن الحلول. "لماذا لم نلاحظ هذه المشكلة ونستعد لها مسبقاً"؟ هذا هو السؤال الذي لا ترغب في أن تسأله مطلقا إذا كنت مديراً أو يتم سؤالك إذا كنت موظفاً. من الصعب تجنب الأزمات المفاجئة التي قد تعصف بأي مؤسسة من حين إلى آخر. لذا يتوجب عليك دوماً العمل بإخلاص وأمانة عندما تكون السماء صافية في بيئة عملك وذلك تحسُباً واستعداداً لما قد تهب من عواصف. لا تنتظر العاصفة، واستغل وقت فراغك في الإعداد للمستقبل وتقلبات الظروف. في إحدى مقالاً مجلة هارفارد للأعمال أوضح الكاتب أن أحد أهم الأمور الواجب على أي مؤسسة أو فريق عمل وضعها مُسبقاً لتجنب أو مواجهة مثل هذه العواصف - أو الأزمات – في الأعمال والحياة هو إيجاد نظام إنذار مُبكر ومتطور لتوقع أوضاع مستقبلية محددة قد تؤثر إيجاباً أو سلباً في وضع الخطط الاستراتيجية والاستثمارية والتنموية الطويلة الأمد. عملية التوقع هذه تتم عن طريق تحليل مجموعة من السيناريوهات المُحتمل حدوثها مستقبلاً، ومن ثم وضع فريق عمل على أهبة الاستعداد ويتابع المؤشرات التي توضح احتمالية حدوث مثل هذه السيناريوهات. يقول بنجامين فرانكلين، السياسي، وأحد أبرز المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية: "فشلك في الاستعداد إنما هو استعدادك للفشل".