تعد حوكمة الذكاء الاصطناعي من أهم القضايا التقنية التي تشغل بال الحكومات والمشرعين حول العالم، مع التقدم المتسارع في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري وضع إطار تنظيمي يضمن استخدام هذه التقنيات بشكل آمن ومسؤول، ويحمي حقوق الأفراد والمجتمعات. في الاتحاد الأوروبي، تم اعتماد قانون الذكاء الاصطناعي (Ai Act)، وهو أول قانون شامل على مستوى العالم لتنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتطلب هذا القانون من الشركات أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية تطوير نماذجها، ويشدد على ضرورة تدريب واختبار الأنظمة عالية المخاطر ببيانات تمثيلية لتقليل التحيزات. يتوجب على الشركات المطورة للنماذج الأساسية، مثل GPT- 4، الامتثال للقانون في غضون عام من دخوله حيز التنفيذ، بينما تُمنح الشركات الأخرى مهلة سنتين للتكيف مع المتطلبات الجديدة. يهدف القانون أيضًا إلى ضمان أن تكون الأنظمة آمنة وتقليل المخاطر النظامية التي قد تنشأ عن استخدام الذكاء الاصطناعي. في المملكة المتحدة، أصدرت هيئة مفوضية المعلومات استراتيجيتها لحوكمة الذكاء الاصطناعي، والتي تركز على تبني نهج عملي يركز على إدارة المخاطر. تسعى الهيئة إلى دعم الابتكار مع التأكيد على ضرورة إدارة المخاطر المرتبطة باستخدام البيانات الشخصية في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي. تشمل الاستراتيجية مبادرات للتدقيق الطوعي ومشاريع التجربة التنظيمية لاستكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع ضمان الامتثال لحماية البيانات. أما في الصين، تعمل الحكومة على تنظيم الذكاء الاصطناعي من خلال مجموعة من التشريعات الفرعية التي تستهدف تطبيقات محددة مثل خدمات التوصية الخوارزمية والتزييف العميق. تعكف الصين أيضًا على تطوير قانون شامل للذكاء الاصطناعي يتوقع أن يكون له تأثير كبير على تنظيم التقنية في البلاد، مما سيجعل الشركات تخضع لتقييمات دورية للتأكد من أمان نماذجها وامتثالها للقوانين. في الولاياتالمتحدة، أصدرت وكالة حماية الخصوصية في كاليفورنيا مسودة تنظيمية لتقنية اتخاذ القرارات الآلية تحت قانون حماية الخصوصية في كاليفورنيا، ومن المتوقع بدء العملية التنظيمية الرسمية في عام 2024. كما اقترحت لجنة الأوراق المالية والبورصات قواعد جديدة لمعالجة تضارب المصالح الناتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل وسطاء الأسهم والمستشارين الاستثماريين حيث تهدف هذه القواعد إلى ضمان أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم المشورة الاستثمارية وتنفيذ الصفقات لا يؤدي إلى ممارسات غير عادلة أو متحيزة. تعكس هذه التطورات الجهود العالمية لضمان استخدام آمن ومسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز الثقة في التقنية ويساعد في حماية حقوق الأفراد والمجتمعات، يتضح من هذه السياسات المتبعة أن الدول تسعى جاهدة لوضع أطر تنظيمية فعالة تدعم الابتكار وتحد من المخاطر المرتبطة بالتطور التقني السريع. د. عدي بن محمد الحضيف