يعد التوافق في بيئة العمل أمراً أساسياً لبلوغ غايات جميع أطراف العمل من موظفين وإدارة، وتتنوع أسباب شعور الموظف بعدم مقدرته على التكيّف مع بيئة العمل، وتؤثر درجات التكيّف تلك على الأداء الوظيفي، بما قد يجعل مخرجات العمل في بعض الأحيان سيئة على صعيد الجودة التي تضع مقاييسها ومعاييرها إدارة المؤسسة. وعند النظر إلى مسألة التوافق في بيئة العمل من عدمه، يتعين على الموظف فهم حاجة المؤسسة في المقام الأول إلى المحافظة على بيئة عمل صحيّة قادرة على الوصول إلى تحقيق أهداف المؤسسة الاستراتيجية. ولا يمكن بحال من الأحوال تحميل المؤسسة القدر الأكبر من المسؤولية عن عدم تكيّف الموظف مع بيئة عمله، إذ إن الغالبية العظمى من المؤسسات تتيح فرصاً متعددة للموظف للوصول إلى الإدارات العليا لعرض ما قد يعترضه من إشكالات تؤثر سلباً على وصوله إلى حالة التناغم المطلوبة بينه وبين الإدارة من جهة، ومن جهةٍ أخرى بينه وبين زملائه في العمل. وعندما تصبح عملية التوافق تلك صعبة المنال، أو مستحيلة التحقق، فعلى الموظف في هذه الحالة أخذ القرار بالانتقال إلى بيئة عمل جديدة. ومع ذلك، يبدو قرار الاستقالة أمراً ليس بهذه السهولة، إذ إن تبعات مثل هذا القرار كثيرة وعميقة على الصعيد المالي والاجتماعي، فماذا لو كان الأمر قابلاً للتحسين؟ بالدرجة الأولى يجب فهم قضية عدم التوافق مع بيئة العمل على أنها قضية شخصية بالدرجة الأولى يؤثر عليها اتجاهات التفكير، والمزاج الشخصي، وعوامل شخصية متنوعة من أهمها ضغوط الحياة، ومصاعب قد تجعل الموظف غير قادر على إحداث توازن في نظرته لبيئة العمل التي يعمل فيها بحياد وبرويّة وبحكمة. وعندما يشعر الموظف بأن بيئة العمل التي يعمل بها طاردة ولم تعد تمثل له تلك البيئة المنشودة في بداية التحاقه بوظيفته، فعليه أن يدرك أن خياراته في تحسين علاقته بتلك البيئة هي خيارات واسعة ومتعددة، ولعل عدم أخذ زمام المبادرة بتحسين بيئة عمله هو السبب الأكثر تأثيراً باتجاه بقاء الحال على ما هو عليه. وبوجهٍ عام، على الموظف فهم طبيعة كل مشكلة تواجهه في بيئة عمله على حدة، وتحديد أسباب تلك المشكلة، والتخطيط المنظم للخروج من تلك المشكلة وفق أسلوب يقوم على المنطق وإعلاء قيمة مصلحة المؤسسة، واعتماد حد أو سقف أعلى من الممكن تحمله في سبيل تحسين تلك البيئة.