هزت عاصمة إقليم نيو كاليدونيا الفرنسي في المحيط الهادئ أعمال شغب لليلة الثالثة على التوالي بعدما أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية إصلاحات انتخابية مثيرة للجدل في الإقليم والتي أثارت غضب مؤيدي الاستقلال. وذكرت تقارير أن خمسة أشخاص، بينهم رجلا شرطة، لقوا حتفهم حتى الآن في الاضطرابات، فيما أصيب مئات آخرون بجروح. وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان إن شرطيا لقي حتفه اليوم نتيجة "إطلاق نار دون قصد"، حسبما أفادت قناة "فرانس إنفو". وظل المطار الرئيسي مغلقا، وأعلنت أكبر مستشفى في الإقليم أنها تعالج الحالات الطارئة بصفة أساسية، لكن بسبب حواجز الطرق واجه العديد من المرضى مشكلات في الوصول إلى المستشفيات. ونشرت وسائل الإعلام المحلية صورا ومقاطع مصورة لمحلات السوبر ماركت ومحطات الوقود التي تعرضت للنهب والدمار. كما ترد تقارير عن حرائق يضرمها المحتجون المؤيدون للاستقلال في المتاجر ومراكز التسوق وساحات انتظار السيارات. ونقلت قناة "فرانس 2" عن دارمانان قوله إنه منذ بدء أعمال الشغب في الإقليم، تم القبض على 206 أشخاص. وأضاف أنه "تتم استعادة الهدوء"، مشيرا إلى أنه سيتم نشر رجال شرطة إضافيين في نيو كاليدونيا، كما سيتواجد الجيش أيضا لتقديم الدعم فحسب. وأوضح: "لن يكون هناك أفراد من الجيش في شوارع نيو كاليدونيا." واتهم دارمانان أذربيجان بالتدخل. ووفقا لتقارير إعلامية فرنسية، تدعم أذربيجان مؤيدي الاستقلال في نيو كاليدونيا في إطار مجموعة مبادرة باكو. وأعلنت باريس حالة الطوارئ أمس الأربعاء لمدة 12 يوما، وسط أعمال العنف في الأرخبيل الذي يعق جنوبي المحيط الهادئ. ومن شأن إعلان حالة الطوارئ أن يسهل على السلطات فرض حظر التجول والمظاهرات، ضمن إجراءات أخرى. وبدأت أعمال الشغب يوم الاثنين الماضي عندما ناقشت فرنسا مشروع قانون يمنح آلاف المواطنين الفرنسيين في الإقليم حق التصويت في الانتخابات الإقليمية. ثم وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية على مشروع القانون. وتخشى الحركة المؤيدة للاستقلال في نيو كاليدونيا من أن تؤدي هذه التعديلات إلى إضعاف النفوذ السياسي بين السكان الأصليين "كاناك". وقالت المفوضية العليا في نيو كاليدونيا إن نحو خمسة آلاف من مثيري الشغب شاركوا في الاضطرابات في منطقة نوميا الكبرى. ورغم حظر التجول، لم تتم السيطرة على الأوضاع بعد. ويمثل إقليم نيو كاليدونيا، بالنسبة لباريس، أهمية جيوسياسية، سواء من الناحية العسكرية أو بسبب مخزون النيكل الموجود فيه. واكتسب الإقليم، الذي يقع على بعد نحو 1200 كيلومتر شرق أستراليا ويبلغ عدد سكانه نحو 270 ألف نسمة، حكما ذاتيا واسعا من خلال اتفاقية نوميا. وصوت السكان لصالح البقاء جزءا من فرنسا في كل من الاستفتاءات الثلاثة على الاستقلال التي أجريت في الأعوم 2018 و2020 و2021. وقاطعت حركة الاستقلال التصويت الأخير وأعلنت أنها لن تقبل النتيجة.