هناك عدة عوامل رئيسة تؤثر في سلوك الجمهور، منها التأثيرات الاجتماعية والنفسية؛ حيث يميل المشجع خصوصاً المراهق للتفاعل والتأثر بالمجموعة، وخاصة الأصدقاء، فيبحث عن الهوية والانتماء إلى المجموعات ويمارس درجة عالية من الاندفاع والعاطفية في التعاطي مع الآخر والرد عليه أحياناً رغبة في التميز والتفوق.. لا شك أن وسائل الإعلام ومنصات التواصل لها دور كبير في تحفيز الجماهير الرياضية بشكل خاص على المتابعة والتفاعل مع الأحداث الرياضية من خلال مجريات العملية الاتصالية والتواصلية التي يتم بها معالجة الأخبار ونشرها، وصناعة المحتوى سواء عبر النصوص، أو المقاطع، أو الصور، أو الرسوم والرموز. وتؤثر طبيعة ونوعية واتجاهات المضامين الإعلامية والمحتوى الرياضي المقدَّم سواء في البرامج الرياضية في وسائل الإعلام أو المواد المنشورة في الوسائل التواصلية بكثافة على مستوى تفاعل الجماهير، وتشكيل قناعاتهم حيث تعمل تلك الوسائل والمنصات على تفعيل تقنيات النقل، والنشر، والإبراز، والتكرار، والتأطير، والتحليل الفني. وتبرز حقيقة مهمة في ضوء مستجدات ومنتجات الإعلام الجديد والوسائل التواصلية في مسألة أن الجمهور يمارس دورًا فاعلاً في التفاعل مع المحتوى الرياضي تتمثل بشدة في الدوافع التشاركية بالتعليقات والنقاشات والانضمام للمساحات والبثوث الخاصة في الوسائل التواصلية مما جعل ذلك مؤثرًا على أسلوب وخيارات تقديم المحتوى الإعلامي والتواصلي. وهذا يجسد حالة العلاقة التفاعلية بين وسائل الإعلام والتواصل والجمهور الرياضي، فكل منهما يؤثر في الآخر فيقوم الإعلام ومعه الوسائل التواصلية بتشكيل اتجاهات الجمهور وميوله الرياضية، بينما يؤثر الجمهور في دفع وسائل الإعلام لتطوير آليات التغطية والتقديم لتلبية احتياجات الجمهور، ودفع مستخدمي الوسائل التواصلية للتشارك الحر أو الانتقائي. والواقع أن الجمهور الرياضي عموماً يتنوع باختلاف حالته العامة أو الخاصة، وطبيعته الشخصية وسماته، ووظيفته، واتجاهاته، ونشاطه وسلوكه الاتصالي، واحتياجاته واهتماماته وتوقعاته وغاياته فمن حيث حالته هناك جمهور عام يهتم بالاطلاع والمعرفة والمتابعة وهناك جمهور خاص بحسب مجال معين ومنه المجال الرياضي، وبحسب طبيعته هناك العميق والناقد والسطحي والبسيط، وبحسب الغاية والهدف هناك جمهور معرفي حيث يتلقى لأجل الحصول على المعلومة والأخبار ومتابعة الأحداث لأجل المواكبة والعلم بما يحدث ويتوقف عند ذلك وهناك جمهور عاطفي حيث يتفاعل مع فريقه المفضل ليسد إشباعاته الوجدانية، ويكون مع الوقت والتكرار وعدم الثبات النفسي والضبط العاطفي أكثر عرضة للتعصب والانحياز. وهناك جمهور تشاركي عملي وهو متحيز بشدة ويكون فعّالاً لمحاولة إشباع رغبة المساهمة في دعم فريقه عملياً ولا يشعر بالرضا إلا بالفعل والقول والتشجيع المباشر. وانطلاقاً من مكونات النموذج الاتصالي المبني على المرسل والوسيلة والرسالة والمستقبل يتنوع الجمهور فبحسب المرسل هناك جمهور مرغوب لديه لتكثيف محتوى ومواد إعلامية معينة. وبحسب الوسيلة هناك جهور مستهدف ومحدد أو جمهور عام لتمرير الإعلان أو الأجندات الخاصة بالوسيلة لمحاولة جذبهم وتشكيل اتجاهاتهم وبحسب الرسالة هناك جمهور يتم تصميم رسائل أو محتوى معين وخاص للتأثير عليه. وبحسب المستقبِل يتنوع الجمهور المتلقي بين نشط ثنائي الاتجاه وهم المتفاعلون مع المحتوى الإعلامي والتواصلي وبشكل مباشر عبر التلقي الدقيق والصدامي والجدلي ولا يقبل بما يطرح أو ينشر بسهولة؛ كذلك لديه نشاط في النقد والرد والنقاش والرفض والقبول والتعليقات والمشاركات. ويشاركون في إنتاج المحتوى كمرسلين. ومن حيث التلقي أيضاً هناك جمهور نشط يتلقى بكثافة ويشارك بقوة، ويتحيز بشدة، وهناك جمهور محايد ليس لديه تحيز واضح يتلقى الكثير لكن لا يتشكل له رأي معين ويقبل بكل ما هو مطروح بلا فرز ونقد، ثم هناك الجمهور السلبي وهو الذي لا يداوم على التلقي وينتقي ولا يتفاعل وينخرط في جدل، وينظر للمحتوى الرياضي أو غيره باعتباره مصدر ترفيه وتسلية. والحقيقة أن هناك عدة عوامل رئيسة تؤثر في سلوك الجمهور، منها التأثيرات الاجتماعية والنفسية؛ حيث يميل المشجع خصوصاً المراهق للتفاعل والتأثر بالمجموعة، وخاصة الأصدقاء فيبحث عن الهوية والانتماء إلى المجموعات ويمارس درجة عالية من الاندفاع والعاطفية في التعاطي مع الآخر والرد عليه أحياناً رغبة في التميز والتفوق. ومنها أيضاً الضغوط والتحفيزات العاطفية كالإفراط في الحماس والشغف الساخن تجاه فريقه المفضل رغبة في إظهار الولاء والدعم وإشعار ذاته أنه فاعل وغير مقصر. وبالإضافة إلى قلة الوعي، وهزيمة العقل باتباعه وتأثره بغيره، وتعزز انتصار الذات باطنياً مما يجعله غير قادر على ضبط نفسه والتحكم بانفعالاته، وحساب العواقب. وزد على ذلك غياب الرقابة والتوجيه، وغياب نظام واضح للمحاسبة والعقوبات على السلوكيات السلبية، وعدم وجود برامج تثقيفية وتدريبية لتأهيل المراهقين. ويبقى القول: إن فهم هذه الأنواع المختلفة للجماهير والتأثيرات السلوكية التي يتبعها قد تساعد الجهات المسؤولة في مراجعة البرامج والخطط الموضوعة لمكافحة التعصب الرياضي المقيت ومراقبة ومحاسبة وسائل الإعلام والتواصل المؤثرة سلباً على المشهد الرياضي وجماهيره.