مرَّ حوالي خمسة عشر عامًا منذ أن آثر سمو الأمير عبدالعزيز بن عيًّاف الترجُّل عن قيادته لأمانة منطقة الرياض التي حظيت بها المنطقة لخمسة عشر عامًا، في الفترة من 1418 إلى 1433ه (1997م - 2012م)، وكتبتُ وقتها مقالة في جريدة "الرياض" بتاريخ السبت 27 جمادي الآخر 1430ه بعنوان "الأمين علامة فارقة" ذكرت فيها أنَّ "الرياض تستحق وقد أصبحت لها علامةٌ فارقةٌ في مسيرتها هي سمو الأمين الذي استطاع أن يُحسن صنع تلك العلامة حتى لا تبقى المدينة كبعض المدن إن سُئل عن علامتها الفارقة.. كانت الإجابة: بدون". غادر ابن عيَّاف، وهو إحدى مآثر سلمان بن عبدالعزيز، الأمانة ولم يغادر ذكره الطيَّب وأثره المستمر، ومازال الحديث عنه وعن مرحلته يدور حين الإشارة إلى بعض سبْق أمانة منطقة الرياض في تقديم مبادراتٍ أصبحت الآن جزءًا من النهج التنموي الوطني، لعلَّ من أبرزها برنامج الأنسنة الشامل وتطوير التمويل البلديِّ والإدارة البلديَّة في إطار عملٍ تجاوز التقليديَّة حتى كاد أن يصبح منهجًا يُحتذى في تنمية المدن وإدارتها كان أبرز سماته تغيير الصورة الذهنيَّة عن الأمانات والبلديَّات، والاصطفاف الصَّادق مع المواطن. كان انتهاء مرحلته والأمانة نقطة انطلاقٍ جديدة، استمرَّ فيها في عطائه بمنهجه الشَّخصيِّ والعملي، فاشرأبَّت جامعة الأمير سلطان مزيدًا وأصبحت علامة أيقونيَّةً في التعليم الجامعيِّ يميِّزها حرصه بتوجيهه على الرُّقي محتوىً ومستوىً لتصطفَّ إلى مدارٍ عالمي. كما أخذت مؤسسة الرياض للعلوم مسارًا تفعيليًّا ستظهر آثاره، وإن بدت إحداها بمشاركتها في تطوير واحة الملك سلمان للعلوم. واستمر الأمير ابن عيَّاف في العمل الخيريِّ عبر رئاسته مجلس إدارة جمعيَّة الملك سلمان للإسكان الخيري، ونيابته لرئاسة مجلس الإدارة، ورئاسة اللجنة التنفيذيَّة لجمعية البرِّ بمنطقة الرِّياض، وعضويَّته في مجلس إدارة جمعية ابن باز للتنمية الأسريَّة، أمَّا في مجال التنمية، فقد حظي بثقة سموِّ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بتشريفه بالمشاركة في عضوية في عددٍ من مجالس إدارة هيئاتٍ وشركاتٍ حكوميَّة منها مشروع مدينة نيوم، مشروع القدِّيَّة، شركة تطوير وسط مدينة الرِّياض، مشروع المربع الجديد، هيئة تطوير بوابة الدِّرعيَّة، شركة بوابة الدرعية، وشركة روشن. وجد ابن عيَّاف أن تجربته تستحقُّ الحديث عنها توثيقًا وتعريفًا فأصدر كتبًا عن الأنسنة وبرامجها، وعن تحدِّيات الإدارة المحليَّة والعمل البلدي، وعن سدِّ الفجوة بين النظريَّة والتخطيط في نظام التخطيط البلديِّ السعودي. كما ساهم بدورٍ فكريٍ في مقالاتٍ عديدة عن التنمية والعمران والمبادرة إلى إطلاق مصلح السلمانيَّة كمنهجٍ عمرانيٍ يمتدُّ إلى فكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ما فتئ ابن عياف بتقديره ووفائه، في التعريف بجهوده - حفظه الله -، وسبق إنجازاته ومنهجه الخاصِّ في الإدارة المحليَّة الذي أنشأ اعترافًا به مركز فكرٍ متخصِّصٍ ضمن منظومة مراكز البحث والفكر في جامعة الأمير سلطان. وأخيرًا ودعمًا لمؤسسة منهج الأنسنة، أنشأ جائزة الأمير عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن في كليَّة العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود، ويبرز هذا المجموع أنَّ الأمانة لم تكن استثناءً، وأنَّه علامةً فارقةً في شخصه وذاته وعمله. جاء الخبر بتشريف سموِّه بالعمل مستشارًا لخادم الحرمين الشريفين، وبتكليفه بالقيام بعمل نائب وزير الحرس الوطني استمرارًا للتقدير السَّامي له، والثِّقة فيما يمكنه، ولن يتخلَّى الأمير عبدالعزيز بن عياف فيما أُوكل إليه عن التطوير والابتكار والمبادرة، وتأكيد العلامة الفارقة. د. زاهر عبدالرحمن عثمان