في السادس عشر من إبريل 2024، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فعالية مهمة، كشفت أهمية قطاع السياحة في دعم اقتصاديات الدول، وأهمية تعزيز السياحة المستدامة لحماية البيئة والمجتمعات والاقتصادات المحلية مع الحفاظ على الموارد للأجيال المقبلة، وكان الملفت للنظر أن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصف السياحة بأنها محرك مهم للنمو الاقتصادي وتمكين المجتمعات، إلا أن هذا القطاع يواجه مشكلات كبيرة، مثل تغير المناخ، والأوبئة، وأعمال الإرهاب، وعدم الاستقرار السياسي الداخلي. لم يكن ما تقدم سوى تقديم لشخصية مهمة لتدلي برأيها في هذا الشأن، هذه الشخصية هي رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة الأممالمتحدة للسياحة وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، الذي تحدث عن التعاون بين المنظمة والمملكة في إطلاق عدد من المبادرات لتعزيز تمثيل السفر والسياحة في المحافل الدولية. إن أهمية قطاع السياحة تكمن في توظيف هذا النشاط الاقتصادي ل 10 % من سكان الأرض، ويدعم 130 مليون شخص حول العالم، لذلك رأينا اهتمام المملكة بالسياحة، حيث أصبحت واحدة من أهم الوجهات السياحية الواعدة والأكثر جذبا للسياح على مستوى العالم، فقد تصدرت قائمة الأممالمتحدة للسياحة العالمية في نمو عدد السياح الدوليين عام 2023، وهذا ما أكده الوزير أحمد الخطيب، الذي قال بأن صناعة السياحة تمثل تقريبا 10 % من الناتج الإجمالي المحلي للعالم. فالمملكة تضع اليوم ضمن أولوياتها تنمية قطاع السياحة؛ لإدراكها بأهميته ودوره الاقتصادي، وكان لنتيجة جهودها، ارتفاع نسبة النمو السياحي في المملكة إلى 55 % محققة أعلى نسبة نمو بين دول مجموعة العشرين، خاصة للسائحين الذين يأتون من الخارج، حيث أوضح للعالم أن السياحة هي جزء وعمود لرؤية المملكة 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهذه الرؤية التي تلمس كل القطاعات، حيث تمر المملكة بمرحلة تحول كبيرة، سواء في القطاع الطبي أو التعليمي أو الصناعي أو الزراعي أو السياحي، ولذلك قبل انطلاقة استراتيجية السياحة عام 2019، كانت السياحة تمثل تقريباً 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل تقريباً 3 % من الوظائف في المملكة. لقد سلطت الفعالية العالمية الضوء على واقع القطاع السياحي في المملكة، بقدر كبير من التقدير، حينما أوضحت أن من أهداف المملكة الوصول إلى 100 مليون سائح بحلول عام 2030، ونتيجة لجهودها حققت المملكة هذا الرقم الكبير (100 مليون سائح في العام) 2023م، ووصلت عدد الوظائف التي وفرها قطاع السياحة ما يقارب من مليون وظيفة. إننا أمام مرحلة جديدة خططت لها المملكة جيداً، حينما قررت ضخ استثمارات تقدر ب 800 مليار دولار، خلال السنوات العشر القادمة؛ لبناء وجهات سياحية عالمية جديدة مثل نيوم، البحر الأحمر، القدية، الدرعية، وهذه الوجهات السياحية التي تقدم للسائح العالمي تجارب جديدة وتكشف عن كنوز المملكة السياحية، المتمثلة في الثقافة والتاريخ، والمواقع الأثرية، والتراث الشعبي والحضاري. وما يدعو للفخر حقيقة أن المملكة بدأت مبكراً الاهتمام بسياحة الأعمال والمؤتمرات، إلى جانب السياحة الطبية العلاجية، والسياحة التعليمية، حيث أضحت الجامعات السعودية قِبلة لكثير من الطلاب في العديد من دول العالم، وإضافة إلى السياحة الثقافية التاريخية، توجد السياحة الرياضية، والترفيهية الساحلية والشاطئية والبحرية، حيث البحر الأحمر الذي يعد من أجمل البحار في العالم ويعد من أفضل خمس مناطق غوص في العالم. وأجمل ما أعجبني في تناول الوزير أحمد الخطيب لمفهوم السياحة الشاملة، رؤيته عن مواجهة التحديات البيئية، حيث تتأثر الشعاب المرجانية؛ نتيجة للاستخدام الخاطئ للبلاستيك أو الوقود الناتج عن السفن واليخوت، فأوضح للعالم جهود المملكة وتعاونها مع القطاع الخاص في وضع إجراءات وأنظمة وتشريعات للحفاظ على البيئة، كاشفاً أن المملكة تستخدم مواد البناء صديقة للبيئة، وكذلك المواد التي سوف تستخدم مع تشغيل الفنادق، إضافة إلى مواجهة التلوث البيئي وزيادة الرقعة الخضراء، من خلال مبادرة "السعودية الخضراء" والمحميات الوطنية التي تغطي حتى الآن تقريباً 30 % من مساحة المملكة.